مـفـدي زكريـاء

شاعـــر الــثـورة المعــطــّرة بــروح إلــيـاذة الجزائــر

أمينة جابالله

 صــاحـب اللـهب المقـدّس والقصــائد المـلحـميـــة

تزينت عائلة آل الشيخ القاطنة بأحد القصور السبع لوادي ميزاب، التي يعتبر كبيرها شيخ قبيلة بني يزقن يوم الجمعة المصادف لـ 12 جمادى الأولى 1326 هـ، الموافق لـ12 جوان  1908، بشاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء، وسط أوضاع أمنية غير آمنة، التي استمرت عجلة قسوتها إلى أن بلغ مبلغ الرجال في العِلم والحِلْمِ والمعرفة وهو ما يزال يسمع ويرى همجية وغطرسة وبطش الاحتلال بكل أنواعها وأشكالها في ربوع المغرب العربي.

ابن الكتاتيب.. وبداياته في العلم والمعرفة تعلم أبجديات السياسة التي ورثها عن جده الشيخ سليمان بن الحاج عيسى، وهو شيخ قبيلة بني يزقن المعروف بقوة شخصيته ورجاحة عقله، وأنهل منه حب الوطن الذي عبّر عنه بقلمه العاشق لكل ذرة تراب منه، في إلياذة الجزائر التي أسمع بها الدنيا وقال بكل كلمات الفخر: يا أسطورة ردّدتها القرون فهاجت بأعماقنا الذكريات.. ويا تربة تاه فيها الجلال فتاهت بها القمم الشامخات، كما تعلّم أبجديات الكلام والحروف التي تلّقاها من بلدته، التي وثقت كتاتيبها دروسه الأولى في القرآن ومبادئ اللغة العربيّة، التي عبّر عنها بكل امتنان واعتزاز في هذه الأبيات التي يحفظها الكبير والصغير:

تقَدَّسَ واديكِ، مَنبَع عزِّي ومسقطَ رأسي، وإلهَامَ حسِّي
وربْضَ أبي … ومَرَابِعَ أمِّي ومَغْنى صِبَاي، وأحلامَ عُرسي
وفخْرَ الجَزائرِ، فيكِ تناهت مَكارمُ عُرْبٍ، وأمجَادُ فرسِ
وأحفَادَ أوَّل مَن رَكزوا سيادةَ أرضِ الجَزائرِ أمس
دمَاءُ ابن رُستم ملءَ الحنايا صَوارخُ يُلهبْنَ عِزةَ نفسي
وعرقُ الأصالةِ طهَّر طبعي ونورُ الهدايةِ أذهَب رجسي
وكرَّمتُ، باسم المفاخرِ، قومي وشرَّفتُ، باسم الجَزائر جنسي
إذا للكريهَةِ نادى المنادي بَذلْتُ حيَاتي، وودَّعتُ أنسي
وإن للسَّخاء استجابَ كريمٌ ففي الجودِ لقَّنتُ أروعَ دَرس
وإن شيَّدوا للبقاء والخلود جَعلتُ وفاتي دعامةَ أس
عندما يُربك النجاح العلمي والسياسي العدو الفرنسي
بدأ تعليمه الأول بمدينة عنابة، حيث كان والده يمارس التجارة بالمدينة ثم انتقل إلى تونس لمواصلة تعليمه باللغتين العربية والفرنسية وتعلّم بالمدرسة الخلدونية، ومدرسة العطارين، ودرس في جامعة الزيتونة في تونس ونال شهادتها.انضم إلى صفوف العمل السياسي والوطني منذ أوائل الثلاثينات. كان مناضلاً نشيطاً في صفوف جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين. .و  عضواً أساسياّ في حزب نجم شمال إفريقيا. وكان عضواً في حزب الشعب، وعضواً في حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية.. ثم انضم إلى صفوف جبهة التحرير الوطني. سجنته فرنسا همة فعالة في النشاط الأدبي والسياسي في كامل أوطان المغرب العربي. عمل أميناً عاماً لحزب الشعب. عمل رئيساً لتحرير صحيفة «الشعب» الداعية لاستقلال الجزائر في سنة 1937م. واكب شعره بحماسة الواقع الجزائري، بل الواقع في المغرب العربي في كل مراحل الكفاح منذ سنة 1925م حتى سنة 1977م داعياً إلى الوحدة بين أقطارها وهو شاعر ملتزم.
يستوقفنا القلم ليقول، بأنه لم يكن شابا عاديا يهمه العلم وما يتطلبه من نقل وتعليم فقط، بل كان شغوفا بما سيقدمه لبلاده وهو يحمل معارف تفوق ماوراء أسرارالحياة التي لم تسِرْ يوما منذ أن ولد وإلى غاية تدرجه في العلم بوتيرة عادية، كان يحمل هموم وطنه الذي أتعبه صوت أنينها المنبعث من حدودها، لاسيما تلك الآلام الضاربة في ضمير النخوة المتأتية من خارج نطاقها.. وروح هذه الأبيات شرحت ما عجزت عنه ألسنة جهابذة الكَلِمْ حيث قال:

فيَا أيهَا الناسُ … هذي بلادي ومَعْبدُ حبِّي، وحُلمُ فؤادي
وإيمانُ قلبي، وخالصُ ديني ومَبناهُ … في ملَّتي واعتقادي
بلادي، أحبُّك، فوق الظنونِ وأشدُو بحبِّك، في كل نادي
عَشِقت لأجلك كلَّ جَميلٍ وهِمْتُ لأجلك، في كل وادي …
ومَن هَام فيك، أحبَّ الجَمَالَ وإن لَامَهُ الغُشْمُ، قال: بلادي!
لأجل بلادي، عصرتُ النجومَ وأترعتُ كأسي، وصُغتُ الشوادي
وأرسَلتُ شِعري … يَسُوقُ الخطى بسَاحِ الفدا … يَومَ نادى المنادي
وأوقفتُ ركبَ الزمَانِ طويلًا أسَائلهُ: عن ثمودٍ … وعاد …
وعن قصَّةِ المجدِ … من عَهدِ نوحٍ وهَل إرمُ … هي ذاتُ العِمَاد؟
فأقسَمَ هَذا الزمَانُ يَمينًا وقال: الجَزائرُ … دُونَ عنَاد!

حينما تؤمن الأرواح بالنصر.. تهون الأجساد خلف القضبان  
عندما هاجر إلى تونس زاد تشبعه بأدبيات النضال ليلتحق بجيل مؤسسي الحركة الوطنية، وبالرغم من أنه ولد بعدهم بقرن، إلا أنه سجل حضوره قبلهم.. وحتى وهو في السجن كان يعلّم السجناء روح النضال وباختصار وجد نفسه في حرب سيخوضها مغاربيا ووطنيا والتي كان يرى فيها الوسيلة الوحيدة التي ستجبر المستدمر على الرحيل.. كانت له مشاركة فعالة في الحركة الأدبية والسياسية، ولما قامت الثورة انضم إليها فكان شاعر الثورة الذي يردد أناشيدها وعضوًا في جبهة التحرير، أثناء تواجده بتونس واختلاطه بالأوساط الطلّابية هناك تطوّرت علاقته بأبي اليقظان وبالشاعر رمضان حمود، وبعد عودته إلى الجزائر أصبح عضوا نشطا في جمعية طلبة مسلمي شمال إفريقيا المناهضة لسياسة الإدماج، إلى جانب ميوله إلى حركة الإصلاح التي تمثلها جمعية العلماء انخرط مفدي زكريا في حزب نجم شمال إفريقيا ثم حزب الشعب الجزائري وكتب نشيد الحزب الرسمي «فداء الجزائر».
اعتقل من طرف السلطات الفرنسية في أوت 1937 رفقة مصالي الحاج وأطلق سراحه سنة 1939 ليؤسس برفقة باقي المناضلين جريدة «الشعب» لسان حال حزب الشعب، اعتقل عدة مرات في فيفري 1940 (6 أشهر)، ثم في بعد 8 ماي 1945 (3 سنوات)، وبعد خروجه من السجن انخرط في صفوف حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، انضم إلى الثورة التحريرية في 1954 وعرف الاعتقال مجدّدا في أفريل 1956.. وهكذا سجل على جبين التاريخ أجمل كلام في الحب الذي لا ولم ولن يكتبه غيره في عشق الوطن، فاقترب أيها القارئ من هذه الأبيات واستشعرمن وحيها  فنون الغزل:
جَزائرُ، يا لحكايةَ حبِّي ويا مَن حملتِ السَّلامَ لقلبي
ويا مَن سَكبتِ الجَمَال بروحي ويا مَن أشعتِ الضياءَ بدربي
فلولا جَمالُك مَا صَحَّ ديني وما إن عَرفتُ الطريقُ لربي!
ولولا العقيدَةُ تغمرُ قلبي لما كنتُ أُومن إلا بشعبي!
وإذا ذكرتُك شَعَّ كِياني وإمَا سَمعتُ نداك أُلبِّي
ومَهمَا بعدتُ، ومهمَا قربت غرامك فوق ظنوني ولبي
ففي كل دَرب لنا لُحمَة مقدَّسَة من وشاجٍ وصلب
وفي كل حيٍّ لنا صَبْوة مرَنحةٍ من غُوايات صب
وفي كل شبرٍ لنا قصَّةٌ مجنحَةٌ من سَلامٍ وحرب
تنبَّأتُ فيهَا بإليَاذتِي فآمنَ بي، وبهَا، المتنبي!

 وقال في شوقه للبلد وعن حنينه لمسقط رأسه أنبل حروف تستحق أن تكتب بماء الذهب وسيبقى صداها بمثابة فخر الانتماء لموطن لايضاهيه بلد:
وقالوا: هَجرتَ ربوعَ البلادِ وهِمتَ مَع الشِّعر، في كل وادي
أجلْ، قد بعُدتُ لأزدادَ قُربًا ويُلهِبُ حبُّ بلادي فؤادي!
أرى في كِيان الجَزائر ذاتي بكلِّ اعتزازٍ، وكل اعتداد!
وما زِلْتُ عنهَا بدُنيا القلوبِ سَفيرَ القلوبِ، بدون اعتماد!
وإن بلادًا تُصَدِّرُ فكرًا وكانت تُصَدِّرُ فنَّ الجهَاد!
حَريٌّ بها أن ترُوع الزمَانَ وتفخر بالمجد، في كل نادي!
ولولا التنقُّلُ يُذكي شعوري ويُرهفُ حِسي، ويبلُو رَشادي
لَغَاضَ مَعيني، وأجبل فكري وعِشتُ بليدًا كبعض العباد!
وصِرتُ أردِّدُ كالبَبَّغاءِ مذاهِبَ لم تكُ صُنْعَ بلادي!
وإني بتخليد مَجدِ بلادي مقيمٌ على العهد، رَغم البعَاد!
إلياذة الجزائر.. رؤية عميقة لحضارات مرّت بها الجزائر
 مفدي زكرياء في إلياذة الجزائر جمع واختصر فيها عمق الوطن بتعاقب حضارات عرفتها، لم يستثن مكانا ولا علما ولا منطقة من مناطق الجزائر، إلا وتناولها حيث خلّد في الإلياذة معنى الوحدة الوطنية الضاربة بجذورها في العمق وباختصار كانت أعماله تمثل مقاربة عميقة في تتبع المرجعيات النضالية والسياسية. لقد كان بشعره شخصية فذة نادرة، فلقد سبق ووصفه العديد من الشخصيات الوطنية والإعلامية ناهيك عن أساتذة جامعيين في الكثير من المناسبات الثقافية وتاريخية، بأنه طفرة في الكتابة والأدب، ومن بين ما استحضرناه من قولهم ما قاله الأستاذ محمد لحسن زغيدي، في تدخله أثناء إحياء الذكرى 43 لوفاته العام المنصرم بهذا الوصف، حيث قال في ذات الصدد: «عندما أقول بأنه ذاكرة أمة، تحضرني الآية القرآنية إن «إبراهيم كان أمة».. فما أحوج زماننا لمثله، لقد كان شخصا لغيره لا لنفسه، وهو ما لمسناه في مسار هذه الشخصية عبر الدائرة الزمنية التي عاشها.
تغنى شاعر الثورة الفذ، بكل أمجاد الوطن رجالا ونساءً مستشهدا في سياق أشعاره التي طافت الزمن وصورت مشاهد عن قرب تتحدى على توثيق كل زاوية فيها أية آلة تصوير حديثة في عصرنا الذي يرنو إلى الرقمية، فنجده قد ذكر أسماء خالدة بمواقف بطولية، بحيث لم تخلو شطور أشعاره ولا أعجازها عن بصمات كل من مروا في حضارات عرفتها  أرض الجزائر..
وفي هذا الصدد نستذكر من عبق آثاره هذه الأبيات التي ليست كباقي الأبيات:
وُهِبنا العُروبةَ جنسًا ودينًا وإنا بما قد وُهِبْنا رَضينا
إذا كان هَذا يوحِّدُ صفًّا ويجمَعُ شملًا رفعنا جبينا
وإن كان يَعْرُب يرضى الهوانَ ويلبس عارًا.. أسأنا الظنونا
وقلنا: كُسيلةُ كان مصيبًا وكاهنةُ الحيِّ أعلم منَّا!
فأهلًا وسهلًا بأبناء عمٍّ نَزلتُم جزائرنا فاتحينا
ومرحَى لعقبةَ في أرضنا ينير الحِجى، ويشيعُ اليقينا
ويُعلي الصوامعَ في القيروانِ ويرفعها للدفاعِ حُصونا
يَبثُّ المراحلَ  في كل فجٍّ فراعت أساليبه العَالمينا
وبادله السُّمرُ تِبرًا بملحٍ وما كان فزَّانُ عنه ضنينا
وما كان جَوهرُ إلا مدينًا لعقبةَ … يَوم استقلَّ السَّفينا

عندما يثأر نشيد خُطَّ بالدماء للشهداء
في برامجه الأثيرية كان ينادي بحب الوطن والدفاع عن وحدته وعن وحدة المغرب العربي على وجه الخصوص، وعن وحدة الوطن العربي على وجه العموم.. له عدد من دواوين الشعر لا زالت مخطوطة تنتظر من يقوم بإحيائها. من شعره، النشيد الوطني الجزائري، الذي كتبه بسجن بربروس في الزنزانة  69، وهو النشيد الوطني الوحيد الذي كتب بالدم على جدران السجن.. وتمّ تأليف لحنه من طرف الموسيقار المصري محمد فوزي رحمه الله.
سُجن مفدي زكرياء بسجن بربروس «سركاجي حاليا» مدة 3 سنوات وبعد خروجه من السجن فرّ إلى المغرب ثم إلى تونس أين ساهم في تحرير جريدة المجاهد إلى غاية الاستقلال. اشتهر مفدي زكريا بكتابة النشيد الرسمي الوطني «قسما»، إلى جانب ديوان اللهب المقدس، وإلياذة الجزائر.
أوّل قصيدة له ذات شأن هي «إلى الريفيّين» نشرها في جريدة «لسان الشعب» بتاريخ 6 ماي 1925م، وجريدة «الصواب» التونسيّتين؛ ثمّ في الصحافة المصريّة «اللواء»، و»الأخبار». واكب الحركة الوطنيّة بشعره وبنضاله على مستوى المغرب العربيّ فانخرط في صفوف الشبيبة الدستوريّة، في فترة دراسته بتونس، فاعتقل لمدّة نصف شهر، كما شارك مشاركة فعّآلة في مؤتمرات طلبة شمال إفريقيا؛ وعلى مستوى الحركة الوطنيّة الجزائريّة مناضلا في حزب نجم شمال إفريقيا، فقائدا من أبرز قادة حزب الشعب الجزائريّ، فكان أن أودع السجن لمدّة سنتين 1937-1939. غداة اندلاع الثورة التحريريّة الكبرى انخرط في أولى خلايا جبهة التحرير الوطنيّ بالجزائر العاصمة، وألقي عليه وعلى زملائه المشكّلين لهذه الخليّة القبض، فأودعوا السجن بعد محاكمتهم، فبقي فيه لمدّة ثلاث سنوات من 19 أبريل 1956م إلى 1 فبراير 1959م. بعد خروجه من السجن فرّ إلى المغرب، ومنه انتقل إلى تونس، للعلاج على يد فرانز فانون، ممّا لحقه في السجن من آثار التعذيب. وبعد ذلك كان سفير القضيّة الجزائرية..، في الأبيات الآتية أروع خاتمة لإلياذة الجزائر التي حملت أسمى عبارات المجد والعرفان لبلاد ولد من رحمها أبطال جزائريون من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، التي مازالت دماؤهم تستصرخ بتعاقب الأجيال فخر وعز ترخص له الأواح في كل حين.

بلادي، بلادي، الأمان الأمان أُغنِّي عُلاك، بأي لسَان؟
جَلالُك، تقصر عَنه اللغى ويُعجزني فيك سحرُ البيَان
وهَام بك الناسُ، حتى الطغاه وما احترموا فيك حتى الزَّمَان
وأغريت مستعمريك، فراحوا يهيمُون في الشرقِ بالصولجان
ولم يبرحوا الأرضَ، لما استقلَّت شعوبٌ، ولم تَسْتَكِنْ للهوان
وزلزلتِ الأرضُ زلزالها وضجَّ لغاصبك النيِّران
وراهنه الشعبُ يوم التنادي ورجَّ به الشعبُ يومَ الرهَان
فتبيض صَفحة إفريقيَا ويسودُّ وجهُ المغيرِ الجبَان
وإشراقةُ الروحِ منكِ تناهت تُشيعُ الجمالَ، وتُفشي الحنان
إليكِ صَلاتي، وأزكى سَلامي بلادي، بلادي، الأمان الأمان

أعمال خالدة.. حاضرة
في سماء الحرية

بتاريخ  17 أوت 1977، انتقل مفدي زكريا ابن الجزائر وشاعر ثورتها إلى جوار ربّه بتونس مخلفا عدد من دواوين الشعر منها المنجزة والمجلدة ومنا لا زالت مخطوطة تنتظر من يقوم بإحيائها:
اللهب المقدّس، 54 قصيدة بعنوان من أعماق بربروس،10 أناشيد بعنوان «تسابيح الخلود»،29 قصيدة بعنوان «نار ونور». 3 قصائد بعنوان «تنبؤات شاعر»، 6 قصائد بعنوان «فلسطين على الصليب».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024