الإقلاع الاقتصادي الذي ننتظره

فنيدس بن بلة
11 ماي 2019

تقارير تتهاطل علينا يوميا من أهل الاختصاص حول وضعنا الاقتصادي والمالي، لا نعيرها الاهتمام المطلوب ولا نتخذ الاحتياطات الكفيلة بإصلاح الخلل وجعل من الاختلالات قوة انطلاق للتقييم والتقويم دون ترك الأمور تمر مرور الكرام.
آخر التقارير الواردة من مؤسسات برتون وودز تراهن على نسبة نمو في الجزائر لا تتجاوز 2.3 في المائة على أقصى تقدير خلال السنة الجارية وتعود إلى الانخفاض من جديد إلى أدنى مستوى لها منذ عقود، مستقرة عند 1.8 في المائة العام القادم. ونسبة النمو هذه تبقى ضئيلة للغاية لا تلبي التطلع لحركية اقتصادية هي في انكماش مخيف بسبب الوضع السياسي الراهن وما ولده من موجة اضطرابات واحتجاجات تكاد تعم باقي القطاعات وتشل نشاطها.
اذا تمعنا في مؤشرات الخبراء والهيئات المطلعة على الشأن الجزائري وتأكيدها القطعي بان البلاد تحتاج إلى نمو يصل إلى 7 في المائة للقضاء على البطالة المقدرة بازيد من 11 في المائة، ندرك كم هي الصعوبة التي تعترض الجزائر التي لم تتحرر منذ الاستقلال من التبعية المفرطة للريع النفطي رغم ان الخطاب السياسي لم يتوقف لحظة على المطالبة بهذا واضعا الخيار أولوية في البرامج.
إذا تمعنا في هذا الرقم وأخذنا في الحسبان مؤشر العجز المتمادي في الصعود مسجلا نسبة تضخم 6.7 في المائة  في ظل شح  موارد مالية  جراء  تراجع احتياطي الصرف إلى 82.12 مليار دولار نتيجة انهيار اسعار النفط والنهب المخطط من عصابات المال والأعمال، نتساءل كيف السبيل للخروج من الأزمة المعقدة.
إنها مؤشرات تدعو إلى القلق وتفرض على صانعي القرار السياسي التفكير الجدي في خطة تعيد البلاد إلى سابق عهدها من النمو والانطلاقة نحو خلق الثروة والقيمة المضافة دون البقاء أسيرة البرميل المعرّض بدوره الى الاهتزازات المرتدة بفعل تأثيرات جيواستراتيجية وصراع القوى المهيمنة على العلاقات الدولية وحروب المصالح والنفوذ.
وأكبر انطلاقة تكمن في اتخاذ من الحراك الشعبي المطالب بالتغيير وتمهيد الأرضية لنظام سياسي آخر في جزائر جديدة يتداول فيها على الحكم وتعتمد الفصل بين السلطات منهاجا واستقلالية القضاء خيارا، محطة مفصلية في العمل و العدول عن الضغينة والأحقاد في التعامل والتمادي في الشروط التعجيزية في كل موجة احتجاج وإضراب باعتبار ان الكثير من التعقيدات المتراكمة لن تحل في يوم وليلة.
من الرهانات الأخرى التي يفرضها الوضع المعقد الاستثمار في القطاعات الحيوية التي تمثل ورقة رابحة في هذا المسار ويعول عليها في الإقلاع.تتقدمها الفلاحة التي نجحت في ان تكون اول القطاعات انتعاشا وتزود السوق الوطنية بـ 80 ٪ من حاجياته. وشكل فائض المنتوج المحقق في اطار الامن الغذائي مصدر قوة ومنطلق معركة التصدير التي أثبتت السنوات القليلة الماضية نجاعتها بفضل جودة المنتوج الوطني الصحي غذائيا حامل مواصفات أهلته لاقتحام الفضاءات الخارجية باقتدار.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024