التكتلات الحزبية لتحسين الأداء السياسي

04 نوفمبر 2015

يظهر أن العمل السياسي المنفرد للأحزاب السياسية لم يعد قادرا على الإقناع في ظل التحولات المحلية والإقليمية والدولية، فأصبح العزوف الانتخابي موضة جديدة للشعوب تعبر فيها عن عدم رضاها بنشاط الأحزاب السياسية، ولتفادي توسيع الهوة بين السياسة والمجتمع أصبحت التكتلات السياسية بديلا لاسترجاع الأوعية الانتخابية، وإعادة بعث النشاط الحزبي الذي ما فتئ يتراجع حتى في الديمقراطيات التقليدية.
تسير الجزائر إلى سياسة التكتلات الحزبية تحسبا للمرحلة القادمة، التي ستعرف تعديلا دستوريا هاما سيمنح الكثير للمؤسسات الدستورية التي ستجد نفسها أمام واقع يعج بالتحولات، وهو ما يتطلب ديناميكية وتحضيرا خاصا لإنجاح تعديل الدستور، الذي تحدث رئيس الجمهورية في الرسالة التي بعث بها بمناسبة أول نوفمبر، وقال بأن البرلمان سيحظى بصلاحيات واسعة جدا ويكون للمعارضة دورا بارزا فيه.
وظهرت العديد من محاولات التكتل، حيث يحاول حزب جبهة التحرير الوطني التمسك بزمام الساحة السياسية مبكرا، تحسبا للمرحلة القادمة التي تتطلب تنظيما وخططا إستراتيجية، تكون حافزا لتنظيم العمل السياسي وإرساء تقاليد العمل من أجل المصلحة العامة بعيدا عن الأنانيات الحزبية.
وطرح الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، مبادرة جامعة لكل التيارات الحزبية بدون استثناء، كما فتح الباب للمجتمع المدني للانخراط في مشهد جديد، يؤكد اعتراف الأحزاب بدور المجتمع المدني الذي ما فتئ يتنامى ولو على الورق في العمل السياسي وقدرته على التعبئة وفصل المنافسة في الانتخابات وغيرها من التأثيرات الظاهرة والخفية.
وتتزامن مبادرة «الأفلان» مع قرب الاستحقاقات سواء على مستوى مجلس الأمة أو تعديل الدستور أو الانتخابات التشريعية التي ستكون في ماي 2017 والمحلية في نوفمبر من نفس السنة، وبالتالي التفكير في إرساء تقاليد ممارسة ديمقراطية جديدة تحاول إشراك أكبر قدر ممكن من الفعاليات السياسية لمنح الفرصة للجميع في سياق برنامج الحزب، الذي يهدف لإنشاء وتأسيس دولة مدنية.
وبمجرد طرح المبادرة، بدأت العديد من التيارات السياسية تتفاوض للالتحاق بالمباردة وأهمها حزب تجمع أمل الجزائر، الذي أعلن عن ترحيبه بفكرة «الأفلان» في انتظار تيارات حزبية أخرى.
وسار حزب جبهة القوى الاشتراكية في مبادرة أخرى، لإحياء مبادرة الإجماع أو الوفاق الوطني، التي سبق وأن طرحها وتقدم فيها كثيرا، قبل أن تفشل بعد تردد الكثيرين في السير في نهجها، وهو ما لم يفقده الأمل في إعادة بعثها من جديد.
وحتى المعارضة التي فضلت التكتل من خلال تنسيقية الانتقال الديمقراطي، حتى تتموقع وتنسق نشاطها تحسبا للمرحلة المقبلة، التي سيكون فيها الفرصة للتكتلات، ولكن حروب الزعامة غير المعلنة وهشاشة التجارب السابقة تضع التنسيقية على المحك، وما حدث مع رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، عندما بادر بلقاء مدير ديوان رئيس الجمهورية أحمد أويحيى والزوبعة التي حدثت بعدها، تؤكد بأن المعارضة مازال أمامها الكثير للوصول إلى مستوى مقنع للمشي وراءها.
وفي انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة، تبقى الساحة السياسية مفتوحة على كل الاحتمالات، مع ميل الكفة للقوى السياسية التقليدية، التي وبالرغم من كل التقلبات بقيت هي صاحبة الحل والربط.   
حكيم بوغرارة

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024