نذير عميروش المختص في القانون الدستوري لـ«الشعب»:

التعديل قرار سياسي في مسار الإصلاحات

مفيدة طريفي

أكد الدكتور المختص في القانون الدستوري والمحامي «نذير عميرش» خلال لقاء جمعه بـ«الشعب»، أن مسألة التعديل الدستوري لم تخضع لمبدأ الحتمية والظروف الأمنية أو ما يعرف بـ«الربيع العربي». بل هو إجراء فرضته الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها فخامة رئيس الجمهورية في تاريخ ١٥ أفريل ٢٠١٢.
وأفاد أستاذ القانون الدستوري، أن  التعديل في هذه الفترة جاء طبيعيا ولم تمله أي ظروف إطلاقا وليس وليد حراك عربي، وقال إن التعديل الدستوري آخر ورقة من أوراق الإصلاحات السياسية، التي مسّت في المراحل السابقة العدالة والدولة. وهي الإصلاحات التي أعلنت من طرف رئيس الجمهورية في عهدته الثانية، وتوجت من خلال لجان متخصصة، والتي أصدرت قوانين عالجت كل النقائص المسجلة بالنسبة للجنة إصلاح الدولة وبعد القيام بتعديل الدستور لعام ٢٠٠٨، والذي عرف تعديلا طفيفا مسّ السلطة التنفيذية لتأتي بعده وبحكم الإصلاحات تم إصدار عدد من القوانين، كان من بينها القانون العضوي الخاص بنسبة مشاركة المرأة داخل المجالس المنتخبة، قانون الانتخابات وقانون الإعلام. إذ لم يتبق سوى آخر خطوة من هذه الأخيرة والخاصة بمسألة التعديل الدستوري وجاءت وفق أجندة عادية، سيما وأن «تعديلات دستور ٢٠٠٨ حملت تداعيات أزمة مرت بها البلاد سنة ١٩٩٦، ونحن اليوم نعيش ظروفا عادية وهو ما يستلزم تعديلا عاديا».
وفي رده على سؤال «الشعب» حول التعديل الدوري للدستور الجزائري وعلاقته بوجود إختلالات، أكد الدكتور بالقانون الدستوري، والأستاذ المحاضر بكلية الحقوق بجامعة منتوري بولاية قسنطينة عميرش نذير، أن من حق المواطن أن يتساءل عن مسألة الاختلالات هذا إن كان فيه اختلال، فمن جهة أن الجزائر بلغت خمسينية الاستقلال وبعد خروجها من براثن الاستعمار.
وأضاف: «الدستور الجزائري وبحكم الظروف عدل أربع مرات أي بمعدل ١٣ سنة تقريبا بمعنى يستبعد فكرة التناقضات، لأن الجزائر في دستور ١٩٦٣ الذي يعتبر أول دستور مر عن طريق جمعية تأسيسية والتعديل عن طريقها، يعتبر قمة التعديلات ثم يأتي بعد ذلك دساتير ١٩٧٦، ١٩٨٩ و١٩٩٦ هذه الدساتير جاءت تعديلاتها وفق الظروف التي مرت بها الجزائر في ظل غياب الأعراف الدستورية وانعدام استقرار النصوص الدستورية آنذاك، فالجزائر دولة فتية بمؤسساتها التشريعية والقضائية ومواكبة التعديلات والتصنيفات وفق القانون الدولي، وكذا العلاقات الدولية، لهذا فهي تتكيف والمستجدات الدولية والظروف الداخلية وهو الأمر الذي يجعل من وجود اختلال في العلاقة بين السلطات سببا في مسألة التعديل الدوري للدستور، خاصة وأن الجزائر لم تستقر على أي نظام تتبعه حيث أنها تتأرجح بين النظامين البرلماني والنظام الرئاسي.
وواصل القانوني: «ان العلاقة في الفصل بين السلطات، هي الخلل في مسألة التعديل الدوري للدساتير الجزائرية، حيث أننا نلاحظ مدى ميل الكفة على حساب السلطات الأخرى، ودساتير الجزائر هي وليدة تداخل بين السلطات والمؤسسات التشريعية، ولم تكون ذات صلاحيات تؤهلها للرقابة وقوة السلطة التنفيذية غطى على باقي السلطات والمؤسسات. وهذا ما يجعلنا في أمسّ الحاجة لإنشاء دستور مؤسساتي مبني على التوازنات بين السلطات، فأي دستور يمرّ على استفتاء شعبي، لابد أن يحافظ على هكذا توازنات.
من جهة أخرى، تحدث الدكتور عميرش على أن تعديل دستور ٢٠٠٢ والمتعلق  بدسترة اللغة الأمازيغية وتعديل ٢٠٠٨ الخاص بالسلطة التنفيذية يعتبران تعديلين طفيفين، وهو ما يستدعي التساؤل عن قوة التعديل الحالي؟ هل سيكون طفيف آم عميق؟ وهنا سيكون الجواب في يد المجلس الدستوري، هذا الأخير يقرر إن كان مشروع قانون التعديل لا يمس بالمبادئ التي تحكم الشعب الجزائري، والحريات وبالواجبات ولا بالتوازنات الكبرى ولا بالعلاقة بين السلطات فهنا رئيس الجمهورية يكتفي بتحويله إلى المجلس الشعبي الوطني وكذا مجلس الأمة فقط أي حائز على ثلاثة أرباع، أي أنه ليس بحاجة إلى استفتاء شعبي.
أما في حال العكس لابد من إخراجه للاستفتاء الشعبي، أما فيما يخص خروج الجزائر من دستور البرنامج إلى دستور الاستقرار الجامع فنحن نطمح في حال أن الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية مواتية، فالدستور لا بد أن يكون دستور قانون يسعى أن يكون دستور مؤسسات كل سلطة تتمتع بالصلاحيات الخاصة بها والسلطة تحوز الأخرى، فالنظام ليس من الممكن أن يكون نظاما برلمانيا مطلقا أو رئاسيا مطلقا فقناعتي في هذه الظروف تفرض أن يكون الدستور يتبع النظام شبه الرئاسي يدعم السلطة التشريعية والقضائية، وإذا أردنا أن يكون التعديل تعديلا جوهريا وعميقا وهو المطلب الآن فلا بد من تدعيم صلاحيات السلطة التشريعية والقضائية.
وقد أشار الدكتور أن نصوصية الدستور إذا قورن مع دول العالم الثالث فهو يعتبر دستورا نوعيا ورائدا يحدد وبرزانة مبادئ المجتمع الجزائري وهو يتطلع أن يكون في مصاف الدول الكبرى، سيما وأنه ليس بعيدا عن دستور أمريكا.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024