الثقافة الغذائية مسألة هامة وتزداد كذلك في ظل ما تعرفه الأسواق من حركية لمنتجات محلية ومستوردة وتغير نظام التغذية للمواطن تحت تأثيرات التطور السريع لنمط الحياة، حيث لم تعد تلك السلوكات الغذائية التقليدية تصمد أمام سلوكات جديدة تترك أثرها على صحة المواطن (يكفي مراجعة إحصائيات المستشفيات والصحية خاصة بروز أمراض جديدة سببها الغذاء غير الصحي مثل ارتفاع الدهون في الدم والضغط الدموي والسمنة التي تترتب عنها أمراض القلب والشرايين).
أمام لهفة المستهلك (أحيانا يكون مغلوبا عن أمره كما هو الحال في رمضان) أصبح ضروريا إرساء نظام إتصال جواري من أجل تنمية ثقافة الوقاية من خلال التربية الغذائية وذلك باللجوء إلى اِستعمال وسائط التكنولوجيات الجديدة، خاصة الأنترنيت لمرافقة المواطن والأسرة الجزائرية في مواجهة تداعيات فوضى التغذية واختلالات السوق (غالبا ما يجهل مصدر ومكونات مواد غذائية عديدة) التي بقدر ما هي مصدر للمواد الغذائية هي أيضا مصدر لأمراض ناجمة عن سوء اِستهلاكها.
لماذا لا نقلِّد ما هو معمول في البلدان المتقدمة، حيث توجد مواقع إلكترونية تقدم نصائح وشروحات وتوجيهات خاصة بالتغذية، ويلجأ إليها الكثير من الجزائريين، بينما الأفضل لو تبادر وزارة الصحة من خلال مصالحها المختصة بإحداث مواقع مماثلة ترافق المواطن الجزائري وأفراد أسرته بنصائح غذائية دقيقة ومطابقة لأنواع المواد التي يستهلكها، وحينها سوف تؤسس أرضية للواقية من أمراض تكلف الميزانية الكثير من العبء ويمكن الحفاظ على مؤشرات الصحة العمومية المتوازنة وتقلص من أعباء العلاج ونفقات الخدمات الطبية والتقليل من الضغط على المراكز الصحية والمستشفيات.
إن الدور الذي يمكن لوسائل التواصل الجديدة إذا ما استخدمت في الإتجاه السليم والبناء يساهم بشكل قوي في تعزيز إقامة نظام غذائي اقتصادي، تلعب فيه الوقاية من خلال المرافقة الجوارية للأسر والمواطنين، خاصة الشباب الذين أسرتهم محلات الأكل السريع «فاست فود» و»البيتزا»، بتوعيتهم وتحسيسهم وإرشادهم على المباشر وفي كل وقت لإنجاز الأهداف الحيوية لبرامج الوقاية الصحية. ولا يعقل أن تبقى الجهة المعنية بذلك مركزيا ومحليا متخلفة عن مواكبة هذه الديناميكية، التي ركبتها محلات ومؤسسات تنتج وتسوق مواد غذائية بأساليب تسحر المستهلك، الذي يحتاج إلى من يحرك فيه حاسة التعامل الحذر مع الأسواق.