ينظّم المجمّع الجزائري للغة العربية، يومي 3 و4 ديسمبر المقبل، مؤتمره السنوي الثاني تحت عنوان “جهود علماء الجزائر القدامى في خدمة اللغة العربية: قراءة في المنجز اللساني”. ويهدف هذا اللقاء العلمي إلى تسليط الضوء على الإرث اللغوي الذي خلّفه العلماء الجزائريون على مرّ العصور، وإعادة قراءته في ضوء المناهج اللسانية الحديثة، بما يسمح بإبراز قيمته الفكرية والعلمية، ويمنح للباحثين والمهتمين فرصة لإعادة وصل الماضي بالحاضر في خدمة اللغة والهوية.
يأتي الملتقى لرصد الجهود العلمية لعلماء الجزائر في مجال الدرس اللغوي منذ العصور الإسلامية الأولى وحتى نهاية القرن التاسع الهجري، بما يشمل إسهاماتهم في علوم النحو، والصرف، والبلاغة، والعروض، والمعاجم، وفقه اللغة. كما يسعى المشاركون إلى دراسة السمات المنهجية والفكرية التي اعتمدها العلماء الجزائريون في مؤلفاتهم، وتحليل ما تميّز به نتاجهم العلمي ضمن السياقات الثقافية والسياسية والفكرية التي عايشوها.
ويسعى الملتقى إلى دراسة الدرس اللغوي في الجزائر من حيث أبعاده التاريخية والتربوية، والتسلسل الزمني لتطوّر مناهجه ومضامينه، مع التركيز على مكانة العلماء، ومكانة مؤلفاتهم العلمية، وأثرهم في المشهد اللغوي المحلي والإقليمي، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المؤسسات العلمية التي احتضنتهم، مثل الزوايا والجوامع والمدارس القرآنية، والدور الذي لعبته في الحفاظ على اللغة العربية وتعليمها ونقلها للأجيال، رغم التحديات السياسية والثقافية التي مرت بها البلاد.
ويُراهن هذا اللقاء العلمي على فتح المجال أمام جيل جديد من الباحثين لإعادة قراءة هذا التراث واستثماره في الواقع المعاصر، عبر مقاربات لسانية جديدة تسهم في تجديد الدرس اللغوي وتعزيز الهوية اللغوية، وتؤسس لرؤية تربوية وأكاديمية شاملة. كما يشجّع على التفكير في إمكانيات توظيف هذا التراث في الحقل الأكاديمي والتربوي، واستثماره في مشاريع علمية تخدم اللغة العربية، وتعيد لها موقعها ضمن خطط الإحياء الثقافي.
ويستعرض اللقاء أسماء بارزة من علماء الجزائر الذين تألقوا في علوم اللغة، بدءًا من أبي زكرياء يحيى بن خلدون التلمساني، وابن معط الزواوي، والسنوسي، والأخضري، والمقّري، ويحيى الشاوي، إلى الأمير عبد القادر الجزائري. وقد تولى هؤلاء مناصب علمية مرموقة داخل وخارج البلاد، وأثروا في المشهد الفكري بفضل إنتاجهم المعرفي ودورهم التربوي.
وتتمحور أشغال الملتقى حول أربعة محاور رئيسية تشمل: تحليل الإنتاج اللغوي لعلماء الجزائر ومضامينه المنهجية، ودراسة دور مؤسسات التعليم التقليدي في نقل المعرفة اللغوية، وبحث تأثير السياقات التاريخية والسياسية في توجيه الدرس اللغوي، إضافة إلى استثمار هذا التراث اللغوي في ضوء الدراسات اللسانية المعاصرة.