الرأي

في انتظار نتائج مكافحة الفساد

سعيد بن عياد
03 أوث 2019

حتى تحقق سياسة مكافحة الفساد النتائج المسطرة لفائدة الاقتصاد وتحصين أموال الدولة وحماية مصالح الشعب، ينبغي أن يتم تفعيل إجراءات المراقبة وتتبع مسارات التسيير في كل القطاعات، مهما كان حجم نشاطها من الآن بالموازاة مع معالجة قضايا وملفات سابقة بقيت في أدراج الجهات المعنية أو وضعها عناصر العصابة جانبا. إن أكبر انجاز يتمثل في التوصل بسرعة إلى كسر شوكة الفساد وتفكيك منظومتها في هذا الظرف بحيث يشعر كل من يتولى مسؤولية التصرف في المال العام أو يتحكم في سلطات عمومية لها قرار أو يشرف على مرفق يدير ثروات تخص المجموعة الوطنية مالية كانت أو عقارية أو أي شي آخر له قيمة تجارية في السوق.
العملية ليست حملة أو مسار لتصفية حسابات، ولا يجب أن تكون كذلك، وإنما هي توجه استراتيجي مصيري يستوجب أن تحرص الجهات المكلّفة على كافة المستويات على تجسيده في الميدان وفقا للقانون وتبعا للإجراءات دون تمييز أو انتقاء أو تهاون، خاصة وان أسماء ثقيلة سقطت ولا يعقل أن تفلت أخرى تفوح منها رائحة فساد ينبغي التأكد منها. لذلك تفتح أمام وزير العدل الجديد ورشات كبيرة وهو المتمرس في التكفل بملفات مرعبة لم يسبق أن عالجها القضاء بالنظر لحجم الفساد الذي طال نطاقا واسعا من المنظومة الاقتصادية والإدارية وكذا المتورطين في جرائم كادت أن تأتي على الأخضر واليابس واضعة أجيالا بكاملها في دائرة الخطر المحدق في ظل عولمة تخوض فيها قوى اقتصادية دولية نافذة معارك من البوابة الاقتصادية تستهدف سيادة البلدان الناشئة.
في هذا الإطار، يرتقب أن يمر القضاء ومعه مختلف الآليات المعنية بتتبع أثار الفساد والفاسدين إلى سرعة متقدمة في انجاز الأهداف ذات الصلة وفقا لمعايير العدل والشفافية، بحيث ينبغي الحرص على معالجة القضايا الموجودة رهن البحث والتقصي والتحقيق في آجال معقولة تفاديا لمتاهات الإجراءات وربحا للوقت بحيث يتم نقل المؤسسات المعنية بالفساد إلى رحاب النشاط من جديد بقواعد صلبة وشفافة من أجل إدراجها مرة أخرى في مسار النمو، وقد أعلنت الدولة في وقت سابق عن عزمها التكفل بالمؤسسات التي أصحابها رهن الحبس حماية لمناصب العمل وحفاظا على أدوات خلق الثروة.
تبرز هنا أهمية تكامل الجهود من مختلف المتدخلين لبناء جسر المرور بالمؤسسات الاقتصادية وعالم الاستثمار من مرحلة الصدمة والجدل إلى مرحلة الحسم والفصل ليتضح الأفق أمام المستثمرين والمتعاملين والمسيّرين، فتنطلق عجلة التنمية بنفس المعايير التي تحكم المنافسة والمبادرة محليا وباتجاه أسواق خارجية بالخصوص، حيث من الضروري الحفاظ على مكاسب تحققت في وقت سابق تعكسه عمليات تصدير لأسواق جهوية وفي القارة السمراء وحتى بعض البلدان الأوروبية قامت بها مؤسسات لها ثقلها في المشهد وتحتاج إلى مناخ ايجابي يساعد على استئناف معركة التحول الاقتصادي ضمن ديناميكية وطنية لم يعد فيها مكان لممارسات سلبية ألحقت ضررا كبيرا بالخزينة العمومية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024