صرخة شعب إلى أحرار العالم

جمال أوكيلي
26 جانفي 2019

إضراب الـ ٨ أيام حلقة إستراتيجية من حلقات عمل الثورة التحريرية المحددة بدقة في بيان أول نوفمبر وتعززت أكثر في أرضية الصومام، من أجل إسماع صوت الجزائر الحرة المكافحة دوليا، والقضاء على النظام الكولونيالي المقيت، والإستيطاني البغيض.
والثورة في سنتها الـ ٣ زاد عنفوانها في الإنفتاح على أساليب المواجهة والصمود ضد الضغط العسكري الممارس على الشعب الجزائري في الأرياف والمدن، إلى درجة أدت بالقيادة آنذاك إلى رد الصاع صاعين، والإهتداء إلى مسعى لم يفكر فيه الجلاد كوست الوزير المقيم ولا السفاح ماسو، الذي “وعد” بكسر أي مبادرة ذات الإمتدادات الشعبية عندما كلف بهذه المهمة القذرة إثر منحه صلاحيات خاصة في المداهمات والإعتقالات.
وهكذا إلتقى مسؤولو لجنة التنسيق والتنفيذ في إجتماع بقلب العاصمة، للإعلان عن القرار التاريخي الذي هز أركان القيادات العسكرية الفرنسية ألا وهو الإضراب العام ولمدة ٨ أيام من ٢٨ جانفي إلى ٤ فيفري محدثا إرباكا غير مسبوق لدى الدوائر الإستعمارية.
وقد حاول الشهيد بن مهيدي إقناع الحضور بأن يكون الإضراب شهرا، في حين إقترح دحلب ٣ أيام، غير أن الإتفاق استقر على ٨  أيام، وأبلغ مسؤولو المنطقة الحرة لجنة التنسيق والتنفيذ أن المدة المقررة ستكلفهم ثمنا باهظا جراء طولها وعدم قدرة الشعب على تحمل الآثار المترتبة عنها.
ومباشرة وزعت منشورات تدعو سكان العاصمة والقصبة إلى إتخاذ كل الإحتياطات اللازمة من تخزين للمواد الغذائية الواسعة الإستهلاك، ومن جهتها سلمت لجنة التنسيق والتنفيذ مبلغا ماليا يقدر بـ ١٠ ملايين فرنك، والتكفل بكل العائلات المعوزة بضمان لها كل ما تحتاجه عن طريق الإستفادة من وصل خاص بالتموين.
هذه الترتيبات المحكمة أخلطت أوراق لاكوست وماسو إلى درجة الهذيان والجنون، ولم يجدا أمامهما سوى الحل الأمني لمحاولة التأثير على المضربين من خلال إجبارهم على فتح محلاتهم بقوة السلاح، وفي فترة وجيزة جدا وصل عدد المعتقلين ٢٣ ألف شخص و ٤ آلاف مفقود، هذه الأرقام المهولة بلغ صداها بسرعة البرق إلى هيئة الأمم المتحدة في دورتها الـ ١١، وتم إدراج القضية الجزائرية في جدول الأعمال يوم ٤ فيفري ١٩٥٧، ونوقشت يوم ١٥ فيفري من نفس السنة باستصدار لائحة تؤيد تقرير مصير الشعب الجزائري،  وتم تأجيل الدورة لمرتين متتاليتين ٦ و ٢٠ ديسمبر ١٩٥٦ إلى غاية ٢٨ جانفي ١٩٥٧.
رسالة الثورة للمجموعة الدولية، كان لها الأثر البالغ لدى القوى المحبة للسلم والعدل، في رؤية شعب عازم على نيل حقوقه السليبة وبإرادة كفاح لا تلين من أجل إسترجاع سيادته المغيبة منذ ١٨٣٠ وتعلقه بقيادته الثورية والتفافه حول  كل القرارات المناوئة للإستعمار.
هذا ما أراد إبرازه قادة الثورة آنذاك لفرنسا، ولكل من سار على دربها، واكتشفت متأخرة بأن وجودها في الجزائر لا يعدو أن يكون مسألة وقت، وهذا عندما بدأت في المطالبة بالإتصالات الأولية مع جبهة التحرير الوطني الممثل الوحيد للشعب الجزائري.
لذلك، فإن إضراب ٨ أيام يندرج في إطار استراتيجية الثورة القائمة أساسا على الإستقلال الوطني، مهما كلف ذلك من تضحيات جسام، تلاه في ١١ ديسمبر ١٩٦٠، المظاهرات التي عجلت بالإنتصار الباهر للشعب الجزائري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024