مع الشروع في العمل بنظام الوثائق البيومترية

عشرات العائلات الجزائرية تعاني من مشكل الهوية بالحدود الغربية

تلمسان : محمد.ب
باشرت الدولة الجزائرية العمل بالنظام البيومتري عبر حملة تحسيسية وملء الاستمارات على البريد الإلكتروني لكن بولاية تلمسان وفي زوايا حدودية لا تزال عشرات العائلات محرومة من حق الجنسية رغم أنهم ولدوا بالجزائر ومقيمين بها أبا عن جد لكن أسبابا مجهولة تحرمهم منها، حيث أن بعضهم ممن كبروا في السن كانوا فيما ما مضى يملكون بطاقة المقيم الاجنبي على أساس أنهم مغاربة لكن فرع القنصلية المغربية ببلعباس رفض تجديد هذه البطاقة بعد سنة ١٩٩٣ نظرا لاكتشافه ان هؤلاء المواطنين جزائريون بالمولد والنسب «الشعب» اختارت الغوص في الملف ونقل معاناة هذه الفئة.
 بداية المشكل.. مواطنون بلا هوية منذ ٢٠٠٢أكدت مصادر مقربة من الإدارة  لـ«الشعب» أن أصل هذا المشكل يعود إلى سنة ١٩٧٥ أثناء احتدام الصراع بالصحراء الغربية جعلت البلدين يطردون الرعايا، تلك بداية الأزمة حيث ذهب بعض الجزائريين ضحية جنسيات امهاتهم أو واحدهم المغاربة الذين استقروا بالجزائر ابان الحقبة الاستعمارية للعمل في مزارع المستعمر. تقول خالتي رقية زناسني التي فتحت قلبها لـ «الشعب» مولودة بالجزائر وبالضبط بمدينة بني صاف بتاريخ  ١٠ / ٠٧ / ١٩٣٢ حسب شهادة الميلاد رقم ١٢٨٠من أب جزائري وأم جزائرية لكنها تفاجأت بأنها من جنسية مغربية ورغم الاتصالات الجزائرية والمغربية التي تكللت بمنحها بطاقة المقيم الأجنبي تحمل رقم ٥٠٨٠ بتاريخ ١٩٩٢١٢٢٢ لكنها أسقطت بتاريخ  ٢١ / ١٢ ٢٠٠٢/ من قبل ممثل قنصل المغرب بالجزائر الذي أكد أنها مواطنة جزائرية وأن كل الوثائق تؤكد انها جزائرية لكن من ذلك الحين فلا هي جزائرية تملك حقوقها المدنية ووثائق الهوية ولا مغربية تتمتع بحق المقيم الاجنبي لاستخراج وثائق من القنصلية وما إن أتممنا مشكل خالتي رقية التي بلغت من العمر ٨٠ سنة حتى استوقفنا مشكلا آخر للسيدة عائشة بنت علي المولودة ببلدية ندرومة الجزائرية بتاريخ ١٨جانفي ١٩٣٦ لكنها مسجلة على أساس انها مغربية بحكم ان والدتها مغربية غير أن آخر بطاقة للمقيم الأجنبي حصلت عليها بتاريخ ٢٦ / ٠٤ / ١٩٩٣ القنصل الفرنسي رفض تجديدها بعد انتهاء صلاحيتها بتاريخ  ٢٥ / ٠٤ / ٢٠٠٣ على أساس أن المعنية جزائرية، الأمر الذي جعلها معلقة بدون وثائق ورغم تقديمها لطلبات إلى وزارة العدل من أجل طلب الجنسية.عائلات بدون وثائق.. و''زواج بالفاتحة'' على الحدودمن اجل إثراء تحقيقنا أكثر حاولنا التقرب من الشريط الحدودي للوقوف على هذه الشريحة   المدرجة ضمن النظام البيومتري فوقفنا بقرية محمد الصالح التابعة إقليميا لبلدية بني بوسعيد التي تغيب فيها معالم الحدود ما بين الجزائريين حيث تتعايش العائلات بشكل عادي ما جعل التفرقة بينهم أمرا صعبا وهو ما خلق أزمة وثائق الهوية حيث أن العشرات من كبار السن غير مسجلين ولا يملكون وثائق لا مغربية أو جزائرية، رغم أنهم أنجبوا أطفالا حيث كشف الحاج عبد القادر أن الزواج في المنطقة كان فيما مضى يتم بالفاتحة فقط كما أن لا أحد يمكن منعه من زيادة أهله بالضفة المقابلة.
  أشار عبد القادر إلى أن أبناء عمومته لا يبعدون عنه سوى بـ٨٨٠ م في الإقليم المغربي ويزورهم متى شاء كما أكد أنه لا يملك وثائق هوية لا جزائرية ولا مغربية في حين أن زوجته تملك الوثائق الجزائرية وعن النظام البيومتري أكد أنه لا يملك حتى الوثائق العادية فما بالك الوثائق البيومترية. تركنا قرية محمد الصالح وتوغلنا بالمداشر الغربية لبلدية بين بوسعيد حيث زرنا مناطق «إيراغريب» «روبان» «الفرازة»... مناطق كلها لا تبعد عن الشريط بأكثر من ٥٠٠ م، مناطق مشتركة بحكم تغيير الحدود سنة ١٩٧٥م.
هنا وقفنا على معاناة حقيقية بالمنطقة ضحاياها أطفال لا هوية ولا وثائق ولدوا عن طريق زواج تقليدي ما بين الضفتين الجزائرية والمغربية حيث أن هاته العائلات تتواصل بينها بعيدا عن اجراء   غلق الحدود. بتاريخ  ٢٤ / ٠٨ / ١٩٩٤ حيث لا تزال المصاهرة جارية والزيارات عادية.
حاولنا معرفة مصير هؤلاء البراعم خصوصا وأن أغلبهم إناثا مع البطاقة البيومترية لكن المفاجأة أنهم لا زالوا لم يسمعوا بها خصوصا وأن اتصالهم بالمغرب أكثر من الجزائر فيما يخص البرامج، كما لا شك فيه أن هؤلاء لن يكونوا ضمن تلاميذ المدرسة الجزائرية ليحتضنهم التهريب بذراعيه.مهربون بدون هوية وآخرون بهوية مزدوجة  خلال استكمالنا لهذا التحقيق استوقفنا مجموعة كبيرة من الشباب بالشريط الحدودي اغلبهم في العقدين الثاني والثالث لا يعرفون النهار إلا بعد منتصفه فهم يقضون نومهم نياما وليلهم عمالا في نقل الوقود الجزائري إلى المغرب.
خلال حوارنا معهم كشف (محمد ٢٦ سنة) أنه لا يملك من وثائق العمومية إلا شهادة الميلاد حيث أشار إلى زميله (رضوان ٣١ سنة) بأنه لا يملك الوثائق مؤكدا أن هناك العشرات من أقرانه غير مسجلين مؤكدا أنه يعمل ضمن شبكة التهريب «الكواسة» في نقل المازوت إلى المغرب ولا يمكنه استخراج وثائق الهوية لأنها ليست في صالحه إذ ما ضبط من قبل حراس الحدود الجزائرية او المخزن المغربي عن البطاقة البيومترية كشف حميد(٢٢ سنة) أنه لا يؤمن بالوثائق في منطقة تعتمد على التهريب لضمان القوت وغير بعيد عن الحدود وقفنا بمنطقة الزحاحفة بناحية باب العسة عن نفس الوضعية. كشفت سيدة جزائرية أم لـ٠٤ بنات خلفتهم من زوج مغربي عن طريق زواج الفاتحة وكلهم يعانون من مشكل الوثائق، كما وقفنا على حالة نور الدين (٤٣ سنة) مواطن جزائري مرح يملك كل الوثائق الثبوتية لكنه أيضا يملك كل الوثائق المغربية كمواطن مغربي حيث أكد أن عمله يتطلب هذا لضمان لقمة العيش والتحرك بحرية في الجزائر والمغرب وكذا الهروب من المتابعات القضائية ونفس الشيء وجدناه عند (ز.محمد) من بوكانون حيث يملك بطاقة التعريف الجزائرية والمغربية معا. أكد أنه يتحرك بحرية بالجزائر والمغرب بحكم اقامته  بالخط الحدودي ما فرض عليه هذه الوضعية لتفادي المشاكل مع السلطتين مؤكدا أنه فلاح معروف ولا علاقة له بالتهريب أو الممنوعات لكن الحذر واجب. وعن كيفية حصوله على هذه الوثائق أكد محمد ان الامور بسيطة اليوم لكنها تكون صعبة مع النظام الجديد كاشفا أن هذه الطريقة يسودها أكثر من ١٠٠ بارون من المهربين الذين تمكنوا بنفوذهم مع مغاربة مقربين من العمالة على استخراج وثائق مغربية للهرب من المتابعات القضائية والإحكام التي تلاحقهم. وعن النظام البيومتري اكد أنه مستعد للتخلي عن الوثائق المغربية في حالة الضغط لأنه يفضل الجزائر على المغرب. ممثل القنصل المغربي بسيدي بلعباس: ''لا يمكننا منح وثائق مغربية للجزائريين''من أجل إعطاء تفاصيل أكثر لموضوعنا اتصلنا بممثل القنصلية المغربية لسيدي بلعباس وبدون الكشف عن هويتنا أخذنا وثائق السيد عائشة بنت على وطلبنا منه استفسارا عن عملية تجديد بطاقتها للإقامة بالجزائر. وبالاطلاع على الملف أكد أنه لا يمكن منح بطاقة المقيم الاجنبي لجزائريين من الولادة مؤكدا أن القوانين العالمية تمنح حق الجنسية للمواطن المولود بالإقليم وحتى الجزائر جددت قانونها سنة ٢٠٠٥ ونصحنا بالاتصال بمصلحة الجنسية بوزارة العدل من أجل تسوية الوضعية كمواطنة جزائرية. وعن البطاقة السابقة أكد أنها كانت قبل سنة ٢٠٠٥ حيث لم يكن قانون الجزائر ساريا وبتطبيقه راجع المغرب قائمة رعاياه بالجزائر وشروط تمتعهم بالجنسية المغربية.رئيس دائرة تلمسان يبرر الوضعية من وجهة نظر مختصومن الجانب الجزائري اتصلنا برئيس دائرة تلمسان حجام عابد صاحب دراسة حقوق الأجانب بالجزائر الذي كشف أنه لا يمكن لمن ملك بطاقة المقيم الأجنبي أن يطالب بالبطاقة البيومترية إلا بحصوله على الجنسية الجزائرية والوثائق الرسمية التي تثبت جزائريته وتكفل له حقوقه كمواطن جزائري وأكد أن الجزائر جددت قانون اكتساب الجنسية سنة ٢٠٠٥ لكنه ليس مثيلا لقوانين أوروبا حيث يطبق مبدأ اكتساب الجنسية بصفات استثنائية على غرار الأبناء غير الشرعيين فقط أما الباقي فيبقى دائما أجنبيا.
وأمام هذا وذاك يبقى العشرات من الجزائريين بالحدود مع المغرب بلا هوية بعد رفضهم من قبل الموطن الذي ولدوا به وكذا سلطات التي سبق وان تبنتهم بمنحهم وثائق مؤقتة انتهت منذ سنوات دون تجديدها ما يجعلهم خارج النظام البيومتري العالمي الذي قررت الجزائر الدخول فيه وشرعت في تبنيه.
 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024