تحتضنـه الجزائر في سبتمبر القادم..الخبير هادف لـ“الشعب“:

معرض التجـارة البينية الإفريقيـة منصة الاندماج الاقتصادي الإفريقــي

خالدة بن تركي

تعزيز الإنتاج المحلي والتعاون القطاعي الإفريقي..غاية تدرك

إصلاحات هيكلية لتحسين مناخ الأعمال ورقمنة الإجراءات الجمركية والتجارية

تستعد الجزائر لاستضافة الدورة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية (IATF2025)، وذلك من 4 إلى 10 سبتمبر 2025 بقصر المعارض الصنوبر البحري، ويعد هذا الحدث الاقتصادي القاري فرصة مهمة لتعزيز الجهود نحو بناء سوق إفريقية موحدة، وتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAf)، وتقام هذه التظاهرة لأول مرة في الجزائر، ما يعكس دورها البارز في القارة وإرادتها في دعم التكامل الاقتصادي الإفريقي.

في هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف لـ»الشعب»،أنه رغم الإمكانات الهائلة التي تزخر بها القارة، لا تزال المبادلات التجارية البينية الإفريقية محدودة، حيث لا تتعدى 16 بالمائة من مجمل التجارة القارية، مقابل أكثر من 60 بالمائة في أوروبا، و50 بالمائة في آسيا، وهذا خلل يعكس هشاشة البنى التحتية، ضعف التنسيق، وتعقيد الإجراءات التجارية والجمركية بين الدول الإفريقية.
وأوضح محدثنا - في السياق - أن الاتحاد الإفريقي  يسعى من خلال أجندة 2063، إلى رفع مستوى التجارة البينية إلى 50 بالمائة بحلول عام 2045–2063، كأحد الركائز الأساسية لتحقيق التحول الاقتصادي المستدام والتكامل الإقليمي العميق، ومن هذا المنظور، يمثل المعرض أداة تنفيذية لدفع هذه الديناميكية نحو الأمام.
وأضاف المتحدث: الحدث يعد أكثر من مجرد فضاء للعرض والترويج، فهو ملتقى استراتيجي يجمع الفاعلين الاقتصاديين، الحكومات، الهيئات المالية، والمؤسسات الداعمة للاستثمار والتجارة في إفريقيا، وهو يهدف إلى تعزيز سلاسل التوريد الإفريقية، تشبيك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل التبادل المباشر بين المتعاملين الاقتصاديين دون وسطاء خارجيين.
وأفاد الخبير أن تحقيق أهداف أجندة 2063 يتطلب العمل على تجاوز العقبات القديمة التي تعيق التعاون بين الدول الإفريقية، وأكد أن تنظيم معارض مثل هذا المعرض، فرصة مهمة لتعريف المستثمرين بالفرص المتوفرة، وتشجيع الإنتاج المحلي، ودعم التعاون بين الدول الإفريقية في مجالات مثل الصناعة والفلاحة، مما يساعد في تقوية العلاقات الاقتصادية داخل القارة.
وأكد هادف أن استضافة الجزائر لهذا الحدث تشكل فرصة اقتصادية متعددة الأبعاد، ترسيخ موقع الجزائر كمركز إقليمي للتجارة الإفريقية، بفضل موقعها الجغرافي كبوابة نحو إفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا،الترويج للمنتوج الوطني وفتحه أمام أسواق جديدة في القارة، خاصة في قطاعات الفلاحة، الصناعة التحويلية، والصناعات الصيدلانية، جذب الاستثمارات والشراكات الإفريقية في قطاعات واعدة، وتسريع الإصلاحات الاقتصادية المتعلقة بالتجارة واللوجستيك، كشرط أساسي لجعل الجزائر طرفا فاعلا في تنفيذ «زليكاف.»
وقال هادف إن المعرض يندرج ضمن الجهود القارية لتحقيق اندماج اقتصادي عميق ومستدام، قائم على تبادل المنافع وتوطين القيمة المضافة داخل القارة، مشيرا إنه خطوة عملية لترجمة طموحات أجندة 2063 إلى واقع ملموس، من خلال بناء شراكات إفريقية–تضمن التنمية الاقتصادية المشتركة وتقوي السيادة الاقتصادية للقارة في مواجهة التحولات العالمية.
وبشأن جهود الجزائر لتعزيز التجارة الإفريقية البينية على المستوى المحلي، أشار الخبير إلى إصلاحات اقتصادية وهيكلية تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال، رقمنة الإجراءات الجمركية والتجارية، وتبسيط مصادر التصدير، ما يعد شرطا أساسيا لتحسين تنافسية المنتوج الجزائري على المستوى القاري، كما عرج على الجهود القائمة لتطوير البنية التحتية للنقل واللوجستيك، بما في ذلك مشاريع الطرق الوطنية الكبرى مثل الطريق العابر للصحراء (من الجزائر إلى لاغوس)، الموانئ والمنصات اللوجستية لتسهيل حركة البضائع نحو إفريقيا جنوب الصحراء، دعم الإنتاج المحلي وتشجيع الإدماج الصناعي، لتوفير منتجات قابلة للتصدير بجودة تنافسية، خصوصا في القطاعات ذات الأولوية كالفلاحة، الصناعات الغذائية، الدواء، والأجهزة الكهرومنزلية.
أما على المستوى القاري، فأشار المتحدث إلى الانخراط الفعال في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية «زليكاف»، حيث كانت الجزائر من بين أوائل الدول التي صادقت عليها، وتسعى الآن إلى تفعيلها عمليا من خلال اتفاقات تعاون ثنائية ومتعددة الأطراف، تنظيم واستضافة فعاليات إفريقية كبرى، على غرار معرض التجارة البينية الإفريقية (IATF2025)، ما يعكس التزامها بلعب دور محوري في بناء السوق الإفريقية المشتركة.
وتحدث هادف عن أهمية تعزيز التعاون جنوب–جنوب من خلال إطلاق مبادرات تجارية، استثمارية، وتكوينية مشتركة مع دول الجوار الإفريقي، لاسيما في منطقتي غرب ووسط إفريقيا، باعتبارهما شريكين طبيعيين واستراتيجيين، ويأتي هذا التوجه في إطار استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحقيق التقارب الاقتصادي، تبادل الخبرات، دعم التكامل الإقليمي، وبناء شراكات مستدامة.
وعليه، من خلال هذه المبادرات، تسعى الجزائر إلى تعزيز وجودها في السوق الإفريقية، لكنها لا تكتفي بذلك فقط، بل تهدف أيضا إلى المساهمة في بناء اقتصاد إفريقي متكامل، يقوم على التعاون بين الدول، وتشجيع الإنتاج المشترك، وتقاسم الفوائد، من أجل تنمية متوازنة يستفيد منها الجميع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025