الشاعر ميلود كاس لـ”الشعب”:

الذكـاء الاصطناعي لا يبـدع القصيـدة.. بـل يسلبها جمالها

موسى دباب

يرى الشاعر والأديب ميلود كاس أن التهديد الحقيقي للكتابة الإبداعية لا يتمثل فقط في الذكاء الصناعي، بل في واقع جديد لا يؤمن سوى بالمنفعة. وقال في تصريح لـ«الشعب” أنه “في ظل هذا الواقع بات الشعر حبيس تظاهرات مغلقة، وحُسر جمهوره في فئة الشعراء أنفسهم”. ويعتقد كاس أن الأدب اليوم، لا يحرك إنسان العصر؛ لأنه لم يعد يغذي الوجدان، “وإذا كان إنسان العصر لا يحركه الأدب الذي يغذيه الوجدان، فكيف نطمع أن يهتم بالأدب المعلب الذي يقوم على سلسلة من الاختيارات الرياضية”.

وانتقد المتوج بجائزة “النبراس للإبداع” لعام 2021 بعض ما يروج له اليوم من كتابات تقوم على تقنيات آلية، معتبرا أن اهتمام بعض الكتاب بهذا النوع من النصوص لا يعدو أن يكون افتتانا شكليا، أو محاولة للالتفاف على الإبداع الحقيقي، ويرى أن هذا الاهتمام “إنما هو من الكتاب أنفسهم، أو فلنقل من الدخلاء الذين خانتهم الموهبة فراحوا يبحثون عن إنجاز أدبي قد يحقق لهم سبقا في جائزة أدبية”.
ووصف الشاعر هذا النوع من المنجزات “بشهادة مزورة” تمنح سمعة اجتماعية دون استحقاق، محذرا من “أن يتحول الكاتب نفسه إلى آلة؛ حين يقبل أن تنوب عنه الآلة، وأن تكتب باسمه، ويلغي بذلك البعد الوجداني الذي يشكل جوهر الكتابة ولبها، ويتحول الإبداع إلى سلعة رخيصة، تضر بالصحة الذوقية، وتعبث بالأطر الجمالية للإنسان”.
وألح ميلود كاس أن الذكاء الاصطناعي “لا يمكن أن يكون بديلا عن الكاتب الحقيقي بأي حال من الأحوال، إلا إذا غيرنا مفهومنا عن الكتابة في حد ذاتها”، وأوضح قائلا “لا أرى بأن الإبداع مجرد مهارة يمكن أن تنوب فيها الحواسيب والهواتف والتطبيقات عن الإنسان”، معتبرا أن العملية الابداعية أكثر تعقيدا من عملية التفكير ذاته، لكونها خلق وبعث للروح في جسد القصيدة.
وذهب المتحدث إلى أن الخطر الحقيقي لا يكمن في قدرات الذكاء الاصطناعي التقنية التي يمكن أن توظف في تحليل النصوص أو دراسة الأوزان الشعرية أو تقديم قراءات إحصائية، بل يكمن في نظره في “تخلينا عن الأبعاد الجمالية التي كنا نحتكم إليها، وفي تخلينا عن رسالة الأدب، ووظيفته الأخلاقية والجمالية، والاجتماعية”. ويرى أن “تبني الحداثة وما صاحبها من غموض أفقد الشعر جمهوره، وجرد القصيدة من روحها، حتى تحولت إلى جسد بلا روح”.
واعتبر كاس أن من الأسباب التي تدفع البعض إلى الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي قادر على إنتاج نصوص جميلة، هو شيوع نمط من الكتابة وصفه بأنه “ذلك النوع من الكتابة الذي بليت به ثقافتنا. إنه أدب الإنسان الآلة، أدب ركيك روج له من قبل ناقد فقد البوصلة في عالم متوحش تحكمه قوى شر وصلت في قمتها إلى إنتاج رؤوس نووية تهدد البشرية”. وحذر من “أن تفضي هذه الحضارة المتوحشة، بما تمتلكه من تطورات مخيفة في الذكاء الاصطناعي، إلى أدب سمج يخرق كل القيم الجمالية والإنسانية”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19799

العدد 19799

الثلاثاء 17 جوان 2025
العدد 19798

العدد 19798

الإثنين 16 جوان 2025
العدد 19797

العدد 19797

الأحد 15 جوان 2025
العدد 19796

العدد 19796

السبت 14 جوان 2025