كلمة العدد

على فوهة بركان

فضيلة دفوس
21 ماي 2019

والعالم منشغل بعملية التهديم وإعادة البناء التي باشرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأسس العلاقات الدولية ومبادئ السياسة العالمية، وبينما يحبس الجميع أنفاسه وهو يتابع أطوار التّصعيد الذي تقوده واشنطن ضد إيران وفنزويلا خشية الانزلاق إلى حرب مدّمرة، تشهد منطقة غرب إفريقيا والساحل تحديدا موجة إرهاب غير مسبوقة دون أن تثير اهتمام أحد، طبعا فالذين تنسف أجسادهم، وتقطّع أوصالهم ليسوا مواطني الغرب المتعجرف المتعالي، الذي يهزّ الدنيا ولا يقعدها عندما يستهدف الدمويون دياره وأبناءه، ولا تتحرك شعرة من رأسه، أو تذرف له دمعة والتعساء من شعوب العالم الثالث وما دونه، يقعون بين كماشة سفاكي الدماء وزبانية الموت.
لقد تصاعدت العمليات الإرهابية في الآونة الأخيرة بمجموع دول غرب إفريقيا، وسقط ضحايا كثر في مالي والنيجر وبوركينافاسو ونيجيريا أين تمارس «بوكو حرام» طقوس عنفها ولا تتوانى عن تصديره للجوار، والتصعيد هذا يعكس بوضوح أن المنطقة ماضية في غفلة عن الجميع لتتحوّل إلى أكبر بؤرة إرهابية في العالم، بعد أن استقطبت الدمويين الذين نزحوا من سوريا والعراق ليهزوا أمنها الهشّ.
مع العلم أن لجوء أمواج الإرهابيين والتحاقهم بالمنظمات الإرهابية المنتشرة بمنطقة غرب إفريقيا والساحل، لم يكن مجرد تحرك عادي لدمويين فروا من الحرب التي تعرضوا لها في الشرق الأوسط، لأن مجيئهم إلى هذه المنطقة الساخنة كان أمرا مقصودا، وتقف وراءه نفس الجهات التي كانت قد جنّدتهم وعبأتهم قبل سنوات لتدمير بلاد الشام والرافدين، ولما أنهوا مهمتهم القذرة هناك، ها هي تكلّفهم بمهمة تدميرية أخرى في غرب إفريقيا، وربما هناك خطّة لتمديد العمليات الإرهابية إلى دول أخرى مجاورة، ما يحتّم على الجزائر المحاطة بحزام ناري، التحلي بمزيد من اليقظة والجاهزية لمواجهة أي طارئ.
لقد كثر الجدل في الآونة الأخيرة عن مصير الإرهابيين أم ما يسميهم الغرب بالمقاتلين الأجانب، وتجلى واضحا أنهم لن يعودوا إلى ديارهم، فدورهم لم ينته بعد وأمامهم مهام أخرى ليؤدوها في إفريقيا أو حتى في جنوب آسيا التي شهدت قبل أسابيع تفجيرات حصدت العديد من القتلى في سريلانكا، أعقبها إعلان «داعش» الإرهابي تأسيس ولاية له في كشمير.
الوضع بغرب إفريقيا والساحل خطير ويغديه التدهور الأمني في ليبيا، ما يفرض على المجموعة الدولية والبلدان الغربية المقتدرة تحديدا أن لا تدفن رأسها في الرمال كالنعام، وتكتفي ببيانات الشجب والتنديد، بل عليها مساعدة دول هذه المنطقة وهي في الغالب تعاني أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة، على مواجه الإرهابيين بما تملكه من إمكانات عسكرية واستخباراتية مع دعم وتفعيل مجموعة «5 ساحل»، وقبل ذلك وبعده عليها أن تبتعد عن الازدواجية في محاربة الظاهرة الإرهابية و في التعامل مع ضحاياها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024