الحجر المنزلي والحرائق

أحداث تطغى على احتفاليات هذه السنة

«العشور» يوجه إلى المتضررين
تحلّ عاشوراء هذه السنة وسط أحداث كثيرة ضيقت على مختلف التقاليد والعادات التي تميز هذا اليوم، فالوباء وإجراءات الحجر المنزلي والحرائق غيبت الكثير من تفاصيله، خاصة وان الكثير من العائلات في المناطق المتضررة فقدت فردا او أكثر منها، لذلك أوصت وزارة الشؤون الدينية بإعطائها زكاة عاشوراء أو «العشور» للتخفيف بعضا من آثارها عليها، وإن كانت الاحتفالات ضيقة ولكننا سنقدم للقارئ بعضا من التقاليد التي تعرفها هذه المناطق التي تحتفي بعاشوراء بكثير من الابهة وتقاليد وعادات ترسخت على مدى مئات السنين.

«النفقة» عادة مترسّخة
في الشرق الجزائري، يطلق السكان على احتفالية عاشوراء «عادة النّفقة»، إذ تواترت في أذهان السكان أنه في هذا اليوم ينتهزون الفرص لإخراج زكاة الأموال والممتلكات التي مرّ عليها الحول، للاحتفال به بشراء «القشقشة» وإعداد مختلف أنواع المأكولات، ويسمى بـ» عشاء النفقة».
ويحتفظ كثيرون في منطقة قسنطينة بعاداتهم، وخصوصا في الأحياء الشعبية كحي السويقة العريق وغيره من الأحياء التي مازالت تتشبث بتلك العادات التي من شأنها أن تدخل البهجة في قلوب العائلات.
في هذه المناسبة، يكون الطبق الرئيسي للعشاء إما «الشخشوخة باللّحم»، أو «التّريدة باللّحم» مع مختلف أنواع المقبّلات، كما تتوزع أطباق هذه الأكلات الشعبية بين الجيران من قبيل «تبادل هدية تؤلف فيما بينهم وتنزل الرحمة على قلوبهم»، بحسب المتحدثة.
وتوضح مريم بن صيّاح، في تصريح مماثل لـ»العربي» أن الأطفال غالبا ما يهتمون بـ»القشقشة وهو خليط مشكل من التين المجفف ومختلف أنواع المكسرات والشوكولاتة بأبهى الألوان».
كما يتم تقسيم «القشقشة» بين أفراد الأسرة في «جو بهيج يفرح له الكبير كما الصغير، في ما تهتم النساء بوضع الحنة للفتيات الصغار»، على اعتبار أن عاشوراء بالنسبة للكبار هو الصوم والفرح بإخراج الزكاة وإسعاد الفقراء أيضا.

كورونا يُغيّب «اللّمة»
تعكف العائلات في عديد المناطق الجزائرية على التفنّن في إحياء هذه العادات المرتبطة بيوم عاشوراء، فاللافت أنه يوم عطلة مدفوعة الأجر رسميا، كما أنه يوم فرصة لتجمّع العائلات والاحتفال بعشاء مزين بأطباق شعبية، مثلما نجدها اليوم في مناطق مثل قسنطينة وميلة والبليدة وتلمسان وتيبازة وجيجل وسكيكدة وغيرها من المدن الجزائرية. ويشتري المحتفلون كل ما لذ وطاب من أنواع المكسرات والحلوى الصناعية ليتم توزيعها على الأطفال الصغار.
ولا تزال بعض المناطق تحتفظ بعادة «احتفالية عاشوراء» بالذهاب ليلا عند الجيران والغناء وطلب الحلويات، في صورة بهية تدخل الفرح والسرور، وتخرج العائلات من روتين الأيام العادية على حدّ تعبير الكثيرين.
كما تختلف طريقة الاحتفال في هذا اليوم من منطقة لأخرى، فكل عام يختار أطفال القرية اسم شخص تدور عليه كلمات يوم عاشوراء، ويرتدي لباسا معينا ويطلق عليه اسم « شايب عاشوراء»، يقوم بتغطية رأسه حتى لا يظهر للعيان، ويحمل في يده قارورة وعصا صغيرة يضرب بها، ويمر على البيوت رفقة أترابه طلبا للحلويات، فيما تمدهم النساء بأطباق شهية.
لكن وبسبب إجراءات الحجر المنزلي اكتفى المحتفلون بهذا اليوم بعشاء ضيق لمنع انتشار العدوى، فمنذ ما يزيد عن السنة وبسبب الوباء فقدت الكثير من المناسبات الدينية جزء مهما من احتفالاتها، فهي تتأسس على اجتماع العائلة في بيت واحد ما يتعارض مع التباعد الاجتماعي.

«الوزيعة» تتأثر بنيران الغابات
يعتبر الاحتفال بيوم عاشوراء في ولايات تيزي وزو وبجاية وبرجبوعريرج بـ»اليوم المميز جدا»، فتذبح الذبائح ليتم توزيعها على كل البيوت، وخصوصا على الأرامل واليتامى والفقراء، حيث أطلق عليه سكان المنطقة بـ»الوْزيعة» أي توزيع اللحوم على الفقراء، في أكياس دون الكشف عن هويتهم.
فالاحتفالية بعاشوراء لا تقتصر على ذلك بل يتم فتح أبواب المساجد في كل قرى المدينة ليتمكن الأغنياء من وضع «العْشور» أي زكاة المال الذي مر عليه الحول، في صندوق ليتم بعدها توزيعه على الفقراء والمساكين وكل من لم يتمكن من توفير المال والمسكن للزواج.
وبالمناسبة، يتم إعداد طبق «الكسكسي باللحم» ويوزع في صحون من الحطب الضخمة على كل المساجد في المنطقة، وتعدها النساء في المنازل، وتقدمها لبيوت الله، ليتناولها المصلون وعابرو السبيل في أجواء حميمية رائعة.
واللافت أن بمثل هذه الأجواء في مناسبة عاشوراء يضرب الجزائريون عصفورين بحجر واحد فالأغنياء يلتزمون بتوزيع الزكاة التي يتمّ جمعها على الفقراء دون علم أحد، ويتكفل بها أئمة المساجد من جهة، كما أنها مناسبة تزيد التضامن بين العائلات والجيران وتعزز القيم الإنسانية.
لكن وبسبب الحرائق التي عرفها جبال تيزي وزو وبجاية سيكون الاحتفال مغيبا، بل ستوجه زكاة المال التي قدرت بـبسبع مائة وواحد و ثلاثون ألف (731000) دج، حسب ما أعلنت عنه وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف، في بيان لها الى المتضررين من الحرائق التي أتت على الأخضر واليابس حيث كانت ولاية تيزي وزو الأكثر تضررا منها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024