«الشعب» تستطلع واقع المشاريع السكنية بمعسكر:

24 ألف وحدة سكنية بمختلف الصيغ تعرف تأخرا في الإنجاز

معسكر: أم الخير.س

تباين في تقدم الأشغال ومؤسسات في قفص الاتهام

كشفت زيارات المسؤول التنفيذي الأول لولاية معسكر الميدانية للمشاريع السكنية بالولاية عبر عدة مواقع وبلديات مختلفة، عن مشاكل كثيرة يعرفها القطاع، أغلبها يتعلق بتأخر إنجاز المشاريع وتسليمها، والناجم في الأساس عن تقاعس مؤسسات الإنجاز التي غالبا ما تبرر فشلها بالعراقيل الإدارية وبعدم تسوية وضعياتها المالية، خلافا لما أقرته الأطراف الوصية على ملف السكن، بتوفر الظروف الملائمة للعمل والاستثمار في الولاية. في حين وجهت تعليمات تنفيذية صارمة لجميع المؤسسات المشرفة على إنجاز المشاريع التنموية بولاية معسكر، بما فيها المؤسسات المستثمرة بقطاع السكن، بضرورة تقديم وضعياتها المالية شهريا لدى المصالح الولائية بغرض تسويتها حتى لا تقام الحجة على هذه الأخيرة بعرقلة المشاريع التنموية... كل التفاصيل في هذا الاستطلاع الذي أنجزته «الشعب».

ظروف الاستثمار المهيأة تثبت تماطل مؤسسات الأشغال الكبرى

في الوقت الذي تكون ولاية معسكر قد استفادت فيه من عمليات ضخمة وهامة عززت الحظيرة السكنية، منها حصة 24730 سكن بمختلف الصيغ مسلمة بين سنوات 2005 و2014، فضلا عن الحصص الواردة ضمن البرنامج التكميلي 2013، تبقى أهم المشاريع السكنية بمعسكر والمنتظرة من قبل المواطنين الذين أنهكتهم أزمة الضيق، على أحر من الجمر، رهن تماطل المؤسسات المشرفة على أشغالها في تسليمها في آجالها المحددة قانونا.
وتأتي في مقدمة هذه المشاريع السكنية المعول عليها في القضاء على أزمة السكن بكبريات دوائر الولاية وعاصمتها معسكر، مشاريع 3048 سكن عمومي إيجاري والمسلمة لمؤسسة صينية، عبر 3 مواقع ببلدية معسكر وحصة أخرى من برنامج 2150 وحدة من نفس الصيغة بنفس البلدية لم تراوح أشغالها بجميع المواقع نسبة 15٪ بعد انطلاقها في جانفي 2012.
وقد أرجعت المؤسسة الصينية سبب تأخر الأشغال وتسليمها في آجالها المحددة قانونا، إلى أسباب مختلفة باختلاف المواقع، منها ما يتعلق بندرة مادة الإسمنت وغياب اليد العاملة أو أسباب تقنية.
وفي تحليل بسيط لحجج المؤسسة الصينية المعززة بيد عاملة صينية هامة وترسانة من عتاد البناء، نجد أن السبب الأول المتمثل في ندرة مادة الإسمنت غير وارد، خاصة إذا ثبت تعامل مصانع الإسمنت بالمنطقة بمنطق الأولوية في توفير المادة الأساسية في البناء للمؤسسات المشرفة على المشاريع التنموية بالولاية بالدرجة الأولى.
المؤسسة الصينية محل الموضوع، تشرف على إنجاز 2150 وحدة سكنية عمومية موزعة بين 600 سكن بمعسكر، 1050 بالمحمدية و500 وحدة أخرى بسيڤ، قد تم إعذارها رسميا بشأن التأخر في الآنجاز على مستوى مشروع آخر لإنجاز 900 وحدة سكنية بمعسكر، حيث لم تراوح نسبة تقدم الأشغال بها 15٪، إضافة إلى 3 إعذارات أخرى مشابهة لعدم التزامها بآجال تسليم مشروع 650 سكن اجتماعي من نفس البرنامج والمحددة بشهر أكتوبر 2014، حيث وصلت نسبة الأشغال بالموقع 05٪ فقط.
وقد كان للمؤسسة الوطنية للترقية العقارية نصيبها من الإعذارات، بعد تأخرها في أشغال مشروع إنجاز 1500 سكن عمومي إيجاري، موزعة بين 1000 وحدة بمعسكر، 100 بالمحمدية، و200 في دائرة سيڤ، إضافة إلى مشروع لنفس الشركة لإنجاز 400 وحدة سكنية أخرى بالمحمدية وكلها عمليات لم تنطلق بعد، باستثناء إنجاز 216 وحدة سكنية من حصة 1000 سكن بمعسكر وصل تقدم الأشغال بها نسبة معتبرة، بالرغم من إخلال المؤسسة بتعهدها في تسليم المشروع مع ذكرى عيد الاستقلال.

برامج ضخمة تتطلب رفع التحديات

وفي مقارنة بسيطة لسير أشغال المشاريع والبرامج التنموية بالولاية وورشات مختلف القطاعات، نجد أن معظمها تسير بوتيرة جيدة إن لم نصفها بالتحديات، خاصة في قطاع التربية الذي أحصى استلام جميع برامجه المسجلة لسنة 2013 مع المباشرة في إنجاز المشاريع المسجلة لسنة 2014، مقارنة بقطاع السكن الذي تظل أغلب مشاريعه محل تذبذب في وتيرة الإنجاز، وجعلت أكثر من 24 ألف وحدة سكنية عبر تراب الولاية تعاني تأخرا كبيرا في أشغالها، بالرغم من المتابعة المستمرة التي تحظى بها المشاريع السكنية لأهميتها البالغة من طرف المسؤول التنفيذي للولاية السيد أولاد صالح زيتوني، هذا الأخير الذي توقف عند وضعية المشاريع السكنية بالولاية ومختلف العمليات التنموية والخلل القائم بين تفاوت معادلة الإنجاز بين الوضعيتين.
من جهته كشف والي معسكر، أن المؤسسات المشرفة على مشاريع مختلف القطاعات قد اكتسبت تجربة في المجال، بالرغم من نقص الخبرات لدى مكاتب الدراسات في متابعة هذه المشاريع، بينما أوعز تأخر الأشغال في ورشات المشاريع السكنية إلى غياب التأهيل والاختصاص لدى المؤسسات المنجزة في المجال على المستوى المحلي، مضيفا أن تلك المؤسسات لا تملك الخبرة الكافية في ما يخص المشاريع السكنية الضخمة، إلى جانب أنها غالبا ما تطرح مشكل غياب الموارد البشرية واليد العاملة المؤهلة في البناء وما شابه، مما استدعى التنسيق بينها وبين قطاع التشغيل وقطاع التكوين المهني لإيجاد حل يمكّن من تدارك الموقف.

مخطط استعجالي لتشخيص مشاكل المؤسسات واستدراك التأخر

وفي سياق متصل، كشف نفس المسؤول عن تسطير مخطط عمل محكم مع إلزام مكاتب الدراسات بتنفيذه ومتابعة المشاريع على أكمل وجه، ويتضمن المخطط الاستعجالي، بحسب أولاد صالح زيتوني، والي معسكر، بمتابعة الأشغال طيلة الشهر الكريم، مع تعزيز ورشات البناء بالوسائل المادية والبشرية اللازمة وتسطير مخطط عمل بنظام التناوب بين الفرق في فترات الليل والنهار، مع إلزام المقاولات بتقديم وضعياتها المالية والتقنية شهريا، وخلاف ذلك تتلقى المؤسسات المتقاعسة إعذارات صارمة وقرارات بالفسخ.

السكنات الترقوية المدعمة... تعقيدات بين المرقين والمكتتبين

وفي سياق متصل بوضعية المشاريع السكنية بمعسكر، يعرف برنامج 1700 سكن ترقوي مدعم، ضمن البرنامج الخماسي 2010 - 2014 في شطره لسنة 2011، مشاكل كثيرة أثرت سلبا على تسليم أغلب الحصص السكنية، عبر أكثر من موقع، حيث تراوح نسبة الأشغال بها بين 00 إلى 48٪، مما أثار حفيظة المكتتبين واستياءهم جراء تماطل المرقين العقاريين في إنجاز السكنات المباعة وفق عقد بيع على التصاميم.
وكما يعرف في هذه الحالات، يسدد المكتتبون الحائزون على عقودهم المؤقتة، أقساطا مالية هامة، إضافة إلى دعم الدولة المقدر بـ700 ألف دج، لقاء سكنات طال انتظارها، في ظل أزمة خانقة أرّقت هؤلاء المكتتبين الذين يتواجدون في ظروف مزرية يعانون الضيق ومشاكل البحث عن مأوى للإيجار، مع ميلاد أزمة الكراء الجديدة المتمخضة عن أزمة السكن.
وباعتبارهم ذوي دخل متوسط، يجد هؤلاء المكتتبون أنفسهم محل ضغط، بين تسديد مستحقات الإيجار وتسديد مستحقات السكنات الترقوية المدعمة، وهو ما يثير نقطة توقف الأشغال على مستوى ورشات المشاريع محل الموضوع، بسبب غياب التمويل الكافي لدى المرقين العقاريين الذين من المفترض أن تكون مؤسساتهم قائمة بذاتها ماليا لتفادي مشاكل غير متوقعة من طرف المكتتبين الذين لا يجدون القيم المالية اللازمة لتسديد مستحقات سكناتهم.
وفي عينة استقتها “الشعب” من عدة مواقع لمشاريع ترقوية مدعمة ببلدية معسكر، نجد أن حصة 80 سكنا للمرقي العقاري قاضي حنيفي، والتي من المتوقع استلامها في الثلاثي الأخير من السنة الجارية، لم تراوح الأشغال بها عتبة 48٪، بالرغم من انطلاقها سنة 2012.
ومن أسباب التأخير الأولية، تذكر الإجراءات الإدارية بين المحافظة العقارية والمرقي العقاري، المتمثلة في دراسة ملفات المستفيدين، إلى تسليم عقود المكتتبين، بحسب تصريحات صاحب المشروع، إضافة إلى الإجراءات التي تبعت تطبيق القانون الجديد القاضي بتحويل البرامج السكنية التساهمية إلى صيغة الترقوية المدعمة.
أما حصة 60 سكنا بنفس الصيغة، للمرقي العقاري بوكراع الحاج، فلم تتجاوز 5٪، بالرغم من تسلمه المشروع في سنة 2012، وقد برر المرقي العقاري تأخره في إنجاز السكنات إلى أسباب تقنية في أرضية المشروع.
في حين قدم صاحب مشروع 80 سكنا ترقويا في المنطقة 12 ببلدية معسكر، إعذارات لـ60 مستفيدا لم يسددوا مستحقات الشطر الثاني، مما جعله يتوقف عن الأشغال في حدود نسبة 25٪، لغياب التمويل المالي.
يذكر، أن ولاية معسكر، الوحيدة التي استطاعت الانطلاق في هذه المشاريع الترقوية المدعمة بعد تحويلها من صيغة السكن التساهمي، 80٪ من مشاريع برنامج إنجاز 1700 وحدة سكنية ترقوية سلمت للوكالة العقارية بمعسكر والتي تمكنت من إنجاز جميع حصصها، التي يبقى شغلها مرهونا من طرف المكتتبين بتعهداتهم في تسديد باقي الأقساط المالية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024