فرضت الأسواق الفوضوية حضورها في الساحة وعادت بشكل لافت في شهر رمضان مسجلة ارتفاعا في الإقبال عليها لما توفره من أسعار تنافسية مقارنة بالمحلات والمتاجر داخل الأحياء والمدن حيث تعتمد أسعارا مرتفعة.
قد تكون شرا لابد منه (بالنظر لما تسببه من إزعاج وفوضى في المحيط لكن بالمقابل ما تعرضه من أسعار مقبولة في الغالب)، غير أن الأمر يتطلب مبادرة البلديات والمصالح المحلية ذات الصلة بتنظيم وضبط حركة الأسواق للتكفل بهذا النشاط وإدراجه في الإطار المنظم مع الحفاظ على خصوصياته الجوارية.
لا يمكن التأكد من قيام بلدية ما بإحصاء تجارها الفوضويين( هو أضعف الإيمان) رغم أنهم عنصر دائم الحضور ويكفي أن تسجل الإدارة المختصة حضورها لجرد الباعة وتحديد هوياتهم وتسجيل مركباتهم، وفي مرحلة أكثر تمدنا تهيئة مساحات مواتية تحتضنهم لأوقات معينة في الصباح أو في المساء أو تخصيص مواقع أسبوعية بين الأحياء مقابل إتاوات توجه إيراداتها إلى تمويل خدمات تنظيف الأماكن العامة وتأهيل محيطها المباشر.
يا حبذا لو يتم اعتماد الباعة المتنقلين الذين يمارسون تجارة السوق الموازية بمنحهم شارات تضع المستهلك في وضع مريح يغلب عليه الاطمئنان بحيث يمكنه أن يتعرف على مصدر بضاعته من جهة وتضع التاجر نفسه أمام مسؤولياته المهنية كون الزبون يتعرف عليه ومن ثمة تكون العلاقة متوازنة تحفظ حقوق طرفيها في حالة تعرضها لأي اختلال.
لا يمكن أن تبقى الجماعات المحلية تتفرج على ما يجري في إقليم اختصاصاها، حيث يدخلها تجار بمركبات يحققون أرباحا دون أن يساهموا بالقليل على الأقل في تنمية موارد البلدية، تاركين وراءهم أكواما من النفايات علاوة على الإزعاج وعرقلة المرور. وعلى الأقل اشتراكهم في الضمان الاجتماعي مقابل ترخيص النشاط كقاعدة أساسية.
ليس في هذا بدعة، إنما هو أمر طبيعي في البلدان المتقدمة نفسها، حيث يستفيد الجميع من الظرف الذي تزدهر في ظله التجارة ويساهم الجميع أيضا كل حسب قدرته في تحمل العبء خاصة في ظل أزمة كالتي تمر بها الجزائر نتيجة تراجع إيرادات المحروقات والتي تصيب أولا الجماعات المحلية التي تواجه مطالب وضرورات مواطنيها.