مستثمرون يثمّنون قرارات رئيس الجمهورية لتطوير القطاع

تـربية المائيات.. ثروة سمـكـية وأخرى مالــية

حبيبة غريب

 آفاق واسعة لضمان الاكتفاء الذاتي وخوض غمار التصدير

تراهن الجزائر اليوم كثيرا على قطاع الصيد البحري وتربية المائيات كداعم قويّ لتطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة وهذا من خلال تبنّيها إستراتيجية مدروسة من شتى الجوانب، تشجّع على الاستثمار فيه، مقدّمة بالمناسبة العديد من التسهيلات القانونية، الجمركية والبنكية، إضافة إلى التكوين لتفتح بذلك أمام المستثمرين آفاقا كبيرة للتحكّم في وفرة الإنتاج وجودته وتقديمه للمواطن بأسعار في متناول المستهلك، من أجل ضمان الاكتفاء الذاتي وخوض غمار التصدير إلى الخارج.

يتفق الجميع سواء مستثمرين أو أصحاب التعاونيات أو حاملي المشاريع وكذلك أصحاب المؤسّسات الناشئة أنّ التسهيلات التي منحها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون، مهّدت الطريق للكثير من المستثمرين للانطلاق في تجسيد مشاريعهم، حيث وجدوا الدعم المالي من خلال تكفّل الدولة بدفع فوائد القروض المدعّمة سواء في الاستثمار أو الاستغلال، مع تمديد المدّة إلى 3 و7 سنوات وأيضا تقديمها تسهيلات قانونية وجبائية، وجمركية جاء بها قانون المالية لسنة 2024.
كشفت ضاوية موسى، المدير التقني لمؤسّسة تربية المائيات “اكوا بارك باش”، أول مؤسّسة لتربية المائيات في الأحواض العائمة في الجزائر، تأسّست بوهران ببلدية عين الترك “ أنّ المؤسّسة التي تختص في تربية أسماك البحر كذئب البحر وسمك الفجوج تلقّت تسهيلات من طرف البنوك، استفادت في الآونة الأخيرة من التسهيلات والقرارات الرامية لتشجيع الاستثمار والاستغلال في المجال”.
وأشارت المتحدّثة أنّ من “بين التسهيلات التي تقدّمها الحكومة تنظيم المعارض والصالونات الدولية والوطنية التي تسمح للمؤسّسة بعقد شركات والتقرّب من المؤسّسات الأجنبية خاصة المنتجة للأعلاف وصغار السمك.”
كما تساعد حسبها “الغرفة الوطنية للصيد البحري وتربية المائيات على التكوين وتطوير الموارد البشرية للمؤسّسة، من خلال تنظيمها للعديد من التكوينات الخاصة بالغطّاسين وطرق تربية المائيات وتسمينها إلى غير ذلك”.

الصناعات التحويلية.. الشقّ الآخر للرهان

من المشاريع الفتية التي استفادت هي الأخرى من التسهيلات التي تقدّمها الحكومة من أجل تشجيع استثمار الشباب في القطاع ، “Aqua palmier du Sud”“ المؤسّسة الناشئة المتخصّصة في تربية المائيات والتي انطلقت في استثمارها من مزرعة لتربية سمك التيلابيا أو “البلطي” ببشار سنة 2023” حسب ما صرحت به مسيرتها حنان بلغيث.
وبعد نجاح التجربة في بشار انتقلت المؤسّسة إلى مرحلة الصناعة التحويلية وإنتاج دقيق السمك والمواد الصيدلانية من جلد سمك البلطي الذي يعد مرمم ممتاز لبشرة الإنسان في حال إصابتها بحروق.
وإلى جانب دقيق السمك، تقوم الشركة بعصر وإنتاج زيت التيلابيا، كما تقوم بالصناعة التحويلية انطلاقا من مخلّفات الأسماك منها التونة، لهذا قررت إدارة الشركة حسب حنان بلغيث “إنشاء وحدة لتحويل مخلّفات السمك والتي تفتح قريبا أبوابها بولاية مستغانم.
من جهة أخرى، أكّد قاسيمي عبد الحليم “مسير شركة “ناغول” المختصة في صناعة الأحواض الثابتة والمتنقلة والبيوت البلاستيكية أنّ التسهيلات الإدارية والقانونية والبنكية التي تلقتها شركته المؤسّسة سمحت له اليوم بشقّ طريقه في السوق الوطنية في مجال تربية المائيات”.
يؤكّد قاسمي “لقد كنّا من أوائل المشاريع الموافق عليها من طرف الوكالة الوطنية anag لتجهيز أحواض ثابتة ومتنقلة وكلّ ما يخصّ تربية المائيات، فمنتوجنا جزائري 100% باستثناء محرّكات الأكسجين”.
واليوم يضيف المتحدّث و«بفضل الدعم الذي تلقيناه ننتظر الانطلاقة في التسويق على المستوى الوطني ولما لا خارج الوطن، لأنّ هناك إقبال وتجاوب كبير من المستثمرين ومربّي الأسماك على منتوجنا القابل للتطوير ليكون بجودة عالية ومطابقا للمعايير الدولية”.

النيجر بوابة للتصدير نحو إفريقيا

لا تقتصر عملية التصدير اليوم على المؤسّسات العمومية وحدها، بل هناك العديد من المستثمرين الخواص في مجال صناعة المواد والتقنيات المستعملة في مجال الصيد البحري وتربية المائيات من يسير على نفس النهج..
وعلى ذكر تصدير الخبرة والمنتجات إلى الخارج وقفت “الشعب “ على تجربة مؤسّسة الجزائرية للأغشية الأرضية «ش.ذ.م.م» مشري ببرج بوعريريج، التي تقدّم حلولا للعزل المائي للمستثمرين في تربية المائيات، والتي فتحت اليوم لها أبوابا نحو أوروبا وأفريقيا حسب ما صرح به مسيرها مشري بلال.
وقال المتحدّث إنّ “ الطلب كبير على منتوجنا في الزراعة وتربية المائيات ونحن أصبحنا اليوم نغطي السوق الجزائري كافة وخاصّة قطاع الفلاحة مع أحواض تخزين الماء، التي شكّلت في الآونة الأخيرة حلاّ استعجاليا لمشكلة الجفاف التي عرفتها البلاد والتي يمكن أن تستعمل لتربية الأسماك واستعمال مخلّفاتها كأسمدة للزراعة”.
وقال مشري: “إنّنا نقوم منذ سنوات بتصدير منتوجنا إلى في الأسواق الإفريقية على وجه الخصوص وسطّرنا في برنامج سنة 2024 إمكانية التصدير إلى فرنسا وبعض دول أوروبا الشرقية، كما قمنا مسبقا بالتصدير إلى السنغال وكوت ديفوار وغينيا.
سنقوم خلال هذه السنة بالتصدير بقوّة إلى أفريقيا وستكون بوّابتنا النيجر بفضل التسهيلات التي وضعتها الحكومة أصبحت العملية مريحة جدّا، بالنسبة لنا خاصة في مجال النقل البري وبعد فتح السوق الحر بموريتانيا وكذا التسهيلات الجمركية التي وضعت حدّا لكثير من العراقيل التي كنا نصادفها”.

تشجيع الشباب على الاستثمار

أكّد رئيس الدراسات بالمجلس الأعلى للشباب سمير يحياوي أنّ “ السلطات العليا تولي اهتماما كبيرا لدخول الشباب مجال الاستثمار في تربية المائيات والصيد البحري، حيث تشجّع العديد منهم على خوض هذا الغمار مقدّمة لهم في إطار المقاولات الذاتية والمؤسّسات الناشئة فرصة لإبراز قدراتهم على الإنتاج”.
وكشف يحياوي في تصريح لـ “الشعب” عن إنشاء لجنة البيئة والتنمية المستدامة ولجنة المقاولاتية والابتكار واقتصاد المعرفة في إطار الاتفاقية المبرمة بين وزارة الصيد البحري والمجلس الأعلى للشباب”، أسندت لهما مهمة استقبال وتوجيه المستثمرين الشباب في تربية المائيات في كلّ ربوع الوطن “.
وكشف المتحدّث عن “تنظيم المجلس الأعلى للشباب في الأسابيع القادمة للعديد من التظاهرات على غرار الورشات التفاعلبة والتكوينية على المستوى الوطني والجهوي للتقرّب من المستثمرين الشباب وحاملي المشاريع، بهدف تعريفهم بقطاع تربية المائيات والتسهيلات والمزايا التي وضعتها الحكومة لتشجيع الاستثمار فيه وكيف يمكن تجسيد مشاريعهم على أرض الواقع وأين يقدّمون القيمة المضافة “.

من المنتج إلى المستهلك
كشف تفاحي مصطفى، العضو المؤسّس في تعاونية الجزائر الجديدة بسكيكدة وهي أول تعاونية على المستوى الوطني أنّ التسهيلات التي قدّمتها السلطات العليا بتشجيع الصيد البحري وتربية المائيات، مكّنت التعاونية من كسب رهان “البيع من المنتج إلى المستهلك.”
يقول تفاحي هي تجربة “ناجحة قمنا بها بعد تحصّلنا على نقطة بيع في “سوق “الرحمة سكيكدة أين تمكنا من بيع الجمبري بسعر 650 دينار للكيلوغرام ومتى نتمكن من تحقيق كلّ أهداف الجمعية يمكننا المشاركة في مشروع الأمن الغذائي بقوّة.”
اعتمدت تعاونية الجزائر الجديدة رسميا في 15 مارس 2023 ومن أهدافها يضيف المتحدّث تسويق منتجات الصيد من المنتج للمستهلك، إقتناء سفينتين للصيد في أعالي البحار، تصدير منتجات الصيد البحري فتح نقاط جديدة للبيع عبر التراب الوطني،إنشاء مسامك عصرية، وورشة لبناء السفن، تحسين الجودة التسويقية لمنتجات الصيد البحري وتربية المائيات والمساهمة في جهود التنمية الاقتصادية المساهمة في الرفع من الإنتاج المحلي المساهمة من أجل الأمن الغذائي المستدام”.
وتحمل تعاونية الجزائر الجديدة فكرة تأسيس الاتحاد العام لتعاونيات الصيد البحري وتربية المائيات التي تبنّتها تعاونيات من سكيكدة وهران مستغانم بشار جيجل عنابة وعين الدفلة.”

مراقبة الجودة وحماية صحة المستهلك
«يعتبر المخبر الوطني لمراقبة وتحليل منتجات الصيد البحري وتربية المائيات ونظافة الأوساط، من بين المحطات المحورية في سلسلة إنتاج وتسويق المنتجات الصيدية والمائيات، كونه الحارس أو الضابط لعديد العتبات التي لا ينبغي تخطّيها حتى يكون المنتوج مطابق وصالح للاستهلاك”، كما تقول المديرة العامة سعيدة أمالو.
و«يضبط المختبر من خلال مختلف التحاليل سلسلة إنتاج المائيات وفي كلّ مراحل الإنتاج، من البحر أو المزارع إلى المستهلك، مع الحرص على مراقبة الوضعية الميكروبيولوجية والجوانب السامة وكلّ الجوانب المتعلّقة بصحة السمك”، الذي يمكن له حسب “أمالو” أن يمرض بسبب الطفيليات المتواجدة في مياه الأحواض من الممكن أن تنقل العدوى إلى الإنسان. “
 ولتفادي أيّ أخطار أو مشاكل، تؤكّد المديرة العامة كثيرا “على إلزامية التحليل وتقديم الشهادة الصحية وكشف التحليل كشرط أساسي لتسويق المنتوج”.
يضمن المخبر الوطني لمراقبة منتجات الصيد البحري وتربية المائيات المرافقة المستمرة والضمانة للمتعاملين والمزارعين كما يلعب دورا هاما من خلال مهامه اليومية في عمليات المراقبة والتحاليل التي تخضع لها مزارع تربية المائيات وعينات المنتجات السمكية، وأيضا منتوجات الصيد البحري في عمل متناسق مع المصالح البيطرية، وذلك لتعزيز مساعي المخبر في تطوير مجال الصيد البحري وتربية المائيات والحفاظ على سلامة المستهلك مع نشر الوعي بأهمية التأكّد من مصادر السمك في الأسواق.
للتذكير تم إنشاء المخبر الوطني لمراقبة وتحليل منتجات الصيد البحري وتربية المائيات ونظافة الأوساط، بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 215-12 المؤرخ في 23 جمادى الثانية عام 1433 الموافق لـ 15 ماي 2012، وفتح أبوابه في 2 مارس 2014.
ويتكفّل المخبر حاليا بإجراء مختلف التحاليل البيو كيميائية، الميكروبيولوجيا، الفيزيوكيميائية الطفيلية والتسممية، تحلیل نظافة الأوساط ومراقبة نوعية المياه البحرية وأحواض تربية المائيات.
ويقوم المخبر اليوم بعملية جمع للمعلومات والمراجع المتعلقة بنوعية مواد الصيد البحري وتربية المائيات بهدف إنشاء بنك للمعلومات التقنية، إلى جانب المشاركة في عمليات التحسيس في ميدان مراقبة من الصيد البحري وتربية المائيات وأوساطها.

البحث العلمي في خدمة القطاع

يشكّل البحث العلمي والأكاديمي حلقة محورية يرتكز عليها مشروع تطوير قطاع الصيد البحري المائيات في الجزائر، حيث جعلت من الجامعه شريكا استراتيجيا وكّلت له كبريات مشاريع برامج البحث الوطنية التي تهتم بالتيمات المرتبطة بالأولويات الوطنية، مثل الفلاحة والصيد البحري وتربية المائيات الأمن الغذائي، الصحة، الأمن الطاقوي، الأمن المائي…
عديدة هي الجامعات والمدارس العليا التي أخذت على عاتقها إتمام هذه المهمة ومن بينها جامعة “محمد بن أحمد” وهران 2 التي تبنّت مشروع برنامج البحث الوطني حول “ميدان الأمن الغذائي في شقّه المتعلّق بالصيد البحري وتربية المائيات” والذي يتفرّع إلى ثلاثة دراسات هامة يشرف عليها الدكتور بلوطي نبيل أستاذ محاضر بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية والتسيير وعضو في مخبر البحث حول الإقتصاد وتسيير المؤسّسات.
 تتناول الدراسة الأولى حسب ما صرح به الأستاذ بلوطي لـ “الشعب” “ مسار تسويق تربية الأحياء المائية وتخص الثانية “دائرة تسويق منتجات الصيد البحري وتربية الأحياء المائية” والثالثة “حوكمة قطاع الصيد البحري”.
وقد سجّل سنة 2021-2022، تحت عنوان “ تحليل قناة تسويق موارد الصيد البحري وتربية المائيات”.
ويتمثل المشروع حسب المشرف عليه “في دراسة المسار التسويقي للمنتجات البحرية من لحظة خروجها من الميناء وحتى وصولها إلى المستهلك مع التدقيق في المراحل التي يمرّ بها وأسباب تحوّلات الأسعار وأهم الطرق التسويقية المستعملة.
وتشمل الدراسة يضيف الأستاذ بلوطي ملاك السفن والصيادين والكيمياء والموزّعين وباعة السمك وأخيرا المستهلك، وسيكون لنتائجها أثرا على مختلف ميكانيزمات التسويق حين سيتم حصرها، وتوحيدها بهدف التقليص من الوسطاء والحدّ من ارتفاع أسعار السمك.

المعارض فرص للتبادل وإبراز المهارات
سواء كانت تجارب فتية في الاستثمار في مجال الصيد البحري وتربية المائيات في مياه البحر أو التربية القارية أو عتيدة كسبت من الخبرة والإلمام بتقنيه هذا النوع من الاستثمار، يتفق أصحابها على أنّ الصالونات والمعارض وطنية كانت أو دولية. التي تنظيم الجزائر اليوم الترويج لاستراتيجيتها لتطويرقطاع الصيد.البحري وتربية المائيات هي مناسبة بامتياز للتواصل وتبادل الخبرات والتجارب بين أبناء الوطن مع المستثمرين المحليين والمؤسّسات الوطنية والشركات الأجنبية، وأيضا فرصة لتوطيد وعقد اتفاقيات شراكة وتعاون على أكثر من صعيد.”

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024