هل تتجدد «فيشي بيس»؟

نور الدين لعراجي
17 ديسمبر 2019

حاولت الصحافة الفرنسية بمختلف وسائلها الثقيلة والمكتوبة توجيه الرأي العام الدولي عموما والجزائري على وجه الخصوص، في  إتجاه واحد، على أن الوضع في الجزائر «يزداد تأزما والحريات الفردية والجماعية يمارس عليها ضغط كبير».
بالغت الصحافة الفرنسية العمومية بمختلف توجهاتها في جعل المشهد السياسي والاجتماعي والأمني يترنح على صفيح ساخن، وظلت الهجمة الشرسة على الجزائر  مستمرة منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فيفري؛ بأساليب أقل ما يقال عنها أنها لا ترقى إلى ميثاق الشرف وأخلاقيات المهنة، التي تنظر للأشياء من زوايا متعددة، وليس من زاوية واحدة يراد بها تغليط الرأي العام.
الصحافة الفرنسية في تعاملها مع «الحراك» والتطورات التي رافقت الهبة الشعبية لم تمارس آليات الكتابة أو النقد البناء، بل فتحت منابرها لمرتزقة أذناب الفساد ليترافعوا، عن جزائر تسللت من بين أيديهم نحو الخلاص، في صحوة ضمير جاف؛ لم يجدوا عنها موئلا .
ولعل المواضيع المطروحة والمرافعات الدسمة في اختيار زوايا النقاش من طرف واحد، تؤكد أن وراءها اللوبي الفرونكو فيلي الذي لا يزال يتجرع هزائم أفعاله على أراضيه،  منذ ثورة السترات الصفراء التي فاقت كل التصورات من حيث الضحايا والجرحى والخسائر المادية، التي تكبدتها الخزينة الفرنسية، أعمال العنف بلغت ذروتها القصوى وهي على مقربة من  قصر الإليزيه.
مشاهد تراجيدية لم تحظ بالتغطيات الإعلامية، ولم يخصص لها بلاطوهات للنقاش والمتابعة، بل جرى التكتم عنها وغيبتها الصحافة هناك عندهم، ولعل الاسوأ من هذا كله، دخول الحكومة الفرنسية في سن مشاريع قوانين تقشفية كل يوم مست الطبقات الوسطى منها، ما ينذر بخريف ناري يجعل من مدينة الملائكة عاصمة للجن والشياطين.
نجاح الانتخابات الرئاسية في الجزائر، أكبر هزيمة منيت بها الدوائر المالية المافياوية بفرنسا وأخلطت أوراقها؛ أوهمت استخباراتها بتقارير مغلوطة، فمنيت بشر هزيمة في التاريخ الحديث؛ وانقلب السحر على الساحر، وذهبت كل دسائسها أدراج الرياح وهي من راهنت على ثورة في الجزائر لا أول ولا آخر لها.
الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عن قدرة تحمل رجل الكيدورسيه هزائمه المتتالية على الأرض وخارجها إما أن يتنفس اصطناعيا في صورة تدعو للشفقة، وإما أن الاجتياح الأصفر يحتم على ماكرون التلويح بمنشفة الهزيمة والاستسلام، معيدا إلى الأذهان  خيانة «حكومة فيشي» ليس أمام الغطرسة النازية، بل هذه المرة أمام المدرسة النوفمبرية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024