كلمة العدد

الحديقة الساحرة..

أسامة إفراح
28 فيفري 2015

حديثنا عن الثقافة يشوبه في أحيان كثيرة لون من أنانية، وريح من إقصاء، لأننا درجنا على تخصيص هذا المجال للبالغين، فإذا تحدثنا عن المسرح، قلنا كاتب ياسين وعلولة وشكسبير، وإذا تطرقنا إلى الموسيقى، تبادر إلى أذهاننا كبار المؤلفين وأضخم السمفونيات، وإذا أشرنا إلى الفكر والفلسفة والتاريخ، قصدنا بذلك شؤون الكبار وتدبير الأمم والأقطار، فكأن مخيلتنا تقصي عرضا، أو عمدا، صغارنا الذين صاروا بدورهم، لما كبروا، عمالقة الأدب والفن والإبداع والعلم .
إننا، حينما نتطرق إلى مواضيع مثل أدب وأغنية ومسرح الأطفال، نحسّ بنوع من الاستصغار لمن يعنى بهذه الفئة، وننسى بأن كبار الفنانين قد تساموا (ولا نقول تنازلوا) ليبلغوا المستوى اللازم لمخاطبة العقل الطفولي، عقل لا يعرف المداهنة أو المحاباة، فإما أن يقبل العمل ويعجب به، وإمّا فلا.. ولعلنا نستشهد هنا بالموسيقار المصري محمد فوزي، الذي لحّن رائعة شاعر الثورة مفدي زكريا، فكان سلامنا الوطني، ومحمد فوزي ذاته هو من غنى أغنيته المشهورة “ماما زمانها جاية، جاية بعد شوية، جايبة لعب وحاجات”.. فهل أنقص ذلك من قيمة الموسيقار، أم زادت في إحساسنا باقتداره وتمكنه من موسيقاه؟؟؟
لقد تربت أجيال كاملة على حلقات “الحديقة الساحرة”، وتابعها الكبار والصغار، وكانت تصنع الحدث ويردد الناس أغانيها.. واليوم يتابع أطفالنا قنوات أجنبية، لم تكتب أغانيها بلغتهم الأم، ولم تلحن بموسيقاهم، فانتقلنا بذلك من “الحديقة الساحرة”، إلى الفراغ التام، ووجد الطفل نفسه إما مستهلكا لإنتاج الآخرين، وإما مرددا لأغان لا تحترم فئته العمرية وما لها من خصوصيات.
فرفقا بأطفالنا، لأنهم لم يختاروا ما نقدمه لهم، وإذا عجزنا عن الإبداع لأجلهم بما يتماشى مع عصرهم، فلنستنجد إذن بحلقات “الحديقة الساحرة”، لأنها على قِدَمها تبقى أحسن من هذا الفراغ.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19825

العدد 19825

الخميس 17 جويلية 2025
العدد 19824

العدد 19824

الأربعاء 16 جويلية 2025
العدد 19823

العدد 19823

الثلاثاء 15 جويلية 2025
العدد 19822

العدد 19822

الإثنين 14 جويلية 2025