قصد بعث العلاقات التاريخية بين الشعبين

مشروع ثقافي تركي جزائري مشترك في الأفــــــق

المدية: م،. أمين عباس

 

 

 

 

  أكد السيد محمت بويول، سفير دولة تركيا بالجزائر، عشية أول أمس، بمسرح جامعة المدية، خلال التظاهرة الثقافية المنظمة ،  بأن إقامة هذا الحفل يتزامن مع الذكرى الـ500 لحضور القائد بربروس إلى عاصمة الجزائر، كاشفا بهذه المناسبة بأن تركيا والجزائر تتقاسمان التراث المشترك المجيد، كما أن هذه التظاهرة، هي بداية لنشاط ثقافي كبير ما بين البلدين، مثنيا على رئيسة الجمعية السيدة نادية بزيو، لاقتراحها لهذه المبادرة  والمسؤولين المحليين الذين رحبوا برغبة إعادة بعث هذه العلاقات التاريخية، ما بين الشعبين الضاربة في عمق الحضارات البشرية، معتبرا أن المدية عرفت الكثير من معالم الحضارة العثمانية والتي بقيت شاهدة إلى غاية هذا اليوم.

 اعتبر عومر رغال، مدير الثقافة، نيابة عن والي الولاية وسكان بيلك التيطري، بأن مثل هذه الإحتفائية هي بقصد “استحضار محطة من محطات تاريخ مشترك مرصع بأيقونات وملامح كانت ولازالت مبعث فخر هذه الأمة، صنعت مجدها فأوغلت في الحضارة عمقا ونتاجا، وامتدت في الجغرافيا شرقا وغربا وانطلقت بالتاريخ لفظا ليكون شاهدا وذخرا”، مشيرا في هذا الصدد بأن “الدارس والمهتم بالتاريخ يستشف يقينا عمق العلاقات الجزائرية العثمانية أثرا ويتعقد ايمانا راسخا بمصير مشترك، فكان نتاج ذلك ميلاد فجر جديد لتاريخ إنساني حافل بالبطولات والقيم لأمة امتزجت دماء أبنائها على مدار ثلاثة قرون رغم محاولات وأد هذا التزاوج واستئصاله وبتر أواصره، إلا أنه بقي ليذكرنا في كل حين من الزمن وفي كل طبق ولباس وقصيدة، ولحن وأغنية واحتفال وعمارة مشيدة بماض جميل وعز وفير”.
 استطرد مدير الثقافة تدخله أمام الحضور بالقول “إن دماء هذا التواصل لا زالت تتدفق حارة في عروقنا، لتذكرنا بعمق هويتنا وأصالة حضارتنا بين الأمم والشعوب”، مبديا فرحته لهذا الإحتفال بتجديده لقوله “إنه من دواعي الغبطة والسرور أن أرى مدينة المدية صارت محجا ومزارا لهذه القافلة الثقافية التركية، التي حطت بحلها وترحالها بعاصمة بيلك التطيري الشامخة، لتنتفض هي بدورها لتبادلها التحية والترحاب، فاتحة ذراعيها لهذا التدفق الثقافي والزخم فيتأسس بذلك نهج جديد قوامه الوصال وعنوانه الأصالة وروحه عقيدة المصاهرة وماض وحاضر ومستقل واعد”.
الثقافة إنصهـار العـادات والتقاليـد في حضـن التاريـخ
 أبرز رغال أهمية هذا الموعد، بقوله “إن الثقافة التي تجمع وتوحد وتنصهر في طياتها أسمى معاني الوحدة والإنتماء والعادات والتقاليد والتراث المشترك بين شعبين، هي الثقافة إذن، تفعل ما تعجز عنه السياسة، ودوما هي الثقافة الحضن الدافئ لكل مغترب في التاريخ، هائم في الجغرافيا، هي الإنتماء والوحدة، هي صورة الحياة في أسمى صور البساطة والتفاعل”، منوها بمضمون هذه المحطة التي تجمعنا على أنها  لبنة تضاف لهذا الصرح الحضاري الضارب بجذوره عميقا في كل شبر من أرض الجزائر وتركيا”، متعهدا في هذا المقام بأن تعمل مصالحه “جاهدة على ارساء قواعده ليكون مستقبلا منطلقا لنتاج حضاري ثقافي مشترك وإرث إنساني يحمل في طياته خصوصية الإنعتاق والتحرر الفكري والثقافي، الذي يسموا بوجوده فوق كل حاجز سياسي أو جغرافي، وتكون في نفس الوقت نموذجا توافقيا لمشروع ثقافي مشترك تركي جزائري هادف يكفله التاريخ والماضي المشترك وتحضنه قيم الأصالة والتراث، فتكون بذلك مرجعيته لنهضة تقافية وحضارية تنشد التطور والتقدم بعباءة الإعتزاز بالتراث والقيم الإنسانية الأصيلة والنبيلة”.
 المدية تستحضر تراثها العثماني بباقة من الأنشطة الثقافية والفنية الأصيلة
فضلت جمعية أكادمية الفنون والثقافة لبلدية المدية، في هذه التظاهرة التذكير بتاريخها واعتزازها بتراثها العثماني من خلال تقديم فيديو، أبرز عدة محطات للوجود العثماني ببيلك التطيري، بقدوم القائد بابا عروج إلى العاصمة، أظهر فيه صاحبه عبر شهادات لدكاترة ومختصين في التاريخ والتراث عبقرية الإدارة التركية في الجزائر، وكيف أن الجزائري تجاوب معها بطريقة حضارية عالية في التحكم في زمام الأمور وقتها وكذا التراث التاريخي والعمارة والأحواش والمساجد المشيدة في تلك الحقبة من عمر الجزائر والتي تحولت بفعل الاستدمار إلى اسطبلات وأطلال.
 أتبعت الجمعية هذه الإحتفالية بتقديم عرض للبالي من لدن فراشات عاصمة التيطري، نال اعجاب الحضور والمدعوين بمسرح جامعة يحي فارس، ليتم بعد ذلك تكريم السفير التركي من طرف رئيس ديوان الوالي، ثم تقديم أغنية وطنية بعنوان “هيا بنا” من طرف براعم فرقة جيل الغد لجمعية الأقواس، لتتواصل هذه التظاهرة بتقديم وصلات موسيقية من العبق الأندلسي والحوزي للفنان أحمد العشاب، عبر تقتتقات كـ«سلامي على أحبابي في القرب والبعد” متبوعا بكوكتال غنائي من قبل الفنان ياسر، سمح لهذه الجمعية من تبيان أهم مستلزمات العروس من لباس وحلي في التصديرة وأثناء توجهها لبيت زوجها، كما تفاعل الجمهور مع اللباس التقليدي لرجل المدية الحر والأصيل، ليختتم الطبق الفني المقترح من طرف هذه الجمعية بالحنة اللمدانية رفقة تقتقات من قبل الفنان ياسر، كمحاولة للتعريف بهذا الموروث الجزائري الشبيه بالحنة في تركيا، ليتنقل الجمهور والعائلات اللمدانية، إلى تذوق ما جادت به قريحة الفنان التركي تورقاي عبر باقة من الأغاني والتقاسيم التركية بصحبة آلة القانون، والتي نالت اعجاب الحضور، إلى جانب دعوة هؤلاء إلى تذكر روائع فيلم حريم السلطان عبر أزياء تركية عريقة زدات من هذا الحفل دفئا وحرارة.
 يذكر أنه قبل الشروع في تنفيذ محتوى هذه التظاهرة، كان لهذا الجمهور الوفي موعدا مع ما احتواه معرض معهد أنقرة للفنون بدار الثقافة حسن الحسني بالمدية من طرز على القماش ولوحات فنية باهية جسدت حضارة الدولة العثمانية، وحلي تقليدي من الفضة الخالصة، ورسم تحت الماء “الإيبروا” لأقمشة وهدايا فاخرة، من لدن أنامل تركية، إلى جانب أعمال تقدم بها المشاركون   في إطار المعرض العام المقام من طرف هذه الجمعية بمشاركة جمعية الراقم لبلدية المدية، من بينها لوحات للخط العربي والزخرفة الإسلامية طرزت بعضها بالذهب الخالص والتي نالت إعجاب واهتمام السيدة مولودة شيخ اولو إحدى الفنانات التركيات المشاركات في إنجاح هذه التظاهرة. للعلم التظاهرة ستتسافر إلى ولاية تلمسان لتعود إلى متحف باردو بالجزائر هذه الأيام

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025