تتربع أعماله وتحفه الصغيرة على رفوف خزانات زجاجية معروضة في البهو الفسيح للمكتبة الرئاسية للمطالعة، مجسمات لبيوت ومركبات وثماثيل لأناس وحيوانات، مصنوعة من مخلفات البلاستيك والورق والمعادن والخرق البالية، جعل منها مرابطي رافع ديكورات جميلة يتمنى كل من يقف أمامها أن يأخذها معه ليزين بها بيته.
ينفرد الفنان مرابطي رافع، بحبه الكبير لتنشيط ورشات الأشغال اليدوية لفائدة الأطفال، التي يحاول من خلال الإشراف عليها بباتنة بالمكتبة الرئيسة للمطالعة أن يغرس فيهم الحس الفني والتركيز على جمالية الابتكار. وما يميز مرابطي أيضا موهبته في فن الاسترجاع التي اكتشفها وانطلق في تجسيدها، منذ 2010.
جاءت بداية المغامرة في فن الاسترجاع، يقول رافع مرابطي في تصريح لـ» الشعب»، «وهو في حديقة عامة في حصة اكتشاف للبيئة والمحيط رفقة فوج من الأطفال، حيث لاحظ شجرة كبيرة يتقشر جدعها على شكل صفحات كبيرة، فكانت الفكرة أن يستعمل هذه القشور في صناعة تحفة فنية».
صنعت -أضيف مرابطي-» قيثارة صغيرة من لحاء الشجر وكوب بلاستكي وبعض الخيوط، وعرضتها على الأطفال أول جمهور لي، فاستحسنوا الفكرة وشجعوني بعفويتهم وبراءتهم وطلبوا مني حتى أن أعلمهم كيف يصنعون تحفا مثلها بدورهم».
وواصل مرابطي في موهبته الجميلة مجسدا المقولة الشهيرة لأنطوان لوران دي لافوازييه (1743-1794) : «لا يضيع شيء، لا يُخلق شيء وكل شيء يتغير»، فكانت له العديد من المشاركات في معارض بوهران والعاصمة، وبرج بوعريج داخل الوطن وفرنسا وبلجيكا، بخارجه.
وكشف مرابطي في هذا السياق، أن» لفن الاسترجاع جمهور كبير في الجزائر وعبر العالم كونه مجال يحمل إضافة إلى الموهبة الكثير والعديد من الأفكار الرامية إلى إعادة تدوير واستعمال كما هائلا من المخلفات المنزلية والورق والبلاستيك والزجاج والمواد المعدنية وغيرها ... والتي يؤدي رميها في الطبيعة إلى تلوث رهيب للبيئة والمحيط.
يرى مرابطي أن» لفن الاسترجاع مستقبل زاهر في الجزائر إذا ما حظي بالاهتمام اللازم من قبل السلطات الوصية، فهو عكس العديد من الفنون لا يحتاج إلى توفير المواد الأوّلية، فهي موجودة في البيت والشارع وفي الطبيعة ككل، بل يحتاج إلى التعريف به وفتح مجال للتكوين فيه والتشجيع على تعلمه واتقانه خاصة عند الشباب والناشئة، وكذا خلق سوق تجارية لهن مثل ما هو الشأن في الكثير من دول العالم».
يعكف الفنان اليوم على ورشات تكوينية في فن الاسترجاع على مستوى المكتبة الرئيسية للمطالعة في باتنة، وهي الورشات التي تلقى رواجا كبيرا وتدوم لمدة 3 أشهر وقد تخرج منها الكثير من الفنانين الشباب، حيث استطاعوا اليوم أن يجعلوا من مواهبهم وأفكارهم وسائل جمالية وخلاقة في الحفاظ على البيئة وإعادة تدوير ورسكلة النفايات والمخلفات بصورة فنية.