صدر عن دار «أحلام» للنشر كتاب «حوارية اللغة وتعددها في الخطاب الروائي الجزائري المعاصر»، الذي يتناول فيه إبراهيم رحيم التعدد اللغوي في السرد الروائي، من خلال نموذج رواية «القلاع المتآكلة» لمحمد ساري. ويعتمد المؤلف على المنظور الباختيني للحوارية، محللًا أشكال التفاعل اللغوي داخل النص، بما يشمله من مستويات، موضحا كيف تعكس هذه التعددية صراعا دلاليا بين اللغة المركزية والهامشية.
من بين الكتب الصادرة عن دار «أحلام» للنشر والتوزيع والترجمة، نسلط الضوء على كتاب «حوارية اللغة وتعددها في الخطاب الروائي الجزائري المعاصر»، للدكتور إبراهيم رحيم.
يطرح هذا الكتاب مسألة مرتبطة بتعددية اللغة السردية وتنوعها وتفاعلها في صيغتها الحوارية الباختينية، بوصفها نسقا يحمل الوعي والفكر والإيديولوجيا، ويتميز بالتفكك والتعدد.
وانطلاقا من مقولة الحوارية / البوليفونية، تطرق الكاتب، في هذا الإصدار ــ الدراسة، إلى جملة من التشكيلات اللغوية التي تضمنتها واشتغلت عليها رواية «القلاع المتآكلة» لمحمد ساري بكل أبعادها. وافتتحها الكاتب بأول عتبة نصية تضمنت حوارية العنوان، ورسمت أبعاده بطريقة غير مباشرة مبنية على فلسفة العلاقة بين الشكل والدلالة، فكانت نصا موازياً للمتن «معبرا عن مقاصده ومضمراته الأكثر بشاعة وفظاعة».
وبالنسبة للقضايا الأخرى التي تضمنها الكتاب، فقد تم تقسيمها إلى ثلاثة عناصر كبرى، تركز كل واحدة منها على جزئيات فرعية متناسلة من المكوّن اللغوي في بعده الأكثر شمولية، على غرار تباين المستويات اللغوية من فصحى وعامية وبعض تمثيلات اللغة الأجنبية، إضافة إلى لغة الجماعة الاجتماعية المهنية، ثم الحوار وتمظهراته المجسدة في حوارية الفكرة أو الكلمة المنطوقة المتداولة المتضمنة داخل خطابات الشخصية، تأكيدا أو نفيا لموقف ما..ليختتم المؤلف هذه الدراسة بتمثيل الصراع عبر ثنائية «اللغة المركزية / اللغة الهامشية».
وسبق للكاتب أن حاول، في دراسته لآليات التعدَد اللَغوي وحوارية الخطاب في الرواية عند ميخائيل باختين، تحديد مفهوم التعدَد اللَغوي الروائي في فكر الناقد الروسي «ميخائيل باختين» الذي وضعه كقوام لحوارية اللغة، كما يسلط الضوء على أشكال التعدَد اللَغوي، ودوره في البناء الفني والدلالي للرواية وخلقه تعدَدا صوتيا سرديا.
وقد عبّر في تلك الدراسة عن رأيه في الرواية، التي تعدّ، حسبه، جنسا أدبيا أكثر قربا إلى المجتمع، «لأنها تعبر في خطاباتها عن مختلف الفئات الاجتماعية، وتتعدد لغاتها وأساليبها بتعدد وتنوع شخصياتها، وباختلاف أيديولوجياتها وآرائها حول العالم، كما تتجابه الشخصيات بلغاتها في علاقات حوارية تجمعها». وهذا الأمر، يضيف إبراهيم رحيم، يحرر الرواية من أحادية اللغة وسلطتها إلى التعددية اللغوية.