مراجعات

بيرل هاربر..الوجه الآخر للحكاية

بقلم: د - أ - حبيب مونسي

كشفت الدراسات التاريخية التي عادت تدقق في أسباب دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء عن خطة جهنّمية كان المقصود من ورائها جر الشعب الأمريكي، الذي لم يكن يرغب في الحرب إطلاقا بعد حروبه الدامية التي خاضها مع الفرنسيين والأسبان والانجليز والهنود الحمر ثم بين قسميه الشمالي والجنوبي..واقتضت الخطة أن تكون أمريكا هي المستهدفة والضحية المعتدى عليها لإنعاش روح الانتقام المعروفة في التاريخ الأمريكي، والتي بنت عليها هوليوود أغلب أفلامها وقصصها وأخرجت مفهوم البطولة من عباءتها..فكان عليها أن تدفع باليابان إلى حافة الهاوية اقتصاديا وتمنع عنه الوقود وتكبله بالاتفاقيات التي تحد من توسعاته في الشرق..وتجبره إلى اتخاذ لهجة العداء إلى غاية توقيعه اتفاقيات مع دول المحور بقيادة ألمانيا..ثم وضعت في وجهه أسطولها وجنودها في مرفأ «بير هابر» من غير أن يعلم الجنود والبحارة أنّهم مجرد طُعم لاستدراج اليابان إلى الحرب، وأنّهم سيقدّمون أرواحهم ليس دفاعا عن الشّعب الأمريكي وإنما ليجروا هذا الشعب إلى مذابح الحرب العالمية الثانية..
وإبّان الحرب الباردة وقع الاتفاق على تجديد خطة «بيرل هاربر» مرة أخرى لجر كوبا على أن تقوم بخطوة طائشة ضد الولايات المتحدة في قضية الصواريخ الروسية..ولكن الخطة أجهضت مع مقتل الرئيس كندي..وتجدد العمل بخطة «بير هابر» مرة أخرى في أحداث 11 من سبتمبر حينما استلمت المخابرات الأمريكية السكين من يد القاعدة لتصنع به كارثة تتجاوز حجم القاعدة بملايين المرات..
اليوم وبعد أن فشلت خطّة «شارلي إبدو» في جر فرنسا والشعب الفرنسي في موجات من الكراهية والعنصرية، وتولي مهمة الحرب نيابة عن أمريكا ومن يسيرها في الخفاء، وخاصة بعدما افتضح أمرها في وثائق وكيليكس وجرائم تجسّسها على الأعداء والأصدقاء، وتورّطها في العراق وأفغانستان والجزيرة العربية ومصر وسورية...ينتقل الاهتمام إلى فرنسا مرة أخرى عبر خطة «بير هابر» جديدة - ولا يهم من يكون منفّذها الفعلي ما دامت خيوط عرائس القش بيدها - لتقوم فرنسا بالدور المنوط بها في الشمال الإفريقي والساحل الإفريقي.. دور يتجاوز التدخلات السياسية المعهودة إلى مهمة الدركي المدجّج بالسلاح الذي يدير القلاقل ويخلق الأزمات ويخترق الحدود..وسيكون هذه المرة مدعوما بمباركة الشعب الفرنسي الجريح الذي حدّدت الضّربات والإعلام الصاخب بشكل دقيق عدوه الذي يجب التخلص منه بكل الوسائل..وقد أبحرت شارل ديغول وعلى متنها العشرات من حمائم الموت والدمار....فهل من لبيب...؟

 اقرأ الفصل التّاسع من كتاب «نذر العولمة»، عبد الحي يحيى زلوم.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024