ترافع من أجل حماية السلم بالقارة السمراء

أمـن ووحـدة مالي أولويـة قصوى للجـزائر

بقلـــم: أ.د. إسماعيل دبش كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية - جامعة الجزائر 3.

 

مقاربة إقليمية تضع الخيار السلمي فوق كل اعتبار

 

ينطلق اهتمام الجزائر بالوضع في مالي وفي الساحل الإفريقي ككل من محيطها الإقليمي والجيو- سياسي مع هذه المنطقة الذي يصل إلى حوالي 3777 كلم من موريتانيا، مرورا بمالي والنيجروليبيا من منطلق حدود هذه الأخيرة مع دول الساحل الإفريقي. وضع حدودي يملي على الجزائر إعطاء هدف أسمى وأولوية قصوى لأمن واستقرار ووحدة أي دولة مجاورة.
ضمن ذلك يمكن ذكر أهم العوامل التي تدفع الجزائر للبحث عن مقاربة اقليمية وحلول سياسية لأية أزمة في المنطقة على غرار ما يحدث في مالي وليبيا وليس كما تروج له أحيانا بعض المصادر الإعلامية المغرضة إقليميا ودوليا بأن الجزائر تريد أن تلعب دورا محوريا لأهداف خاصة:

 

ينطلق اهتمام الجزائر بالوضع في مالي وفي الساحل الإفريقي ككل من محيطها الإقليمي والجيو- سياسي مع هذه المنطقة الذي يصل إلى حوالي 3777 كلم من موريتانيا، مرورا بمالي والنيجروليبيا من منطلق حدود هذه الأخيرة مع دول الساحل الإفريقي. وضع حدودي يملي على الجزائر إعطاء هدف أسمى وأولوية قصوى لأمن واستقرار ووحدة أي دولة مجاورة.
ضمن ذلك يمكن ذكر أهم العوامل التي تدفع الجزائر للبحث عن مقاربة اقليمية وحلول سياسية لأية أزمة في المنطقة على غرار ما يحدث في مالي وليبيا وليس كما تروج له أحيانا بعض المصادر الإعلامية المغرضة إقليميا ودوليا بأن الجزائر تريد أن تلعب دورا محوريا لأهداف خاصة:
١ ــ وجود الجزائر بالساحل الإفريقي عبر حدودها الجنوبية يفرض عليها الإهتمام بقوة بأمن واستقرار الدول المجاورة والعمل على ترقية علاقات متميزة وخاصة معها خلافا للمغرب الذي يظهر أهداف توسعية انطلاقا من احتلاله للصحراء الغربية والمطالبة بحدود توسعية تشمل موريتانيا وشمال السينغال والشمال الغربي لمالي مرورا بأجزاء ترابية جزائرية محاذية للحدود مع المغرب (أدرار، تندوف وبشار).
٢ ــ الجوار الجغرافي لدول الساحل الإفريقي دفع الجزائر لإعطاء أولوية قصوى والرفع من مستوى اليقظة الأمنية خاصة بعد التوترات الإقليمية الناتجة عن ضرب الحلف الأطلسي بليبيا والإطاحة بنظام القذافي وما نتج عنه من آثار وانزلاقات خطيرة خاصة تسرب الأسلحة.
شكل القرب الجغرافي والطبيعة البيئية المتشابهة والثقافة والعقيدة المشتركة من جهة ومن جهة أخرى التواصل الاجتماعي والثقافي بين سكان شمال مالي وسكان الجنوب الجزائري عامل تقارب بين الشعبين المالي والجزائري والدولتين الجزائر ومالي . وضع كان وراء دعم مالي القوي للجزائر أثناء حرب التحرير الجزائرية. منظور الجزائر لأمنها الإقليمي ينطلق من تنمية الساحل والتواجد الميداني للإدارة المركزية واستقرار سكان شمال مالي الذي يشكل عامل استقرار بالنسبة للجزائر وفي مقدمتها وقف النزوح المكثف عقب أي توتر أو تمرد يحدث في المنطقة (منذ 1963).
الجزائر لها إيمان تاريخي وطبيعي بمبدأ الوحدة الوطنية ودفعت من أجله استمرار حرب التحرير الجزائرية لمدة 4 سنوات إضافية لمواجهة محاولة فرنسا فصل الصحراء عن الجزائر. ونفس المقاربة والمبدأ تتبناه الجزائر في علاقاتها الثنائية والإقليمية والدولية.
بالنسبة للجزائر، مبدأ الحدود الموروثة عن الإستعمار بشرعيته الإقليمية والدولية مبدأ جسد ويجسد وحدة الدول والشعوب في القارة الإفريقية وخارجها وترافع باستمرار من أجل الإلتزام به حماية للسلم والأمن للقارة الإفريقية وخارجها.
خلافا لمالي والنيجر وجنوب ليبيا، سكان جنوب الجزائر غير متواجدين على أساس عرقي أو لغوي أو ثقافي. سكان الجنوب الجزائري شاركوا في معركة التحرير الوطنية ورفضوا أن يكونوا خارج المعركة والوحدة الوطنية. أكثر من ذلك أن سكان الجنوب مندمجين مع السكان القادمين من الشمال، والعكس صحيح. ومن هذا المنطلق إن الجزائر تعتبر محطة لإفشال أي مشروع يمس بوحدة مالي ووحدة دول المنطقة، من منطلق عرقي أو ثقافي. تجربة الجزائر في الوحدة الوطنية تعتبر عاملا قويا في تعزيز وحدة دول المنطقة.
للجزائر مشاريع بناءة، مجسدة ميدانيا للتواصل بين دول المنطقة مثل طريق الوحدة الإفريقية والطرق المؤدية إلى النيجر وموريتانيا والطريق السيار من الشرق إلى الغرب، الذي يعزز التواصل بين دول المنطقة، إضافة إلى مشاريع أنبوب الغاز من نيجيريا وغيرها من المشاريع التي تؤكد الهدف البناء للجزائر للتكامل الإقليمي في القارة.
يعرف العالم اقليميا ودوليا أن الجزائر شعبا وجيشا هم كل متكامل عندما يتعلق الأمر بالوحدة والسيادة الوطنية ومواجهة التدخل الأجنبي. حقيقة لها انعكاسات ايجابية في التعامل مع الجزائر اقليميا ودوليا.
أمنيا، الجيش الوطني الشعبي له سمعة وطنية وإقليمية بحكم توظيف إمكانياته لحماية السيادة الوطنية داخل الحدود، ولم يسجل التاريخ أنه في يوم ما تصرف غير ذلك، خلافا لبعض جيوش المنطقة، مثل الجيش المغربي الذي تدخل مباشرة في الزائير سابقا في السبعينات من القرن الماضي وفي حرب الخليج الثانية ضد العراق سنة 1991 أو كما تقوم به التشاد في السنوات الأخيرة. المقاربة الأمنية للجزائر تتم باستمرار بالتنسيق الأمني والإقليمي بناء على العلاقات الثنائية والإقليمية مع دول المنطقة. ويكفي التذكير بإتفاق تمنراست سنة 2010 الذي شمل دول الميدان في الساحل الإفريقي (موريتانيا، مالي، النيجر والجزائر) حيث تم تخصيص 75 ألف جندي لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والإتفاق على الدعم والتبادل الإستعلاماتي.
تعرف دول المنطقة والغرب والعالم ككل أن الجزائر ليس لها محاولات للتأثير السياسي أو الإستغلال الإقتصادي خارج حدودها، كان بإمكان الجزائر أن يكون لها نفوذ أقوى خارج حدودها في حضور الإنزلاقات التي حدثت وتحدث في مالي وليبيا، ولكن الذي حدث العكس هو الصحيح. أن الجزائر من خلال سياستها الإقليمية والدولية تعمل من أجل المنفعة المتبادلة واحترام مصالح الجميع. عملية تيقنتورين لم تكن فقط لحماية أمن الجزائر بل كانت كذلك لخدمة مصالح الدول المستفيدة من مركب الغاز بعين أميناس الذي يشكل 10% من واردات أوروبا من الغاز. كما أن الجزائر عندما تحصن حدودها مثلا مع النيجر بـ 956 كلم فهي في نفس الوقت تعزز أمن النيجر والإستثمارات الأجنبية في النيجر.
المصالحة الوطنية بالجزائر أصبحت تجربة ميدانية للحلول السياسية لدول المنطقة.
للجزائر تجربة دبلوماسية موفقة في الإشراف على تسوية قضايا عديدة إقليميا ودوليا، مثل التوسط في الخلاف العراقي - الإيراني، الخلاف الليبي - المصري في عهد السادات، تحرير الرهائن الأمريكيين بإيران، الوساطة الجزائرية في الصومال، ومؤخرا التوسط بين الليبيين والماليين.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024