طوت سنة صعبة

دولة مالي تبدأ عاما جديدا بأمل إقرار السّلم والمصالحة

عرف المشهد السياسي في مالي في السّنة المودّعة 2020، تطورات سياسية معقّدة في أعقاب الأزمة الناجمة عن التغيير «غير الدستوري» للحكم، وما أفرزته من تجاذبات في مسار هذا البلد الذي يتجه نحو العودة الى النظام الدستوري واسترجاع مؤسسات الدولة، بعد الانتهاء من رسم ملامح المرحلة الانتقالية.
بعد التطورات المتسارعة التي شهدها البلد طيلة عام كامل، وميلاد حكومة انتقالية ومجلس وطني انتقالي في أوت 2020، والذي أجبر الرئيس ابراهيم بو بكر كيتا المنتخب ديمقراطيا على الاستقالة.
وكانت الأحداث قد تفاقمت مع اندلاع احتجاجات شعبية بداية عام 2020 تنديدا بالأوضاع السائدة، وازدادت شرارتها مع خروج «تظاهرة سياسية كبرى» يوم الجمعة 5 جويلية، استجابة لدعوة من بعض التشكيلات السياسية وممثلين عن المجتمع المدني المنضويين تحت لواء تحالف «حركة 5 جوان تجمع القوى الوطنية في مالي» الذي يتزعمه الامام محمود ديكو.

رسم ملامح مرحلة انتقالية

 توالت بعدها جمعات الغضب الشعبي المطالبة بتنحي الرئيس كيتا عن الحكم وحل البرلمان، وتشكيل حكومة انتقالية، والتي تخللتها اشتباكات دامية، سقط خلالها قتلى وجرحى من رجال الامن ومحتجين.
وأمام اتساع رقعة الاحتجاجات والدعوات المتواصلة للمعارضة إلى العصيان المدني، بدأ الخناق يشتد على الحكومة المالية، فسارعت الى تقديم تنازلات، في مسعى منها لامتصاص غضب الشارع، إلا أن زخم الحركة الاحتجاجية أضحى «القوة الاساسية الضاربة»، من أجل التغيير المنشود الذي يصبو اليه الماليين.
ولم تفلح لا الوساطات الاقليمية المتكررة، ولا المبادرات الدولية في اعادة فرض الرئيس كيتا على المشهد السياسي، بعدما أجبرته مجموعة من الضباط المتمردين على الاستقالة رغم العقوبات الصارمة التي فرضت على البلد.
وفي أعقاب المشاورات السياسية وجولات من الحوار الوطني عبر أرجاء مالي، نجح المجلس العسكري الحاكم في رسم ملامح مرحلة انتقالية لفترة لا تتجاوز 18 شهرا، الا أن تشكيل المجلس الوطني الانتقالي الذي أعقبها واجه انتقادات تتعلق بعدم تساوي الحصص، وعدم إشراك الجهات الفاعلة الرئيسية التي دفعت إلى التغيير في اتخاذ القرارات بشأن تعيين رموز المرحلة الانتقالية، حسب الملاحظين والفاعلين السياسيين.

إعادة بعث اتّفاق «السّلم والمصالحة»

 شكّلت التطورات السياسية في مالي فرصة لإعادة إحياء اتفاق السلم والمصالحة في مالي عام 2015 المنبثق عن مسار الجزائر، حيث اعترف ميثاق المرحلة الانتقالية بـ «المكانة المركزية» للاتفاق، وأكدت الحكومة الانتقالية التزامها بـ» تجديد ديناميكية تطبيقه من أجل دعم السلام في مالي والمنطقة الاقليمية»، وذلك رغم «محدودية النتائج المسجلة» بشأن تنفيذه خلال عام 2020، حسب مراقبين.
وفي إطار مساعيها ضمن الجهود الاممية الرامية الى اعادة الاستقرار لهذا البلد، جدّدت الجزائر التزامها بدعم مسار التحول السياسي الحالي عبر مرافقة الفرقاء الماليين في تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة، إ يمانا منها أنه «ليس هناك حلّ بشمال مالي سوى بالرجوع الى الاتفاق الذي احتضنته الجزائر، وكذا الشرعية الدستورية بهذا البلد»، حسب ما صرح به رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
وفي هذا السياق، دعا الرئيس تبون، الى ضرورة احترام اتفاق السلام والمصالحة الوطنية المنبثق عن مسار الجزائر، والذي يظل الإطار المناسب لمواجهة تحديات الحكم السياسي والتنمية الاقتصادية في مالي.
وباعتبارها فاعل إقليمي مؤثر في المنطقة، فإن التحركات الدبلوماسية الجزائرية في أزمة مالي والتطورات التي رافقتها «تندرج ضمن استراتيجية كبرى نحو الجوار الإقليمي الهادفة إلى تلطيف النزاعات ودعم عمليات الاستقرار والأمن». وضمن هذه التحركات، أجرى وزير الشؤون الخارجية، صبري بوقدوم، زيارتين الى باماكو في أقل من شهر، سمحت بعرض الموقف الجزائري الداعي الى ضرورة الحفاظ على الاستقرار في هذا البلد من خلال «انتقال هادئ يسمح باستتباب النظام الدستوري». وخلال افتتاح الدورة الـ 41 العادية للجنة متابعة اتفاق السلام والمصالحة، التي تترأّسها الجزائر، في باماكو يوم 16 نوفمبر الماضي، جدّد السيد بوقدوم التأكيد على ثبات موقف الجزائر إلى جانب الشعب المالي، ومرافقته في مسار تنفيذ الاتفاق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024