صرخة لأبناء وطني

بقلم: د-وليد بوعديلة أستاذ بجامعة سكيكدة

 

 

 

 يقول الشيخ عبد الرحمان الثعالبي:

إن الجزائر في أحوالها عجب
  ولا يدوم للناس بها مكروه
 وما حل عسر بها أو ضاق متسع
إلا ويسر من الرحمان يتلوه

لا يمكن أن يدرك الخطر الفيروسي الكبير الذي يهدد العالم اليوم إلا من اطلع على مشاهد المرضى وصور الدفن في اسبانيا وايطاليا وقبلهما في الصين، وعندما نلاحظ معاناة أمريكا القوة الاقتصادية الأولى عالميا، وكيف تعاني من تداعيات هجوم فيروس كورونا، سندرك فعلا أننا نحتاج هبة وطنية جديدة، تواصل هبات شعبية كثيرة، عرفها التاريخ الجزائري..
وسأجعل من هذه السطور صرخة لأبناء وطني، فلا يمكن لوطن مفدي زكريا والأمير عبد القادر والشهداء أن يسقط أمام وباء أو جائحة كورونا، لكننا نريد وبأقصى درجات السرعة، ممارسات وأفعالا، تؤكد الروح الوطنية والاتحاد والتلاحم، لمواجهة لحظة ذروة الوباء.
أبناء وطني... نريد من مساجدنا، رغم غلقها، الإسهام في التوعية بأهمية الحجر الصحي المنزلي، بتخصيص أوقات لدروس مختصرة بمكبرات الصوت، نحو الشوارع والمنازل، لتبليغ الجوانب الوقائية ودعوة الناس للدخول في الحجر، ويشارك في التوعية أساتذة اللغة والأدب والإعلام والاجتماع والأطباء والعلوم الشرعية... وكل من يملك أدوات الإقناع والتأثير، لدفع من لازال خارج المنزل للدخول، وهذا بدل غلق المساجد فقط. دون الاستفادة من تواجدها بكل الأحياء والقرى والمدن؟؟
نقترح تجهيز القاعات متعددة الرياضات لما هو آت من خطر، وتزويدها بالأسرة وبالوسائل الطبية الوقائية، وكذلك الأمر مع ملاعب كرة القدم، الكبرى والجوارية، واختيار المدارس القريبة من المستشفيات، لتحضيرها المسبق لكل طارئ...
ونريد استمرار المساهمات التضامنية الاجتماعية التي عرفها الحراك السلمي الشعبي، كل هذا مع حضور وسائل الردع وقوانين العقاب، لأن تجمعات المواطنين هي مصدر الخطر الفيروسي المتنقل، وإذا لم ينفع خطاب التحسيس والتوعية، فمن اللازم حماية المجتمع بواسطة قوة الردع، و»العصا لمن عصى»، وقد سارت الكثير من الدول في هذه الطريق، عبر الأجهزة الأمنية، من خلال العقوبات والغرامات والسجن...
نحن نساند معاقبة وسجن أصحاب مواقع التواصل الاجتماعي التي تدعو للتجمهر وخرق الحجر الصحي، لأنها تدعو للانتحار الجماعي، وتنشر الأخبار المغلوطة وتهدد السلم المجتمعي... ولأنها كشفت الجوانب السلبي للإعلام الجديد بدل الجانب الايجابي في ظل ظروف صعبة جدا.
لنشكر كل من يساهم في المجهود الوطني لمواجهة وباء كورونا، من السلك الطبي والأمني والحماية المدنية والاعلام، وكذلك المجتمع المدني، دون نسيان عمال النظافة، وننتظر وقفات وطنية واعية، تمنح الأمل للوطن وتغني روح النهوض والحياة بدل أنغام الموت ومشاهد الدمار والخراب وتفتح أبواب التفاؤل والأمل، لتواصل الجزائر وهجها العالمي، وقد كتبته في الماضي البعيد والقريب...
لقد كشف كورونا الكثير من المجرمين الذين سارعوا لاحتكار السلع والمضاربة غيها، ونهبوا السميد والمواد الغذائية ووسائل التطهير والتعقيم، ومصوا دماء الشعب، وخانوا المجتمع والدولة، في لحظة أزمة حرجة، وسيسجل التاريخ كل فعل وقولن وينقل للأجيال مشاهد النهب وصور تجار الأزمات والفجائع، كما يسجل مواقف المتطوعين والمضحين لأجل مجتمعهم ووطنهم...وعسى أن نكره شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا...لتعرف الجزائر المخلص والخائن في زمن كورونا.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024