كلمة العدد

قــرار حــاسم..

سعيد بن عياد
25 نوفمبر 2017

لم تعد مسألة ديون المؤسّسات العمومية والخاصة التي أنجزت مشاريع عمومية قائمة بعد أن حسم رئيس الدولة الملف في اجتماع الوزراء الأخير، بإعطاء تعليمات لتسديدها في إشارة لتعزيز الثّقة في السّوق الاستثمارية، وترسيخ الالتزام بالوفاء ما يعطي مصداقية للعلاقات بين مختلف الإدارات صاحبة المشاريع والمؤسسات والمتعاملين المحليين، وحتى أجانب فازوا بصفقات عمومية والتزموا بتعهّداتهم.
شكّلت ديون المؤسّسات على مختلف المستويات الوطنية والمحلية معضلة في السنوات القليلة الماضية لعدة أسباب، منها ما هو موضوعي يتعلق بالتدقيق في المعطيات وضبط الكلفة، ومنها ما لا يستند لمبرّر مقبول نتج عنه تأويلات عديدة تحمل إساءة للمناخ الاستثماري الايجابي، الذي يخص بمرافقة في أكثر من جانب حرصا على مواجهة تحديات النمو خاصة في هذه المرحلة التي تشكل فيها السيولة النقدية مكسبا ثمينا.
بالفعل تلقي الوضعية الرّاهنة المتّسمة بصعوبات مالية ناجمة عن تداعيات تراجع إيرادات النفط بظلالها على المشهد الاقتصادي وطنيا ومحليا، غير أنّ التّدابير التي اتّخذتها الدولة على أكثر من صعيد من شأنها أن تمتص الصّدمة، وتعطي نفسا للسّوق الاستثمارية لتكون على موعد مع برامج ومخطّطات قاعدية سواء باستكمال مشاريع أو انطلاق أخرى.
 في هذا الإطار، وتحسّبا للتطورات المتوقّعة كان اعتماد الإصدار النّقدي ضمن الضّوابط المالية الدّقيقة، ورصد موارد معتبرة في قانون المالية للسنة الجديدة إلى جانب عقلنة الاستيراد، وبعث روح الحوكمة من خلال توسيع نطاق ترشيد النّفقات من أبرز العناصر التي تمنح منفذا لتوفير السيولة النّقدية اللاّزمة لتسوية الملفات العالقة، وتأمين مواصلة مسار الاستثمار المنتج لإدراك النمو المنشود.
من شأن هكذا قرار أن يكرّس الثّقة في المناخ الاستثماري، ويزيل كل غموض أو لبس بشأن الإرادة القوية للتّعاطي بجرأة مع تحديات الظّرف الرّاهن، وقبول ركوب مخاطر التّنمية في المديين القريب والمتوسط بما في ذلك في قطاعات حيوية تستدعي اللّجوء إلى مؤسّسات للإنجاز وأخرى للاستغلال.
غير أنّ تجاوز هذا العائق، يستوجب بالمقابل من مختلف الهيئات والإدارات والقطاعات صاحبة المشاريع السّهر على بذل جهود في إرساء قواعد التحكم في مسار الاستثمار بدءاً من تصوّر المشاريع ودراستها من حيث الجدوى والكلفة، والحرص على عدم إطلاق أي برنامج قبل أن ترصد له موارده بدقة للتخلص نهائيا من ظاهرة إعادة دراسة الملفات ومراجعة التقييم المالي ما يترتّب عنه ضياع موارد وارتفاع الكلفة.
لقد دفعت الميزانية العامة الكثير من الأموال بسبب ممارسات بيروقراطية، جانب منها يفتقر لتقدير المسؤولية جراء سوء تقدير أو ارتجال أو عجرفة بيروقراطية، وهو ما لا يجب أن يتكرّر، واعتبار السنة المقبلة بكل ما تحمله من تحديات منعرجا للانتقال إلى مستوى متقدّم في برمجة المشاريع والتحكم في إدارتها ومتابعتها من كافة جوانب نوعية الانجاز وآجالها المحددة، وأي خلل يترتّب على تقصير أو تهاون يتحمّله القائم على المشروع وليس الخزينة العمومية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024