الفنانة التشكيلية دنيا حديـد لــ “الشعـب”:

كثيرا ما أطلق العنان للسفر عبر لوحاتي لأكتشف الحنين

حوار: نورا لدين لعراجي

أفضـل نقـل جمـال المرأة كمـا هـو دون مساحيـق

الشهيد بن مهيدي كلما تذكرت الجزائر تحيلني اللوحة إليه
رحلـة حنـين أولى إبداعاتـي أمـام الجمهــور

التقيناها بمتحف الباردو خلال معرض “رحلة حنين” وهو فضاء فني أقيم لعرض لوحات تشكيلية من إبداعها وتصميمها، أفضت عليها طابع الممارسة الفنية بامتياز ، إنها الفنانة دنيا حديد فنانة تشكيلية تأثرت بالعديد من المدارس الفنية، حيث وجدت لنفسها عدة مخارج في صقل موهبتها والمزاوجة بين الريشة والألوان.رحلة مع الفن التشكيلي ليست بالطويلة وإن كانت مقتصرة على ذاتها فقط، فأنها من خلال “رحلة حنين” غاصت في دواليب الألوان، لتعانق الفن من أبوابه الرحبة، الواسعة الجمال الذي تتنفسه في حياتها العادية دون كلل ولا ملل. دنيا فتحت قلبها لـ “الشعب” وأجرينا معها هذا الحوار على هامش المعرض الذي تمت إقامته مؤخرا بمتحف البار دو بمناسبة أبواب مفتوحة على حضارات ما قبل التاريخ.
أي المدارس تعتمد عليها دنيا في رسم لوحاتها؟
 تأثرت بالمدرسة الواقعية وكذا التجريدية والانطباعية، حيث يتغير الأسلوب بحسب الموضوع الذي أرسله. ففي رسم المرأة بشكل خاص أجد نفسي أقوم بها طبقا لما هو معروف لدى المدرسة الواقعية، حيث أفضل نقل جمال المرأة الجزائرية كما هو، بزيها، بحليها، وبشموخها في غالب الأحيان ربما اعمل بطريقة علمية. أحب تمثيل الأشياء والأشخاص وحتى الأماكن على حقيقتها. خلق الله تعالى كل شيء على أحسن تقويم فلما تبديل الألوان والأحجام. أحب خاصة رسم الوجوه والأشخاص في لوحاتي أحس أن ذلك يعطيها حياة. وأحيانًا أجد نفسياتنا أسلوب المدرسة الانطباعية في رسم الطبيعة التي تأثرت بها، أما فيما يخص التجريدية ففيها أطلق العنان لخيالي من أجل السفر عبر لوحاتي في عالم الحنين الذي يسكنني لكل ما هو جزائري حيث أجد حرية أكبر فيه.
تنوعت اللوحات بين الطبيعة والعمران ما سرّ ذلك؟
 صحيح أن هناك تنوع في مواضيع اللوحات من طبيعة وعمران وشخصيات ووجوه. السر في ذلك أن إلهامي الأول كان “الجزائر”. الجزائر بطبيعتها، الجزائر بثقافتها وتقاليدها. الجزائر بألوانها وجمالها. لم تكفِ اللوحات للتعبير عن حنيني وحبي للجزائر وعن عظمة تقاليدنا وتاريخنا. عندما أفكر في الجزائر أجد نفسي أضع في لوحاتي. بطريقة تلقائية. ألوان الصحراء، جمال المرأة الجزائرية ولباسها و حليها.... منبع إلهامي هو الذي خلق التنوع في المواضيع و الألوان.
  لو عدنا قليلا إلى إرهاصاتك، من هي دنيا الإنسانة؟
دنيا إنسانة بسيطة تحب التأمل في الأشياء الأشخاص والمناظر. فضولية تحب معرفة الحقائق العلمية لذلك توجهت نحو شعب علمية. رغم ذلك يعد الرسم كل حياتها ولا تستطيع العيش بعيدا عن ريشتها.
ما هي أهم الأسماء التي تأثرت بها من خلال أعمالهم؟
السؤال واسع جدا، تأثرت بأشخاص عدة منهم رسامون مثقفون وحتى شهداء الجزائر، سأذكر بعضهم فمن الرسامين الأجانب بليوناردو دافنشي، العبقري الذي مزج بين الفن والعلم، حيث كانت له العديد من الاختصاصات والاختراعات، حبي للعلوم جعلني اميل كثيرا لشخصيته وأعماله أما بالنسبة للفنانين الجزائريين فتأثرت بحسين زياني بلوحاته الرائعة وباية التي رغم صعوبة ظروفها المعيشية تمكنت من خلق نوع جديد في الرسم وهو الفن البدائي. هناك شخص كلما أذكر الجزائر أتذكر صورته، أتذكر ابتسامته وملامحه، لا أعرف مشواره جيدا، كل ما أعرفه أنه كان محبا للفن وأنه أرهق الاستعمار الفرنسي بنضاله وجهاده على بلاده، بالنسبة لي هو أشهم إنسان في العالم كله، هو العربي بن مهيدي. كلما أتذكره يغمرني مزيج من الحزن و الفخر.... رحم الله شهدائنا الاغبرار
هل خاضت دنيا تجارب عرض أخرى داخل الوطن أو خارجه؟
رحلة حنين يعد معرضنا الأول، معرض أعطينا الكثير من أجله وتعلمنا الكثير منه. أتمنى أن تكون لي معارض أخرى داخل الوطن وحتى خارجه.
ألا تعتقدين أن جمهور الفن التشكيلي لم يعد كما في السابق؟
لا اعتقد ذلك، مازال الفن التشكيلي يحظى بجمهوره العريض. لا يجب ان ننسى ان الجزائر مرت بظروف صعبة حرمت الجزائريين من الاهتمام بالتظاهرات الثقافية بشكل عام والفن التشكيلي بشكل خاص. ومع عودة الاستقرار بدأت الأشياء تعود الى مجراها الطبيعي، وبدأ الجزائري يهتم أكثر بالفن. ولكي يكون وعي اكثر واهتمام أكبر بالثقافة والفن، يجب الحرص على غرس ثقافة زيارة المتاحف والمعارض خاصة عند الفئة الشابة والأطفال.
خاض العديد من الفنانين تجارب القصيدة الشعرية واللوحة الفنية بمعنى من خلال القصيدة ترسم اللوحة هل فكرت - في ذلك دني وهل مستعدة لخوض التجربة؟
 إذا قلنا قصيدة شعرية فإننا نقول أيضا لوحة فنية أو حتى قطعة موسيقية. القصيدة الشعرية تحمل أفكار ومشاعر كاتبها بنفس الطريقة التي تحملها اللوحة الفنية. فشعر محمود درويش أو مفدي زكريا أو عنتر بن شداد يوحي كله إلى لوحات معبرة وإذا لم أبالغ كل كلمة من شعرهم ترسم منها لوحة. إذا قال مفدي زكريا البنود اللامعات الخافقات، أليس ذلك بلوحة؟ حقيقة لم أفكر في ذلك من قبل إذ كان سؤالكم هو من أوحى لي بذلك. أعجبتني الفكرة ودغدغت فضولي، سأحاول مستقبلا رسم لوحات فنية من خلال قصائد شعرية، سيكون ذلك تحدي آخر في مشواري الفني.
ما هي أهم محطات حياتك؟
ربما محطات حياتي كعصامية التكوين ليت كمحطات الفنانين الذين مروا بمدارس، فهي مرتبطة بما هو حولي مثل الأماكن التي أتواجد بها وحتى تفاعلاتي الاجتماعية عندما أزور القصبة أو أرى ابتسامة في الطريق، لن أنسى أبدا لما زرت الصحراء الجزائرية في صغري أذهلت بجمالها وتقاليد سكانها فبقيت ألوانها راسخة في ذهني إلى يومنا هذا أجد نفسي أعبر عنها تلقائيا.
 كيف كانت تجربة الباردو؟
تجربة الباردو، وكأنني في حلم... كانت أول تجربة لي في مجال الفن، تفاجأت حينما وحدت الناس ينظرون إلى لوحاتي بإعجاب وعبروا عنها أحسن مما استطعت التعبير عنها بنفسي. تفاجأت بحب الجزائريين للفن، تفاجأت بتشجيعات الزائرين الذين زادوا في عزمي على مواصلة مشواري. ستبقى تجربة الباردو راسخة في ذهني لأنها سمحت لي بالتعرف على نفسي، على قدراتي وعلى أجمل عالم وهو عالم الفن، فشكرا لكل من شجعنا وساندنا وشكرا للسيد وزير الثقافة الذي آمن بموهبتنا وحقق حلمنا.

 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024