خارج السرب

«البوعريفو »

بقلم : نور الدين لعراجـــي
22 جويلية 2019

في السياسة، لا يشكل السقوط عاهة مستديمة، ولا في لغة المتمرس سياسيا، بل انه لا يؤثر على مشوارهم، و لا على طموحاتهم  قيد أنملة، ومن ثمة لا مجال لتسلل الخيبة الى نفوسهم، فالكثير من أشباه الساسة، بمجرد التعثر الأول، تجدهم يسارعون الى كتم خيبتاهم صونا للفشل، ويقومون كما يقوم الفارس حين يسقطه الجواد الاصيل، تيمنا بالمثل القائل « كل طيحة تعلمك الركوب من جديد»
السقوط  الحر في قوانين الاحزاب وقادة القوم، لا يعتبر طعنة السيف الاخيرة، غير محمودة العواقب، لأنها تجري في فضاء شخوصه تغدق من تلك الكأس الملعونة، حيث تلتقي الرؤى لا تتضح  النوايا، تغيم عليها شهب الكذب والنفاق، او ما شابه ذلك من مصطلحات وصفها علماء السياسة، أنها «فن الممكن»
يحق لهؤلاء ما لا يحق لغيرهم في قطاعات اخرى، أو في شؤون لا تقل اهمية عن سابقاتها، فمثلا في الطب لا يمكن للطبيب مغالطة المريض في تشخيصه للداء، ولا يمكن منحه أدوية لا تتجاوب مع حالته المرضية فتضاعف من ألامه وأتعابه، ومن غير المعقول أن يختم وصفة طبية لمريض دون الكشف عنه، لأن الضمير المهني يقف حجر عثرة أمام أي تصرف، قد يفكر فيه، فهو في الأخير يخل بمهامه كإنسان قبل أن يكون طبيبا.
الأمر نفسه في مجالات كثيرة، مثل التعليم، المحاسبة والفلاحة وغيرها، فلا يمكن لأي كان تقمص شخصية العارف بكل الأشياء، وهو لا يفقه في الأمر حرفا، ويكفي ان وصف الشارع هذا الصنف من البشر  بـ «البوعريفو» وهي كلمة جامعة شاملة، تليق بأصحابها دون أن تنقص من تفلسفهم وليس فلسفتهم شيئا.
لا غرابة أن يتزايد هذا الصنف من العارفين، خلف مدونات العالم الافتراضي يطلقون سمومهم على كل وطني نظيف بالوكالة، كأنهم الأوصياء الجدد ونحن لا ندري، أم أنهم لا يستطيعون مواجهة شمس الحقيقة، لأنها تحرق أجسادهم وتكشف أفعالهم، فيفضلون الدير بالقرب من عرابيهم، يطلقون خزعبلات وسموما تعبر الأوطان. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024