عندما يتعلق الابن بذاته

الشخصية في رواية «قضاة الشرف» لعبد الوهاب بن منصور

بقلم : خيرة بغاديد

استطاع الراوي أن يكشف شخصياته بأوجهها المتعدّدة ويبيّن حالات ضياعها، وضياعه أيضا،فنجده الحفيد المؤهّل والوريث الشرعي الذي يستحق امتـلاك القيمـة (الحكمة، واعتلاء عرس الحضرة) في نظر الجد، وهو الابن/الضحيّة، الذي اغتصب والده حقه الشرعي، ونفاه إلى مدينة تتماهى مع قريته رذيلة وضياعا.
« أنا في وهران، يملؤني سكون جارف، ونفسي تحتثني على المنكر..».
   1فهو الضائع بين المقاميين (جبالة-وهران) يمارس عبثه، يشاكس النساء، يشرب الخمرة، ويفعل ما يفعل، وهو الذي استلب حقه، نفيّ وظهر بوجهين (المكرّم والمهان) ، الحالم بالملك والسيادة وبالقيمة التي تجعله أكثر حضورا وفاعليّة، والمفتقد لهذه القيمة/ الحلم، في الوقت نفسه، ويبقـى الراوي الشخصية الأساسية التي تتمركز حولها الرؤية، تبتدئ منها وتنتهي إليها.
يظهر البطل/ الذات الساردة ساخرا بمن حوله، وبالواقع المحيط به، إذ يحاول كشفه وتعريته،» فانشطرت إلى ذاتين إحداهما داخليّة تواجه القوى التي تحاصرها، والأخرى تدرك الطابع التجريدي والمحدود للعالمين (عالم الذات والعالم الخارجي)
 2 أين تتضح الإشكالية في الرواية، بين الأنا والأنا، وبين الأنا والآخر، بين النفس ومكبوتاتها، وبين واقعها الخانق، في صراع وانفصال سبه كلّي، حيث الغربة، الضياع والحرمان أكثر.
 شخصية الأب:
يقابل شخصية البطل الأول/ الراوي، شخصية أخرى أساسية في بنية الحدث الروائي، وتشابكه، تتضح شخصية الأب /البطل المضاد أو الفاعل المضاد حسب غريماس، غاصبة للحق، جائرة، منتهكة للأعراض وممارسة للرذيلة توصلت إلى السلطة بطريقة غير شرعية، وعلى حساب الابن، فقط لتكون مالكة لكلّ الماديّات، والقاضي الأوّل في البلاد الذي ترجع إليه الأمور والمطاع الذي يحترم أمره ويلبى حتّى ولو منافيا للشرع والعادة، والعرف العام.
« كلّ من حضر استلامي الحكمة من الرجال أخي محمد رحمه الله، الذي مات وماتت معه شهادته، وحتى وإن بقيّ حيّا لست متأكدا
 أنّه سيسهد بالحق، وفقيه الجامع سيدي حمزة زوج عمّتي فتيحة الذي لا يستطيع أن يبوح بشيء قبل استشارة أبي خوفا منه «
3 فالكلّ يخشى الأب (صاحب الحضرة المزعوم)، حتّى في شهادة الحق لا يشهدون إلاّ بما يوافق رغبته، ويتحيّزون له رغم وضوح الحقيقة، فيضيع الحق ويسيطر الظلم والزور والنفاق.
1 الرواية، ص07.
2عباس إبراهيم، تقنيات البنية السردية في الرواية المغاربية، المرجع السابق، ص14.
3 الرواية ص41

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025