يتواصل برواق باية بقصر الثقافة مفدي زكريا بالجزائر العاصمة، إلى غاية 30 ماي الجاري، معرض الفنان التشكيلي معمر قرزيز، تحت عنوان “فلنيون”، يقدم فيه التشكيلي معمر قرزيز في هذا المعرض الفردي الذي يضم نحو 40 لوحة خلاصة تجربته الفنية، اعتمادا على رؤية جمالية تثمن التراث العمراني الجزائري بمختلف عناصره الأصيلة.
جاءت الأعمال الفنية بأحجام كبيرة، تعيد استكشاف التراث العمراني الجزائري بثرائه وتنوعه من خلال توظيف تقنية الرسم بخط واحد مستمر، حيث أنجز الفنان كل عمل له بخط مستمر واحد لا ينقطع من نقطة البداية حتى النهاية.
ويتيح المعرض الفرصة للجمهور لاكتشاف فسيفساء خطية بديعة لمختلف أنماط التراث العمراني الذي يميز المدن الجزائرية، حيث يسافر المتلقي في رحلة بصرية عبر مختلف المناظر العمرانية بثرائها الهندسي، من غرداية إلى تلمسان والعاصمة وقسنطينة ووهران وغيرها من المدن العريقة، في مزج ساحر.
وأبدع الفنان بكل عفوية في التقاط جوهر الفضاءات العريقة بكل ما تحمله من عناصر التراث الثقافي المادي واللامادي الجزائري، حيث تجمع كل لوحة مدينتين من مدن الجزائر في عمل فني واحد لتمثيل هذه المناظر العمرانية المتنوعة بكل زخمها.
وتمثّل لوحة تتشكل من أربع قطع محور المعرض تجمع بين تنوع عناصر تراث الجزائر العاصمة وغرداية وتلمسان وقسنطينة، في حين تمّ تخصيص أيضا لوحة من قطعتين بعنوان “غزة” تستحضر شهداء الثامن ماي 45 بالجزائر وشهداء غزة بفلسطين.
تتّسم مجموعته التي تمت بتقنية عالمية فنية من خلال خط مستمر (أسلوب فني يتم فيه رسم الشكل أو الصورة باستخدام خط واحد مستمر، دون رفع القلم عن الورق. يعتبر هذا الأسلوب تحديًا يركز على الملاحظة الدقيقة والتنسيق بين اليد والعين) ببساطة أنيقة، وتتطلب الدقة والسلاسة، حيث يمكن لخط واحد غير منقطع أن يجسد صورا كاملة ومعقدة، كما أن كل لوحة في هذا المعرض هي رسم توضيحي للثراء الثقافي والجغرافي للجزائر، وتحاكي هذه الاستمرارية في الرسم استمرارية التقاليد والموروث الحضاري والذاكرة الجماعية.
يستحضر الفنان في مجموعته الفنية المصمّمة بألوان الاكوارييل، والتي تم إنجازها ما بين 2023 ونهاية 2024، عمق ذاكرة المكان وتروي تفاصيل الموروث العمراني الثقافي بهدف الحفاظ عليه وإيصاله للأجيال القادمة.
وكما أنّ قرزيز استخدم في نقل كمية جمال الأعمال أسلوبا لطيفا وجذابا، بحيث تعمد وضع عنوان كل لوحة بكلمة مكتوبة بالمعكوس خنشلة “تلشنخ”، سكيكدة “تدكيكس”، وهران “نارهو” وغيرها..ربما لكي يثير فضول الزوار ويستوقفهم لتخمين ماذا تعني الصورة التي تستعرض أمام أعينهم قصة مكان لا يمكن تجاوز سحر تفاصيله وجاذبيته، إلا أنه من جانب آخر فضل كتابة اسم العمل بطريقة عادية في عدة لوحات أبرزها لوحة “ضريح سيدي عبدالرحمان”.
معمر قرزيز من مواليد 1978 بالشلف، أحبّ الفنون التشكيلية منذ صغره، وبعد دراسات معمّقة في هذا المجال، حاز عدة شهادات بينها شهادة الدراسات العليا الفنية من مدرسة الفنون الجميلة بالعاصمة في 2003.
وبدأ الفنان حياته الأكاديمية كمدرّس في المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بوهران، قبل أن يلتحق بمعاهد وجامعات أخرى، وحاليا يدرس بمدرسة الفنون الجميلة بالعاصمة، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية والفردية داخل الجزائر وخارجها.