له مؤلفات شهيرة في علوم الدين والفقه

العلامة محمد بن محمود بن العنابي مفتي الحنفية بالجزائر

بقلم الاستاذ عبد القادر حمداوي باحث في التاريخ

فقيه عالم مجتهد أخذ العلم عن جده وعن الشيخ علي بن عبد القادر بن الأمير. ولد سنة 1775 م نشأ في أسرة علمية دينية. ظهرت عليه مخائل النجابة في طفولته المبكرة  قرأ وحفظ القرآن الكريم على يد أبيه ومبادئ اللّغة العربية وتلقى عنه الفقه الحنفي. يروي عنه أيضا صحيح البخاري قراءة وسمعها بجميعه وأجاز علي إبن الأمين 1235 م مفتي المالكية العالم العلامة المؤلف والمشارك المتفنن الفاضل تقلد بن العنابي مناصب سياسية ودينية.

إنه مفتي الحنفية بالجزائر العلامة محمد بن محمد بن العنابي الذي تتوقف عنده صفحة “أعلام الجزائر” وترصد مساره ودوره في خدمة الدين الاسلامي الحنيف.
إشتهر بالحنكة والخبرة الدبلوماسية مع معرفة واسعة لشؤون القضاء،  وأجل جهاده العلمي بمهمة لا تعرف الكيل وفهم لا يعرف القناعة والإقتناع، تفوق في فنون مختلفة عاصر الثورة الفرنسية وما نتج عنها من أحداث وجوانب كثيرة ومتعدّدة من الحضارة الإسلامية.
عاش في بلاده الجزائر إعتداءات قام بها الفرنسيون والإسبان وغيرهم. وكثر الفساد في الحلائق والموت، منهم من دفن ومنهم من لم يدفن أكلته الوحوش ولم تسلم مدينة أو قرية من القرى من خطر الإستعمار الفرنسي.
خاض الشيخ مع طلبته وأخذوا على أنفسهم عهدا أن يعيشوا على الإسلام والعربية، كما عاش شيخهم، يعلّمون كتاب الله ويحرّرون النفوس من الخوف والجبن ويحولون دون الإنحراف والفساد، ويهيؤون للجهاد أرضية صالحة وجوا ملائما دون أن يتطلعوا يوما إلى جزاء مادي أو ينتظرون من أحد شكرا وثناء. هاجروا إلى مصر بعد دخول الإستعمار الفرنسي فاستقر بالإسكندرية أنيط به منصب الفتوى.
كما درس بالأزهر فانتفع بعلمه العلماء فضلا عن طالب العلم. كما أجازه الشيوخ في الكتب السنة وموطأ الإمام مالك وكتب القاضي عياض وتلقى عنه بعض المسلسلات حمودة بن محمد المقايسي الجزائري (ت1245ه) درس الكثير على علماء الجزائر، ثم إتجه إلى الأزهر وإنتسب إليه وتتلمذ على علمائه وشيوخه وأجازوه بمروياتهم وكتبهم ومنهم مرتضي الزبيد ومحمد الأمير الصغير

 وحسن العطار وحجازي بن عبد المطلب العدوي، وأدانوا له بالتدريس من كبار العلماء ودليل على أن الشيخ بن العنابي وإنصافه فهو نموذج يحتذى به العلماء خصوماتهم العلمية واختلافاتهم النظرية.
إنه بحق موقف كريم من الشيخ فضلا وعلما وعلماء وهمة ومروءة . إن هذه الأخلاق العلمية التي تقف عليها في سير السلف الصالح من العلماء فلم نجد لها أثرا عند العلماء اليوم.
كان العالم ينصف حجمه ويعترف له بعلمه الغزير ومع اختلافه معه في الرأي والنظر.
إنتقل الشيخ إلى تونس إلا أن مقامه لم يطل بها فعاد إلى بلاده الجزائر واشتغل بالتدريس. كان يعيش من صناعة “المقاييس” وهي الأساور المعروفة في الجزائر . عاش الإحتلال الفرنسي في الجزائر فرأى وعاش كل ما يرافق هذه الأحداث من تقتيل إجرامي وتعذيب وطرد ونفي وتهديم الممتلكات وانتهاك الحرمات
حاول عدة مرات ما أمكنه من التدخل والإلزام لقوات الاحتلال بما تقتضيه المعاهدة التي أمضاها الداي حسين وقائد قوات الإحتلال، إلا أن الإحتلال نفاه في الأخير بسبب مواقفه من الإغتصاب لأملاك الأوقاف.
ما جعل كلوزيل يضيق به ذرعا، فاعتزم على وضع حد له، وقد أضحى ابن العنابي موضع شبهة عند الاحتلال خاصة لما أجبره كلوزيل على تسليم بعض المساجد لجعلها مستشفيات للجيش الفرنسي وقد اتسمت لهجة ابن العنابي بالنقد للاحتلال الفرنسي على خرقها للاتفاق والموقع بين الداي حسين و الكونت ديبرمان، فتم إلقاء القبض عليه من طرف رجال الدرك، وساقوه إلى السجن.
 أهينت أسرته بدعوى تدبير مؤامرة ضد الفرنسيين، وتم بعد ذلك نفيه من الجزائر في مهلة ضيقة. ترك وطنه في نهاية 1831 وارتحل إلى مصر فأقام بالاسكندرية، حيث ولاه محمد علي باشا بوظيفة الفتوى الحنفية بهذه المدينة.
 التف حوله تلاميذ وعلماء من الأزهر الشريف بعد أن تصدر للتدريس [الحديث والفقه]، فأجاز الكثير من التلاميذ في مصر وتونس وغيرهما.
 الجدير بالذكر، إن جنود هذا القائد البطل كانوا من العلماء الذين لا يكتفون ساعة الشدة وإثارة الحماس والترغيب في الإستشهاد وإنما يتقدمون الصفوف ويضربون المثل في الشجاعة والبطولة.
فالجزائر تعوّدت على إنجاب فضائل العلماء وأعلام الفكر فذاع صيتهم في الأفاق، وفي مختلف الأماكن أصبحت قبلة للأنظار وقلعة الأحرار.      
ترعرع، تعلم، تتلمذ على أيدي علماء لهم خبرة واسعة في العلوم والفنون أخذ أصول العلم على حده كان ذكيا لطيب الاشارة أمينا جسورا محبا للعلم سطع نجمه أبدع في فقه الحنفي و كان عالما دبلوماسيا سافر و رحل إلى مصر، إستقر بالأزهر أطل على مختلف العلوم حتى ذاع صيته، ثقف نفسه ثقافة عالية، ألف عددا كبيرا من الكتب جمع فيها الكثير ومنها
السعي المحمود في تأليف العسكر والجنود ...
دعا فيه إلى تجديد النظام العسكري بما يتماشى ومقتضيات عصره المقصد الأول “في الأمور العربية” والمقصد الثاني “في الأمور السياسية”. ونشر له مجموع إجازات تحت عنوان: مجموع فيه إجازات من علامة الجزائر ابن العنابي بعنابة الأستاذ محمد زياد بن عمر تكلة دار البشائر الإسلامية بيروت سنة 2008، منها نسخة بمكتبة وزارة الشؤون الدينية بالجزائر ...إلخ وشرح متن البركوي والتوحيد لم يكمله وهو آخر ما ألفه.
 توفي رحمه الله بمصر سنة 1851م، ترك العديد من المراسلات والعديد من المواضيع خاصة الدينية. ذكره الأستاذ عبد الحميد  بك في كتابه [أعيان من المشارقة و المغاربة].

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024