السلام في مالي ..

سفينـة مُبحرة في محيط هــائج

فضيلة دفوس

بعد تعثّر دام ستّ سنوات، استطاعت دولة مالي بقوّة دفع من الجزائر أن تحقّق تقدّما ملموسا في تطبيق اتفاق «السلم و المصالحة» الموقّع عام 2015، وذلك من خلال نجاحها في عقد  الاجتماع الدوري للجنة متابعة تنفيذ هذا الاتفاق التاريخي في فيفري الماضي، بمشاركة الجزائر التي ترأس هذه اللجنة والحكومة المالية وممثلين عن دول الساحل والجوار والأمم المتحدة وقادة الحركات المالية الموقعة على الاتفاق.  
عقد الاجتماع شكّل انتصارا كبيرا، أوّلا، لأنه جرى في مدينة كيدال وتحت الراية المالية، ما يعني أن الأوضاع الأمنية بدأت تستتبّ بالشمال المالي الذي سقط عام  2012 في قبضة المجموعات الإرهابية، وثانيا لأنّه عكس تمسّكا داخليا كبيرا  بتنفيذ الاتفاق الذي يبقى الإطار المناسب للعودة المستدامة للاستقرار في مالي. إذ انتهى الاجتماع إلى التأكيد على استمرار العمل باتفاق الجزائر كإطار مناسب لاستعادة السلم الدائم وتعزيز المصالحة، مع الاحترام الكامل للأسس الجمهورية للدولة والقيم العريقة المتمثلة في العيش معًا، والتضامن الذي طالما دعّمه المجتمع المالي بكل تنوعه، وقد التزم المجتمعون أيضا باستكمال تنفيذ ما تبقى من بنود اتفاق السلام خاصة ما تعلق بشقي توحيد الجيش وتنمية المناطق الحدودية الشمالية.
إن التئام اجتماع لجنة المتابعة في مدينة كيدال، عكس بما لا يدع مجالا للشكّ بداية عودة سلطة الدولة إلى المناطق الشمالية التي حوّلها الإرهابيون خلال السنوات الأخيرة إلى مناطق محرّمة تسفك فيها الدماء وتنهك الأعراض وتنهب الخيرات، وكانت مدينة كيدال على غرار عدد من مدن شمال مالي مثل غاو وتومبكتو، قد وقعت تحت سيطرة المجموعات الدموية كـ «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي «وجماعة «التوحيد والجهاد» التي اختطفت خمسة من الدبلوماسيين الجزائريين في مارس 2012.
 ما من شكّ أن بوادر الانفراج بدأت تلوح في أفق دولة مالي التي تظهر سلطتها الانتقالية إرادة قويّة في استكمال تطبيق اتفاق السلام من خلال أربعة محاور كبرى ذات أولوية وهي: تنشيط عملية نزع السلاح وتسريع إعادة الاندماج وتحقيق الإصلاحات السياسية والمؤسساتية ودعم إجراءات التنمية وإعادة بعث النشاطات الخاصة بالمصالحة الوطنية.
لكن يبدو بأن التقدم الذي تسجّله دولة مالي على طريق السّلام و الاستقرار، لا يرضي الجهات المستفيدة من حالة العنف والفوضى، لهذا قد نراها تلجأ إلى وسائلها وأساليبها الدموية  للتخلّص من بناة السلام، وقد لا نستبعد أن يتبع اغتيال الرئيس الدوري لتنسيقية الحركات الأزوادية سيدي إبراهيم ولد سيداتي بعمليات مماثلة وقعها بالتأكيد مؤلم، لكنّه لن يُوقف مطلقا قطار السلام والاستقرار الذي انطلق وسيصل إلى محطّته النهائية مهما كانت العراقيل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024