القصائد تكبر والخيبات تتوالى

«عشرون قصيد حب وأغنية بائسة»

نور الدين لعراجي

الكتابة بعمق لا تقتضي أن تكون شخصا معروفا أو اسما مشهورا بين العامة فيكفي أن تصدق نفسك فيما تكتب، وتؤمن بأن لديك غاية واضحة المعالم، فالنص الجيد هو من يرتقي بصاحبه وأي سلوك جبان أو تطرف ستكون مآلاته مزبلة التاريخ، ولنا في المشهد الثقافي والتاريخي وغيرهما الكثير من الصور والأحداث.
تبقى مواقف الكتاب والأدباء ثابتة لا تؤثر فيها التغييرات السياسية ولا الاقتصادية، وهو حال المشهد الأدبي من عنترة إلى درويش، الدفاع عن الأرض هو دفاع عن العرض، وتبقى الكلمة الفيصل بين الطرفين أو الخيارين، لذلك حين هجم جنود بينوشي على بيت الشاعر بابلو نيرودا في جوف الليل وليس في النهار، سألهم ماذا تريدون فأجابوا نبحث عن السلاح، قال لهم لا أملك أسلحة، لأن الشعر هو سلاحي الوحيد.
وعندما كتب الشاعر التشيلي بابلو نيرودا نصه الأسطوري «عشرون قصيدة حب وأغنية بائسة» لم يكن يدرك أن تعامل الجمهور مع النص سيتجاوز الحدود الوهمية، بل يتعداها ليصير نصا خرافيا ليس على مستوى الجغرافيا الضيقة، بل أنه يتعدى مكمن التاريخ، وتصبح القصيدة سفيرة المدينة الضيقة المهددة بالسقوط إثر الحرب القائمة بين الأسبان والاروكانوس.
انتشرت «عشرون قصيدة وأغنية بائسة « بين الناس ترددها الألسن، وتستحضرها الجلسات الرسمية وغيرها، لتكبر القصائد بعدها وتتوالى الخيبات على الكاتب، لكن إيمانه بالكتابة جعله يبدع مستفزا إحساسه بكل ما أوتي من قوة  ليصل في الأخير إلى جمع أعماله وطبعها في إصدار، توّج من خلاله بجائزة نوبل للآداب.
وعندما قرر بينوشي إعدامه ردعا لمواقفه التاريخية والفكرية اليسارية المعارضة، كان يعتقد أنه سيخلص الأرض منه، لكنه أهداه عمرا أبديا في نفوس القراء وطلبة الجامعات، فلا تزال إلى غاية اللحظة تطبع كتبه وتترجم أعماله إلى لغات العالم برمتها، كما ترجمت سيرته «أشهد أنني عشت» إلى العربية مئات المرات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19765

العدد 19765

الثلاثاء 06 ماي 2025
العدد 19764

العدد 19764

الإثنين 05 ماي 2025
العدد 19763

العدد 19763

الأحد 04 ماي 2025
العدد 19762

العدد 19762

السبت 03 ماي 2025