وجهة نظر

مواهبنا تضيع هدرا بسبب قِصر النّظر

بقلم: جمال نصر الله

لسنا هنا بصدد عد وإحصاء كل المواهب في الجزائر، والتي ماتت في مهدها لسبب أو لآخر...وسط أسباب شتى، ولكن لنلقي نظرة عميقة وشاملة على تلك التي تعرضت إلى الظلم والإقصاء بحجة عدة عوامل، أهمها أنّها أي المواهب وفي شتى المجالات لم تجد اليد الممدودة لها ومن ثمة الرعاية الكافية، ومنها طبعا من قُبرت في مهدها ولم تعثر على فرص أخرى ومساحات أفضل لتدرك عثراتها وفشلها في البدايات ومن بعد تعاود النهوض...لاحت في خاطري هذه المقدمة وأنا أسمع من زميل لي حكاية اللاعب الجزائري عطّال، والذي حينما كان شِبلا تم إرساله إلى مدرسة التكوين بمدينة العلمة لإستقبال المواهب الرياضية وتجريبها لكنه تمّ رفضه بحجة  قصر قامته؟ا (وهذا أمر مضحك طبعا) بعدها انتقل نحو مدرسة بارادو ليستقر هناك ثم بقدرة قادر صار رقما مهما في تشكيلة الفريق الوطني..إلى غاية أن صار يتلقى العروض الأوروبية في كبار الأندية؟! وأكيد أن نفس اللاعب لازال يتذكّر محطاته الأولى، وكيف صارت تتخمّر في ذهنه عن أنها نكسة أو قل صدمة لا تُنسى في حياته...وأنّ الأرضية الخصبة غائبة في هذا البلد بسبب القائمين على النهوض بهذه الموهبة أو تلك...زيادة على هذا أتذكّر شخصيا كيف أنّ أحد الأساتذة الجامعيّين الوافد من إحدى الجامعات الأوروبية الكبرى، جاء لبلده وهو محمّلٌ بحب الأرض التي ولد بها، لكن للأسف تمّ إرساله إلى إحدى الجامعات بالشرق الجزائري ليمكث وينام في إحدى غرف الأحياء الجامعية، ولم يستقر به الأمر هكذا حتى لملم حوائجه وعاد من حيث أتى، والنتيجة التي خرج بها هذا الباحث العبقري أن بلده لازال غير مقدّر للكفاءات والعقول. ولنقس كم أستاذا ودكتورا عالما مثله، وكم طبيبا ذاق نفس المصير، فكانت النتيجة هي الكفر بهذا الواقع وذاك، نظير انعدام التشجيع وتوفير الأرضية المساعدة للعمل والبحث العلمي...وسؤالنا المطروح نحن نعلم بأن هذا الوطن يزخر بآلاف المواهب وفي شتى التخصصات والمجالات، إلا أنهم وبمجرد ألاّ يعثروا على فضاءات أوسع وأرحب، فإنهم إمّا يتلقّفون الموت البطيء، ولنا في هذا الشأن عشرات الأمثلة، وإما أنّهم يفكّرون في الهرب والهجرة حيث التّشجيع والعيش الرغيد...لكن والأمل يحذونا دوما لابد أن ننظر بعين الأمل، ومع ما تشهده بلادنا من تغيير شامل لجل القطاعات والسياسات. نتمنى أن تتغير تلك النظر الشوفينية، وتجد هاته المواهب والطاقات مبتغاها والراحة الكاملة للعمل هنا داخل الوطن وتقديم الأفضل كذلك، ويكونوا إضافة نوعية لمسار الوطن التنموي. ليس في الرياضة فقط بل في كل القطاعات خاصة العلمية منها، وذلك هو المبتغى آجلا أم عاجلا...وأن المواهب تلد دائما وأبداعلى الفطرة، فقط من يكتشفها ويرعاها ويوفّر لها الفضاء الأنسب لصقلها والإستفادة منها.
@ شاعر وصحفي

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024