في ندوة حول احتفالية “يناير” بالمكتبة الوطنية

باحثون يدرسون “تجليات الإبداع الأمازيغي في المشهد الثقافي”

أمينة جابالله

أبرز مشاركون في ندوة” تجليات الإبداع الأمازيغي في المشهد الثقافي”، التي نظمتها المكتبة الوطنية الجزائرية (الحامة)، مدى انعكاس الموروث الأمازيغي بمختلف فئاته من بينها التارقي والقبائلي، على المجتمع الجزائري في الوقت الراهن، ومدى تجلياته في مختلف الآداب والفنون.

في مداخلته الموسومة بـ الاحتفالات الشعبية في الأدب التارقي، تحدث الأستاذ يوسف أوقاسم عن الاحتفالات الأدبية أو الشعرية في مناطق التوارق أو الإيموهاغ، وتطرق إلى العناصر الأدبية من بينها الشعر الذي يعتبر المنتوج المتوارث وما يزال الأكثر رواجا، مشيرا إلى أنّ هذه العناصر تؤخذ بعين الاعتبار في احتفالات التوارق.
وأكد المتحدث على أنّ الشعر يعتبر من أبرز الأنشطة الموجودة عند التوارق، كما تطرّق إلى كيفيات تقديم الشعر والتي هي بالأساس محصورة في كلّ من  الشعر الإلقائي التقديمي  والشعر التنافسي التغالبي، كما جرّه الحديث إلى التكلّم عن المناسبات التي يتجلّى فيها الشعر بغزارة، وفق مواضيع متعدّدة ذات إسقاطات على المجتمع التارقي.
وأشار المتحدّث إلى أهمية الشعر والشاعر عند المجتمع التارقي، فالمجتمع ـ يقول أوقاسم ـ ينظر للشاعر كمثقف، على اعتبار أنّ الشاعر قديما كان يمثل هيئة ثقافية بالنسبة للمجتمعات، نظرا للمكانة الاجتماعية التي كان يحتله، كونه شخصية محبوبة من جهة، وشخصية يهابها الناس من جهة أخرى، لأنّه قد ينظم قصيدة قد لا تسر بعض المستمعين أو المقصودين في الأبيات الموجّهة إليهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
كما تناول أوقاسم، مسألة حضور الشاعر في مختلف الاحتفاليات التي تحافظ على أصالته، بتقديم قصيدة ترقى إلى المستوى المطلوب لغويا وأدبيا، إلى جانب اللّباس الذي يبرز هوية وتراث المجتمع الترقي وكيفية الإلقاء أمام عشاق القافية لينال احترامهم وودّهم.
ومن جهته، ألقى أستاذ علوم الترجمة واللّغة والثقافة الأمازيغية بجامعة مولود معمري قاسي سعدي، محاضرة موسومة بعناون “الأدب الأمازيغي بالقبائلية من الطقوس والشفوية إلى الروايات والدواوين الشعرية”، تحدّث فيها عن العلاقة بين الموروث الثقافي والطقوس القديمة، من بينها الاحتفالات بـ«يناير” كعادة وتقاليد ممارسة في المجتمع، والإبداع الشعري والأدبي المكتوب والفنّي، حيث ذكر كيف كان الأدب الأمازيغي الشفوي في منطقة القبائل متعلّقا بالعادات والتقاليد، وكيف جُمع ودُوِّن.
وتحدّث سعدي عن الروائي والباحث في اللّسانيات الأمازيغية، مولود معمري، الذي يعتبر نقطة فاصلة في مختلف الأبحاث، واقترح مشروعا مناهضا للحركة الكولونيالية السابقة، ونادى  بالخصائص الحيوية للأمازيغية التي لا ينبغي أن تكون فقط في جانبها الشفوي، حيث لديها جمال فنّّي، إبداعي وأدبي، لذلك  كان يجب أن تنتقل من الشفوية إلى الكتابة، لذلك اقترح مولود معمري – يقول المحاضر - قواعد النحو “تاجرومت” للّغة الأمازيغية و«أموال” أو القاموس الأمازيغي الحديث، حيث اقترح معجم لكلمات مستحدثة، على غرار إشرافه على تأسيس مجلة “الكلمة”، بالتعاون مع الأنثربولوجي الفرنسي بيار بورديو، وقال: “كونه أديب وأنثروبولوجي ولساني ذو نظرة حادّة جدّا، لم يقتصر فقط على منطقة القبائل، بل كان صاحب مبادرات متعدّدة، حيث اقترح دراسات عميقة حول “أهاليل القورارة” والذي يتمثل في تراث شعري وغنائي خاص بمنطقة الجنوب، كما كانت له جولات إلى مختلف مناطق الجزائر شمالا جنوبا وشرقا وغربا”.
وفي السياق، أشار سعدي إلى مشروع مولود معمري وكيف أصبحت الأمازيغية الآن تدوّن وتكتب ويؤلّف بها كتب، كما تلقى الاهتمام من جامعيين ودكاترة وأساتذة اقتبسوا وطوّروا أفكار مولود معمري، فقال:«لقد أصبحت الثقافة الأمازيغية تكتب وتؤلّف بها روايات وأشعار حديثة معاصرة وقصص قصيرة وأفلام، ودخلت عالم الفن، وأضاف:  لم يتخل أدباؤنا الحاليون عن الثقافة الأصلية، رغم امتطائهم لركب المعاصرة، ورغم حيازتهم لجوائز وطنية مثل جائزة آسيا جبار وجائزة محمد ديب وجائزة رئيس الجمهورية للأدب واللّغة الأمازيغية، حيث من خلالها أعادوا إحياء التراث الثقافي الأمازيغي العميق.
للإشارة، طاف المدير العام للمكتبة الوطنية الجزائرية منير بهادي رفقة المشاركين وبحضور رئيس المجلس الأعلى للّغة العربية البروفيسور صالح بلعيد بأجنحة المعرض الوثائقي حول “الثقافة الأمازيغية” الذي تحتضنه المكتبة من 09 إلى 15جانفي الجاري  بمناسبة الاحتفالات الرسمية برأس السنة الأمازيغية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024