ما يعاب على السياسة الجزائرية في الحقبة الماضية هو غياب المثقف والنخبة عن دوائر صنع القرار، الأمر الذي فتح المجال أمام الانتهازيين ليحتلوا الساحة ويعيثوا فيها فسادا، أرّق حياة المواطن الجزائري الذي انتفض في حراك سلمي يطالب من خلاله بإعادة الأوضاع إلى منحاها الطبيعي، وإلى ريادة الحكم وتسيير لأموره تقوده النخبة.
هذه النخبة التي نجدها اليوم وكأنّها أفاقت من سبات عميق، واقفة في الصفوف الأمامية للمسيرات المطالبة بالتغيير، تندّد وتستنكر وتطالب بتصحيح الوضع، وتعبر عن طريق الشعارات أو ما تكتبه على صفحات التواصل الاجتماعي، أو ما تقوله في بلاطوهات النقاش على الهواء أو أمواج الأثير عن رأيها.
هذا الرأي الذي يريده المنطق أن يكون حاملا لمبادرات وحلول للخروج بالبلاد من المرحلة الانتقالية إلى عصر البناء والتشييد على أسس الديمقراطية والمساواة في الحقوق والواجبات، وبلورة الأفكار البنّاءة وصقل المواهب وتحفيز وإعلاء الكفاءات، البلاد اليوم في أمس الحاجة إليه، أكثر ما هي في حاجة إلى نقاشات تلبسها الآنية وحب الظهور والتباهي.
ما يحتاجه الشعب والوطن اليوم، هو أن يلعب المثقف دوره التوعوي والتحسيسي بكل روح وطنية ونزاهة، وأن يضع نصب عينه أولا وقبل كل شيء مصلحة الجزائر، جاعلا من فكره وثقافته وموهبته سدّا منيعا ضد كل من يحاول المساس بأمن البلاد واستقرارها.