أي مستقبل للصراع الليبي ؟

نور الدين لعراجي
04 فيفري 2020

أي مستقبل لصراع أنهك المجتمع الليبي وتفاقمت أزمته الداخلية، وصارت لغة السلاح الوسيلة الوحيدة للتحاور على الأرض، بدل الدفاع عن العرض، على مدار تسع سنوات يدفع الليبيون ضريبة التهور السياسي، وحب الزعامة والتسلط، منذ إسقاط نظام معمر القذافي، ودخول البلد في حرب أهلية مدمرة، لم تستطع الحكومات المتعاقبة وضع حد للصراع بين الإخوة الأعداء، وفشلت البعثات الأممية في تحقيق سلام يخرجه من دوامة العنف.
في مثل هذا الشهر من فيفري سنة 2011، قامت الحرب الأهلية في ليبيا، لإزاحة حكم العقيد «القذافي»، وإنهاء فلسفة الكتاب الأخضر، كميثاق يجمع الليبيين، بعدما جعل من ليبيا بلدا محوريا في إفريقيا، وقوة نفطية لها بعدها الاقتصادي والاجتماعي، ومكنها من التأثير في أسواق النفط.
مع موجات رياح الربيع العربي الأولى لضرب الدول العربية المعنية بفيروس الدمار، كانت طرابلس واحدة من الدول التي مسها المخطط، تطبيقا للأجندات الغربية، ولم يشفع لقائد الثورة القذافي، وقوفه في تمويل الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي،  أكبر غلطة عرفها المشهد الليبي، تدخل الأطراف الأجنبية بهدف إسقاط نظام القذافي، وإقامة نظام موالاة بإمكانه تحقيق الأطماع الغربية، في الحصول على الصفقات النفطية والطاقوية الجاهزة بأقل الأثمان، لكن ما لم يكن في حسبانهم، أن إشعال الفتيل أصعب من إخماده.
الثورة التي أهداها الغرب للشعب الليبي تحت راية الربيع العربي، لم تكن بردا وسلاما عليهم، بل ظلت شرارتها اللعينة، وبالا ودمارا عليه، وأدخلت البلد في حرب أهلية وفشلت كل المشاورات الداخلية، بدءا من الحكومات المتعاقبة، والجماعات المتنافسة، فلم تنجح حكومة طبرق، ولا حكومة الإنقاذ، مرورا بالمؤتمر العام، إلى الوفاق الوطني.
البنية الاجتماعية للمجتمع الليبي يحكمها نظام العشائر والقبيلة، أغلبها تتمركز في مناطق حساسة من البلد، فيما تسيطر الميلشيات على مواقع نفطية، وتمسك قوات حفتر قبضتها على تسيير إدارة شركة النفط الوطنية، فتأزم الوضع وجعل الحلول شبه مستحيلة.
موقف الجزائر ظل ثابتا لم يتغير، نابع من عقيدة وخيارات وطنية، يرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكن المساعي الدبلوماسية تبقى قائمة، سواء باحتضان المشاورات بين أطراف النزاع، مثل ما حدث في سابق العهد تحت إشراف المبعوثين الأممين بارناردينيو وموغريني، أو تقريب وجهات النظر بين البعثات الدولية، من منطلق أن العلاقة بين الجزائر وليبيا ليست اجتماعية فقط، بل هناك حدود مشتركة تشكل بؤر توتر، وقوة تأثير استراتيجي في المنطقة، خاصة بعد الإنزال الأخير للمرتزقة الدواعش داخل البلد، وخطورة الموقف على الأرض وانعكاساته على دول الجوار.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024