كلمة العدد

معادلة العرض والطّلب

جمال أوكيلي
06 ماي 2019

نتناول في هذا العدد من «محليات الشعب» رفقة مراسلينا من الولايات الوفرة من الخضر والفواكه والمواد الغذائية الواسعة الاستهلاك عبر أسواقنا، استنادا لما أعلنته السّلطات العمومية من خلال وزارة التجارة وتصريحات الجمعيات المتابعة لهذا الشّأن، والتزامها المبدئي بأنّ المواطن سيجد كل ما يريده أمامه.
هذا العرض المتنوّع يقابله طلب قياسي في الشّهر الكريم سواء بالنسبة للتّاجر أو المستهلك تختلف اختلافا جذريا عن الأيام العادية، وهذا ما نسجّله سنويا نتيجة التّغيير الحاصل في سلوك الناس خاصة الأيام الأولى من رمضان، ومباشرة بعد ذلك يدخل الجميع مرحلة الاستقرار، وهذا بالكف أو التخلي عن عادات اللّهف وغيرها.
وعشيّة هذا الموعد الديني يلاحظ الوفرة الكبيرة لدى بائعي الخضر أو أصحاب المحلات، الذين يتنقّلون يوميا إلى فضاءات الجملة لاقتناء ما يريدون، وهكذا شرعوا في عرض المجفّفات، التّمور وكميات من الدقيق والفرينة أما باقي المواد الأخرى موجودة.
والحديث عن الوفرة يؤدّي حتما إلى إثارة الإشكال القائم حاليا حول مسألة تسقيف الأسعار، هل هذا ممكن عمليا؟
نقول صراحة بأن هذا غير ممكن لا لشيء سوى لأن الإقرار بمبدأ المنافسة في اقتصاد السوق يمنع على الإدارة التدخل لإبقائه على حاله طيلة شهر كامل أو أكثر، حتى وإن طبّق على عيّنات محدّدة.
والتّجربة السّابقة علّمتنا بأنّ كل «الصّفقات» تتم في أسواق الجملة وليس عند الباعة بالتفصيل، وعندما نتحدّث عن هذا الوسط نعني بذلك المحتكرين، المضاربين والوسطاء وغيرهم ممّن يبيعون ويشترون بـ «الكلمة فقط»، يحدّدون الأسعار بالهاتف النقال في الوسط، الشّرق، الغرب والجنوب، ما موقع مديريات التجارة وأعوانها الذين يعدّون على أصابع اليد؟ هناك من اعتدوا عليهم وطردوهم، يلاحقونهم بتصرّفات غير لائقة علينا أن لا ننسى وحتى لا تكون ذاكرتنا قصيرة أو ضعيفة، حدث هذا بالأمس فقط لماذا يكلّفون بهذا العمل؟
علينا أن نبني قراراتنا تجاه هذا القطاع الحسّاس وفق معطيات واقعية غايتها الوصول إلى الهدف المرجو، وعليه فإنّ أولى المساعي المطلوبة هو القيام بعمل دقيق مع العاملين أو النّاشطين في أسواق الجملة، الذين يأتون ببضاعتهم مباشرة من الحقول والبساتين أو ما يعرف عندنا بـ «البحاير».
هؤلاء بإمكانهم التّأثير القوي على قضية الأسعار والتقليل من وطأتها، لكن هذا لا يتم بالمجان بل أنّ على الجهات المسؤولة إعفاءهم من رسوم معيّنة، زيادة على تقديم لهم مساعدات وإزالة عنهم عراقيل تعترض ترقية مهنتهم وغيرها من الأشياء لا يمكننا تعددها هنا..في هذه الحالة قد يشعر المواطن بأن الأسعار لا تتجاوز سقفا محدّدا خاصة عندما يختفي الاحتكار، وتذهب كل تلك الذّهنيات المتعوّدة على هذا الفعل منذ سنوات وسنوات.
لا يكفي أن نعلن عن قرار دون قراءة خلفياته، والذين يطلّون علينا يوميا عبر الإعلام المرئي، المسموع والمقروء من جمعيات، منظّمات واتحادات تعرف جيدا هذا الوضع أو بالأحرى ما يجري في أسواق الجملة، كما أنّها على علم مسبق ودراية ثابتة بأنّ الذّهاب إلى تسقيف الأسعار لا ينفع بتاتا لأنّ الأمر خارج الإدارة كلية، ومهما حاولت لا تستطيع انطلاقا من تجارب سابقة، بدأت بمادة الدقيق عندما حدّد سعره في عهد حكومة من الحكومة المتعاقبة بأقل من 50 دينار، أين نحن اليوم؟ الدقيق بنوعية جيّدة يصل إلى 80 أو 90 دينارا للكيلوغرام الواحد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024