في كل مرة يحصل فيها اعتداء على الآمنين الأبرياء في العالم إلا وتتضارب التقارير الصحفية والمواقف السياسية حول توصيفه وتصنيفه مما يؤكد مجددا أن العالم لم يجمع أمره بعد فيما يخص الاتفاق على تعريف جامع مانع للإرهاب ينهي الجدل القائم ويغلق الباب أمام التوظيف السياسي والاستغلال الإعلامي لأن هذا الخلل لم يشجع على تنامي الإرهاب فقط ولكن عطّل مسار وفعالية مكافحته كذلك.
الاعتداء الذي طال مواطنين بريطانيين لدى خروجهم من أحد المساجد وسط العاصمة لندن، أمس، أماط اللثام عن حجم هذه الازدواجية ففي حين يصف الإعلام في الغرب أي عمل يشتبه بأنه أرتكب من قبل «مسلم» بأنه إرهابي في انتظار نتائج التحقيق أي «اتهم أولا ثم حقق لاحقا» فإنه وعندما يتعلق الأمر بالاعتداء على مسلمين نجده يبحث عن التبريرات للجاني ويصفه بالمختل الذي تم عرضه على اختبارات الأهلية العقلية، بمعنى آخر عمل أي شيء لإبعاد شبهة الإرهاب عنه لأنهم يريدون ببساطة أن يبقى الإرهاب علامة مسجلة للمسلمين دون غيرهم واستمرار تلك الصورة النمطية الجاهزة التي يقدمونها عن الإرهابي وهو ذلك المسلم الذي يطلق لحيته ويرتدي قميصا في أحسن الأحوال أو هو المسلم بغض النظر عن هندامه ومظهره وهم بهذا يسوّقون - مع سبق الإصرار- لفكرة أنه يكفي أن تكون مسلما لتكون إرهابيا أي أن المسلم إرهابي بطبعه وبالتالي أي عنف يصدر عن مسلم هو نابع من عقيدته وقناعته الدينية وليس تصرفا فرديا منعزلا لشخص!
وسائل الإعلام في الغرب استطاعت أن تسوق لهذه الفكرة النمطية الظالمة ولعل الفيديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يظهر فيها رجل ملتح يرتدي قميصا أبيضا ويحمل كيسا يقوم بإلقائه على أشخاص وتجمعات بشرية في أحد الشوارع الأوربية والكيفية التي يهرب بها الناس مذعورين بمجرد إلقاء الكيس بينهم ليس مجرد كاميرا خفية للضحك والترفيه ولكن تجربة اجتماعية تعكس الانطباع السائد عن المسلمين لدى المواطن الأوربي نتيجة حملات التشويه التي تقودها بعض وسائل الإعلام وتيارات اليمين المتطرف تحت شعار «المسلم = خطر»؟!