يتأكد يوما بعد يوم أن التدخلات الأجنبية في ليبيا ليست مجرد تخمينات و لا فرضيات تمليها فرط هيستيريا الإيمان بنظرية «المؤامرة» و لكن حقيقة ملموسة مفادها أن ليبيا تحوّلت إلى حلبة لصراعات مصالح قوى أجنبية على حساب مصلحة و مصير الشعب الليبي المؤجلان إلى إشعار آخر ؟ و هذا ما يفسر أن الليبيين لم يروا بعد النور على الجهة المقابلة من النفق بعد 08 سنوات عجاف من الإطاحة بمعمر القذافي ؟ أكثر من ذلك يبدو أنه حتى الحل لم يعد بين أيديهم لأن شذّاذ الآفاق استولوا على إرادة هذا الشعب بعدما أوهموه بأنهم سيقفون معه من أجل بناء دولة الديمقراطية و الحريات بمجرد تخليصه من طغيان العقيد ؟ و لكن الذي حصل هو أن التدخل الفرنسي الأطلسي انتزع ليبيا من بين يدي العقيد و نظامه و سلّمها إلى الفراغ و الفوضى ثم نفضوا ايديهم و تركوا هذا الشعب يواجه مصيره لوحده.
كل الدول المتورطة في المشهد الليبي إلى العنق تدعي أنها تبحث عن مصلحة هذا الشعب و تؤيده في اختيار مستقبله بكل سيادة ، و تدعي أنها لا تتدخل في المشهد لا من قريب و لا من بعيد ، غير أن الوقائع و الحقائق لثبت العكس و تكذّب الخطابات الرسمية و لعل اكتشاف صواريخ فرنسية في منطقة غريان الليبية يثبت أن باريس تلعب على الحبلين ، فمن جهة تقول إنها تدعم المسار الأممي و الحل السياسي في ليبيا و من جهة أخرى ترسل الأسلحة إلى الليبيين ليقتتلوا فيما بينهم بأسلحتها ؟ و لم يقتصر التورط الفرنسي في ليبيا على التزويد بالأسلحة فقط و لكن بتواجد عسكريين فرنسيين يشتغلون داخل الأراضي الليبية ، ففي سنة 2016 و بينما كانت فرنسا الرسمية تنفي جملة و تفصيلا وجود عسكري فرنسي واحد على الأراضي الليبية ، فضحت حادثة إسقاط مروحية ببنغازي كان على متنها ضباط فرنسيين كذب الرواية الرسمية الفرنسية ؟
يبدو أن باريس لم تترك لنفسها أي مصداقية تسمح لها بالمساهمة في حلحلة الأزمة الليبية و أن ما تقوم به يندرج ضمن صراع محتدم بين قوى متضاربة على اقتسام على الطورطة الليبية ، صراع لم يفتأ أن خرج إلى العلن بعد التراشق بين روما و باريس بوابل من التهم ؟.