تبرز خلال شهر رمضان بعض السلوكات التضامنية اللافتة، وتصدر ردّات فعل إيجابية جديرة بالثناء على اعتبار تكريسها لمبدأ التعاون والتضامن بين المواطنين وتوطّد العلاقات فيما بينهم، على اعتبار أنها تصرّفات تجعل التسامح الصفة الأكثر تجليا في مواقف تستحق الوقوف عليها واستحسانها، من أجل التشجيع على تعميمها بهدف التحفيز على تبنيها من طرف معظم المستهلكين، لما لها من أثر إيجابي على المنظومة الاجتماعية وعلى السوق كذلك.
ومن أسمى مظاهر التضامن والتكافل بين المستهلكين والتي قد تتكرّر في عدة أماكن خاصة في شهر الصيام، نجد قيم الإيثار التي تعد من شيم الجزائريّين، فنجد أن زبونا كان بصدد شراء آخر عرض من منتوج معين سواء كان خضرا أو فواكه أو لحوم بيضاء وحمراء على سبيل المثال، وفي نفس الوقت حضر زبون آخر يطلب نفس السلعة، لكن التاجر يجيب بأنها نفدت وآخر كمية من العرض تم بيعها، لكن في هذه اللحظة لا يبقى المشتري صاحب السلعة صامتا، بل يقترح على الزبون الثاني بأن يتقاسم معه السلعة، لأنه يمكن أن يعود في اليوم الموالي ويشتري ما يحتاجه.
في حادثة تستحق الوقوف عندها بتمعّن وإشادة، نجد إصرار أحد الزبائن على اقتناء كيس واحد من الحليب ومنح ثلاثة أكياس المتبقية والتي كان قد دفع ثمنها لثلاث زبائن حضروا متأخّرين لشراء مادة الحليب، فتقاسمها معهم وهي التي تعد واسعة الاستهلاك، ورفض أن يأخذ ثمنها منهم بقوله في المرة المقبلة “يمكنكم أن تسدّدوا لي ثمن كيس الحليب”، وسط غبطة وسرور التاجر، ولا يخفى أنّ مثل هذه السلوكات بدورها تعمل على تكريس الاستقرار في السوق وتسقط معها مظاهر اللهفة والتخزين المستهجنة من طرف التجار والمواطنين في نفس الوقت.
ويمكن وصف هذا السلوك بالحضاري، ويمكن الوقوف عليه كثيرا خلال شهر رمضان، باعتبار أنّ الجزائريّين تعودوا على التسابق على تقديم يد العون لكل من يحتاجها، وربما هذا ما يزيد من حرص التاجر على التحلي بالاحترافية والنزاهة، على خلفية أنّ المستهلك يعد الطرف الأهم في قاعدة العرض والطلب خاصة على صعيد تحقيق التوازن المنشود.