تحوّل جذري حققته المرأة الجزائرية في سوق العمل وفي المنظومة الاقتصادية، فلم تبخل بكفاءتها وعطائها وعلمها في تحريك وتيرة النمو، وساهمت كما في السابق في قطاع حيوي واستراتجي يخلق الثروة ويمتص البطالة ويستحدث القيمة المضافة، معتمدة على سواعدها متحلية بالمثابرة والنزاهة لا تتوقف عن الاحتراق، ولعلّ ما ينتظر المرأة اتجاه تنمية بلدها في المرحلة الراهنة والمقبلة، شوط لا يقل أهمية من انخراطها الجدي في المعركة التنموية المتاحة بين أيادي جميع الجزائريين والجزائريين، لأن المرأة مطالبة اليوم أن تساهم في التحوّل الاقتصادي النوعي الذي يقفز بالجزائر إلى مصاف الدول الناشئة، ويجعلها تأخذ فرصتها في مواصلة البناء التنموي الحتمي.
لا يمكن الخوض في مجال عطاءات المرأة، من دون تجاهل ثقلها وتأثيراتها الذي يدفع بالتعويل عليها وعلى إسهاماتها حيثما وجدت في الشمال والجنوب بل في أعماق الجزائر من دون استثناء أي منطقة، وبالتالي عدم تجاهل أيادي ناعمة من ذهب، يمكن أن تساهم في التحوّل الاقتصادي المنشود، لكن يشترط احترام مبدأ تكافؤ الفرص في المجال النسوي، وحتى تستفيد الريفية وتلك المرأة المتواجدة في المناطق النائية، من نفس الفرص وذات الدعم ومختلف التسهيلات التي تستفيد منها المرأة في العاصمة والولايات الشمالية، لأن المرأة معنية سواء كانت خريجة الجامعات أو مراكز التكوين المهني بالرهانات التنموية القائمة، وبإمكانها استحداث مشروعها الخاص، أو العمل من بيتها وتسويق ما تنتج محليا ووطنيا.
لكن ينتظر من المرأة أن تبادر حتى لا تبقى مكتوفة اليدين وعلى هامش الحركية التنموية، بل أكثر من ذلك لأنه ينبغي أن تخرج من النمط السطحي وتدخل في عمق الإشكاليات الاقتصادية، آخذة بعين الاعتبار التطور السريع للتكنولوجيات الحديثة والتغيير المهول الذي تعرفه مختلف الميادين، سواء كانت صناعية أو فلاحية أو تقنية أو خدماتية، وبعيدا عن أي حرج أو لبس، فإنه في الحقيقة المهمة ليست سهلة بالنسبة للنساء، لكنها ممكنة وليست مستحيلة من خلال مضاعفة الجهد وتقديم الكثير من العمل والتزام الجدية والحرص على اكتساب المهارات وتقديم الأحسن للمنظومة الاقتصادية، التي تعد أحد مفاتيح تطور ورفاهية الجزائريين والتي تكسبهم رهانات أخرى، مثل التنمية الثقافية والارتقاء بالمنظومة الاجتماعية إلى مستوى عال من النضج والوعي. وبناء حاضر ومستقبل الجزائر، جنبا إلى جنب مع الرجل.
استمرار المرأة في مسار البحث عن مختلف الطرق على تنوعها في استحداث القيمة المضافة، ينبغي أن يكون هاجسا وهدفا جوهريا من أجل تحقيق التحول النوعي الاقتصادي بشكل جذري، وحان الوقت لتقول كلمتها في التنمية الاقتصادية، حيث معروف بأنها تتقدم بنزاهتها وعطائها بشكل لافت وما عليها سوى عدم تضييع الفرصة لمواكبة الحركية الاقتصادية والمشاركة بقوة في تفعيل وتيرتها بصورة تتوافق والإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها الجزائر.