حصاد الخميـس

لا تأمنـنّ الزمان تقلُّبا

بقلم : نور الدين لعراجـــي
24 أفريل 2019

يقال ان الطوفان الجارف هوالذي يكشف الكنوز، وهوأيضا من يدفنها ويغبرها إلى اجل لا يعلمه إلا الله، الصورة ربما في ماهيتها الاجتماعية تشبه تحرك العدالة والضرب بيد من حديد لأولئك الذين كانوا فوق القانون، أو بعبارة أصح لا يعترفون بسلطانه لٍماَ كانت توفره السلطة السياسية والسلطة غير الدستورية، من حماية لهم، ومنحهم صكوك الغفران حيثما كانوا وأينما وجدوا ، وظل مفتاح سليمان السحري بين ايديهم ، تفتح لهم به خزائن الشعب المقهور، ليعبثوا في البلد حسب مزاجهم، سرقة واختلاسا وتبيضا للأموال.
الرئيس المستقيل بوتفليقة بالرغم من اختلافنا اواتفاقنا معه، فإن ترك للبلد قنبلة موقوتة،من كل الجهات ، الفساد ، الرشوة، الجهوية، التسيير العشوائي، كل المنظومات الاجتماعية تركها مريضة بسرطان خبيث، هذه النتائج غيبت حتى انجازاته ، التي ربما قد يقول قائل انها تحققت في عهده، والأصح ان الظروف التي قدم فيها هي من مكنته من تحقيق جزء زهيد من ذلك.
حتى الاشخاص الذين اوكلت لهم مهام سيادية، لاعتبارات الولاء الجهوي والعرقي ، لم يستطع اي احد منهم الخروج من جحره، بل انهم رحلوا تباعا، ومنهم من فر بجلده كالثعالب الماكرة حين يستعصي عليها اكل الفريسة، ولعل زوخ صورة مكبرة لمثل من يدور في هذا الفلك العجيب.
وهذا يذكرني بذلك البيت القائل لا تأمننّ من الزمان تقلُّبا    ،إن الزمان بأهله يتقلبُ.. ولقد أراني والليوث تهابني،وأخافني من بعدُ ذاك الثعلبُ.. حسبُ الكريم مذلةً ونقيصةً،أن لا يزالَ إلى لئيمٍ يَطلبُ.. وإذا أتتك أُعجوبةٌ فاصبر لها،فالدهرُ يأتي بعدُ ما هوأعجبُ.
تحريك العدالة واستدعائها للرؤوس الكبيرة ممن صنعوا ثروات خيالية في ظرف قصير حتما سيجرنا الى كل الفاسدين والمفسدين ممن عاثوا بالمال العام سرقة ونهبا، وتبقى العدالة سيدة في قراراتها بعيدا عن أية وصاية مهما كان نوعها، وان كان هؤلاء الموقوفون ومن يأتي بعدهم، ثبت تورطهم في ما نسب إليهم، فالقانون فوق الجميع، وان كان هؤلاء أبرياء مما نسب إليهم ،فإن انتفاء وجه الدعوة حتما سيمنحهم البراءة ورد الاعتبار.
بقي أن يكون القاضي والمحامي كل من موقعه ، في مستوى هذا الحراك ولا يخونوا ايضا ارادة الشعب الذي انتفض لمحاربة الفساد ومعاقبة كل من تسبب في افلاس البلد وإغراقها في سوء التسيير دون استثناء، وان يمتد ذلك الى من كانوا يظنون انهم فوق القانون دون ان اذكر الاسماء والوظائف، يتساوى امامهم كل الناس الغني والفقير، المدني والعسكري.
وعلى القضاة ان لا يسقطوا في دائرة المقاطعة مهما كان نوعها، بعد أن حررهم الحراك الشعبي من شرنقة الهاتف والأوامر الليلية، لأن ذلك يعتبر انقلابا على الحراك ، وهنا يظهر القاضي النزيه في معاملاته مع الملفات، وكشف كل خيوط العصابة، فتظهر نزاهة الرجال ومعادنهم.
صحيح ان واجب التحفظ في مثل هذه المسائل، أكثر من ضروري حتى تجري الأمور في نطاقها القانوني، حفاظا على سرية التحقيق ومتابعة وملاحقة المتورطين قد يأخذ وقتا طويلا، لذلك وجب الصبر والحكمة وعدم التسرع في إصدار الأحكام الجاهزة التي قد تزيد في نسبة التوترو «السوسبانس».، ما يحاك ضد الوطن في الدوائر والمخابر الأجنبية، يهدف إلى بلقنة المنطقة وخلق الفوضى لأن الخروج من صراع قائم بهذا الحجم، ليس سهلا بالمرة.
حكمة الحصاد
«يداكا اوكتا وفوك نفخ»

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024