السفير الصحراوي بالجزائر لـ“الشعب ويكاند”:

البوليساريو تخوض حرب استنزاف قد تتحول إلى حرب شاملة

حوار: جلال بوطي

 النظام المغربي دخل في عزلة دولية بسبب خرقه للشرعية

 الرئيس غالي أثبت للعالم أننا جمهورية قانون وعدالة


أكد سفير الجمهورية العربية الصحراوية بالجزائر عبد القادر الطالب عمر، أن الأمين العام لجبهة البوليساريو إبراهيم غالي، أثبت للعالم أننا جمهورية قانون وعدالة بقبوله الوقوف أمام القضاء الإسباني. موضحا في حوار مع “الشعب”، أن ما يحدث على طول الجدار العازل منذ 13 نوفمبر الماضي، هي حرب استنزاف ضد جيش الاحتلال المغربي، ستتحول إلى حرب شاملة وقد أدخلت المخزن في عزلة دولية بعد محاولاته الخروج عن الشرعية الأممية.
- «الشعب”: بداية سعادة السفير، نتابع تطورات متسارعة في ملف النزاع الصحراوي، هل يدفع هذا إلى دخول الحرب مرحلة جديدة؟
 السفير عبد القادر طالب عمر: الملاحظة الكبرى هي أن النظام المغربي لما اعترف له ترامب بسيادة مزعومة على الصحراء الغربية مقابل التطبيع مع ما يسمى “إسرائيل”، ظن أنه حسم الأمر ولم يعد بحاجة إلى أي طرف، وأنه على جميع الدول أن تتبع هذا الموقف، باعتبار أن الموقف سيفرض نفسه بقوة أمريكا. وأصبح المغرب يتصرف بغطرسة، كما ظهر هذا في موقفه مع ألمانيا وإسبانيا ومع الاتحاد الأوروبي، إثر رفضهم قرار ترامب واعتباره خروجا عن الشرعية الدولية.
 عموما كان الرد معروفا من بعض الدول، على غرار ألمانيا، حيث أن مجلس الأمن الدولي اجتمع بطلب من ألمانيا وقال لا لهذا الموقف ونعم للشرعية الدولية. وبعد ذلك أكدت إسبانيا أنها لن تغير موقفها لما حاول المغرب الضغط عليها لاستقبالها الرئيس الصحراوي للعلاج وقالت إنها لن تغير موقفها وإن هذا موقف دولة. واتهم النظام المغربي مدريد أنها غيرت موقفها من الناحية الإستراتيجية في التعامل مع الصحراء الغربية وانحازت للبوليساريو وحاول الضغط عليها باستعمال الهجرة من خلال إرسال حوالي عشرة آلاف من مواطنيه، بينهم قصّر، وهو الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى التضامن مع إسبانيا ورفض الاستفزاز والضغط المغربي.
- على ذكركم موقف مدريد، أصدرت وزيرة الخارجية الإسبانية تصريحات فهمت على أنها موقف منحاز للرباط، ما تعليقكم على هذا؟
 ما قالته الوزيرة الإسبانية فهمه كثيرون على أنه في صالح الرباط وهذا بالعكس تماما، فهو تصريح ذكي يعزّز الموقف الإسباني الجديد الداعم للشرعية الدولية وذلك من خلال تساؤلها عن ماذا يريده المغرب حاليا لحل النزاع؟ إذا كان لا يقبل باستفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي وكذلك الحكم الذاتي مرفوض من طرف البوليساريو، وبالتالي هو لم يعد قادرا على مواجهة الشرعية الدولية وليست لديه مقترحات يقدمها للعالم، هكذا فهمنا نحن تصريح الوزيرة الإسبانية. وبالنسبة لنا هو موقف يجدد التأكيد على شرعية القضية.
في هذا السياق، سجلت إسبانيا هذه المرة موقفا كان أقوى من المرات السابقة وتأكدت أن الدفاع عن مصالحها فهي مع المواقف الشرعية الدولية ولكن حتى مصالح اسبانيا لأنها إذا ثبت الأمر ضم المغرب للصحراء الغربية، فذلك يجعله يقوم بخطوة موالية هي استرجاع سبتة ومليلية وهو ما جعل الأسبان يدركونه بشكل واضح.
- يواجه المغرب شبه عزلة دولية، لاسيما من طرف إسبانيا وألمانيا، على خلفية أزمات دبلوماسية حول نزاع الصحراء الغربية، كيف تفهمون هذا التحول؟
 نعم يواجه المغرب أزمة دبلوماسية بسبب الصحراء الغربية مع عدة دول، على غرار ألمانيا وإسبانيا، حيث أنه لجأ إلى تبني أسلوب معاد وذهب بعيدا في هذه التوترات ولجأ إلى استبعاد مرور السفن المتوجهة إليه عبر الموانئ الإسبانية كأسلوب عقاب، وهذا يفسر الفشل الذي وقع فيه جراء كل هذه الوقائع. والأكبر من هذا، سيواجه المغرب نكسة جديدة، هذا الشهر، لأن لدينا مؤشرات على أن المحكمة الأوروبية ستصدر قرارها بخصوص الطعن الذي تقدمت به جبهة البوليساريو، ونظن أنه سيؤكد مواقفها السابقة، التي تقر أنه لا سيادة للمغرب على الصحراء الغربية وأنهما منطقتان منفصلتان، وإن أي اتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي يشمل الصحراء فهو باطل. وسيكون هذا صفعة أخرى للنظام المغربي، لأن محاولة إخراج القضية من إطارها هي محاولة فاشلة ولن تنجح أبدا.
وفي هذا الصدد أيضا، اتخذ البرلمان الأوروبي قرارا بالأغلبية، يندد بالنظام المغربي. وأنهم لن يغيروا موقفهم من الصحراء الغربية وأنهم يدعمون الشرعية الدولية بما يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
وحاول النظام الهروب والتملص وفشل وتلقى نكسة قوية جدا وهو اليوم أمام خيار التراجع والعودة إلى الشرعية الدولية، أو يستمر في العزلة وهذا يكلفه خسائر أكبر، خاصة إذا أضفنا له مقاومة الشعب الصحراوي بعودة الكفاح المسلح.
الجيش المغربي فُرض عليه الدخول في طوارئ ويتعرض لقصف يومي سبب له استنزافا وضررا معنويا جراء هروب قواته تحت الجدار وأضرارا بشرية حتى أنه يحول الجرحى إلى مستشفيات ميدانية، نظرا لعدم كفاية المستشفيات العسكرية. وهو يتكتم على كل هذا، لكن إلى متى يستمر أمام هذا الوضع، ونحن لا نظن أن المغرب يتحمل هذا الوضع لمدة طويلة أمام تكاليف اقتصادية باهظة تصرف على الجيش والأجهزة الخارجية وكل القنصليات.
- رفضت الولايات المتحدة فتح قنصلية بالصحراء الغربية المحتلة، وكذلك إجراء مناورات “الأسد الإفريقي” في جزء من الأراضي الصحراوية، هل هو تراجع عن قرار ترامب؟
 تشجع واشنطن تطبيع المغرب مع ما يسمى إسرائيل وهذا موقف معروف ودعمهم لهذا “الكيان” لاشك فيه، وبالتالي هم من هذه الناحية يؤيدون هذا الموقف. لكن في الاتجاه الآخر، هذا لا يعني بأي ثمن أو انتهاك للشرعية الدولية، وهو ما فهمته إدارة بايدن من خلال رفضها فتح قنصلية في الصحراء الغربية، وكذلك إجراء جزء من مناورات الأسد الإفريقي رغم إعلان رئيس الحكومة المغربية ذلك. ويفهم من هذا أن واشنطن مستمرة في احترام الشرعية الدولية، لأنها هي راعية السلام في الصحراء الغربية، خاصة منذ تبني مجلس الأمن الدولي خطة السلام وواشنطن هي التي تعدّ كل المشاريع طيلة 30 سنة الماضية.
كما أنها تطالب بتقرير مصير الشعب الصحراوي والدفاع عن المشروع الأممي. ما حصل في عهد ترامب، هو موقف سلبي خارج عن الموقف القديم لأمريكا. والكل يعرف أسلوب ترامب في التعامل مع الدول، لاسيما انسحابه من عدة اتفاقات دولية، على غرار النووي الإيراني واتفاقية المناخ، واليوم نلاحظ أن إدارة بايدن تتراجع على أساس الشرعية الدولية وبالتالي القضية الصحراوية علامة بارزة فيما يخص الشرعية، ونتطلع إلى موقف رسمي سيكون تدريجيا من دون شك يلغي قرار ترامب نهائيا.
- رفع الجيش الصحراوي مستوى الهجمات ضد الجيش المغربي، هل يعني هذا توجه إلى تصعيد في الحرب الدائرة؟
 توقف الصحراويون طيلة 29 سنة من الهدنة واستئناف الحرب الذي تسبب فيه النظام المغربي في 13 نوفمبر الماضي وراهنوا طويلا على مخطط السلام وعادوا للحرب، وكلهم حماس بعودة الكفاح المسلح. لكن النتائج الأولية، وما نقر به هو حرب استنزاف لم تصل بعد إلى عمليات كبرى، مثلما كان في السابق خلال الحرب الأولى، وبالتالي هذه مرحلة تسخين وتحضير قتالي قد تتحول في أي لحظة إلى حرب كبرى قد تضر بالسلام في المنطقة.
لكن دعني أوضح هنا، أن ما يقع الآن جعل النظام المغربي يعبئ كل جيشه ويستنفره وجعله يعيش على أعصابه، ودخل في حالة نفسية صعبة جراء الخسائر المسجلة منذ سقوط اتفاق وقف إطلاق النار. كما أنه يخشى من تصاعد الحرب وشن البوليساريو عمليات كبرى في أي وقت، وبالتالي هو في وضع صعب جدا، جعله يتلقى مساعدة من طرف “إسرائيل” عبر استخدامه طائرات مسيرة وكذلك أسلحة أخرى، ولكن هذا لن ينقذه وهم ساهموا معه سابقا في بناء الحزام الدفاعي ووضع الرادارات ونقل الخبرة “الإسرائيلية” وهم يكررون نفس التجربة وسيلقون حتما نفس المصير.
- وافقت البوليساريو على المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا، لكن لم نشهد أي تقدم في الحديث عن استئناف المفاوضات؟
 نحن الآن أمام امتحان للنوايا ومعرفة من كان يعرقل مهمة المبعوثين ومن يرفض مقترحاتهم قبل ستيفان دي مستورا، وعلى الأمم المتحدة أن تعلن بشكل واضح من يعرقل مهمة المبعوثين في الوقت الحالي، حتى تنكشف الحقيقة أمام العالم.
نحن قلنا وأكدنا أننا اعترضنا على اثنين فقط ويتعلق الأمر بشخصية من رومانيا وآخر برتغالي وذلك على خلفية زيارتهم للمغرب، حيث أدلوا بتصريحات موالية للنظام المغربي ولا يمثلون الحياد المطلوب. لكن إعلاما مواليا يقول إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اقترح 12 مبعوثا أمميا تم رفضهم.
وبحسب علمنا، أن المعرقل هو النظام المغربي. لكن على الأمم المتحدة إزالة الغموض ومعاملة المذنب بما يستحق. الغموض يشجع النظام المغربي على التغطية على جرائمه. لذا نقول، كفى تغطية على جرائم نظام الاحتلال وخطة السلام وانطلاقته الحقيقية، وهذا ما أكدته رئيسة المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، أنهم تقلوا ضغوطا من أطراف دولية لعدم مراقبة وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وبالتالي يجب التخلص من مؤثرات سلبية تمس من عدالة القضية.
وعلى الأمم المتحدة أن تحذو حذو الأمين العام السابق بان كي مون، ونحن من منبر “الشعب” نحييه ونوجه له رسالة شكر، لأنه اعترف بالحقيقة وكله شجاعة. ونحمّل الأمم المتحدة المسؤولية الكاملة ونتطلع إلى أن تكون العهدة الثانية لأنطونيو غوتيريش إيجابية على القضية الصحراوية، لإن عهدته الأولى كانت سلبية وغير حيادية.
- سفر الأمين العام لجبهة البوليساريو الرئيس إبراهيم غالي إلى إسبانيا للعلاج أثار جدلا كبيرا، هل هناك تفاصيل بخصوص هذا الملف؟
 ذهاب الرئيس إبراهيم غالي إلى إسبانيا كان من أجل العلاج في البداية ولم يكن سماعه من طرف المحكمة مبرمجا نهائيا. لقد نقل من أجل تلقي العلاج إثر إصابته بوباء كورونا، لكن المغرب أشعل حربا ضروسا ضد إسبانيا بسبب استقبال رئيس الجمهورية، ومارس عليها ضغوطات كبيرة وأنتم تعلمون ماذا قام به في هذا الصدد. لكن الرئيس وانطلاقا من احترامه للعدالة الدولية ونزولا عند رغبة الشعب الصحراوي قبل سماعه من طرف المحكمة الإسبانية التي برأته في نهاية الأمر، ولم تجد في المزاعم التي رفعتها أطراف مدعومة من المغرب أي دليل، وتيقنت أن ذلك كان مجرد ابتزاز على خلفية موقفها من النزاع في الصحراء الغربية. وكان الرابح هو الشعب الصحراوي الذي حقق انتصارا كبيرا ومكسبا هاما على الساحة الدولية ببراءة الرئيس نهائيا.
- أمام تعطل تسوية النزاع، ما الدور الذي يضطلع به الاتحاد الإفريقي في هذا الوقت؟
 دور الاتحاد الإفريقي مهم جدا. وعلينا أن لا ننسي أن دوره الدبلوماسي هو ما دفع المغرب للانضمام إلى الاتحاد، لمحاولة وقف الدعم الذي تحظى به الجمهورية العربية الصحراوية داخل الاتحاد. لكن محاولاته فشلت تماما، وتجسد ذلك بإخفاقه داخل المفوضية السامية للاتحاد الإفريقي، وحتى خسارته في برلمان عموم إفريقيا ولم يحصد سوى قنصليات فرانكفونية ليس لها معنى على أرض الواقع.
أما بخصوص تحرك الاتحاد الإفريقي، فقد اتخذ قرارات حاسمة في النزاع، لاسيما منذ عودة الحرب الثانية، عبر دعوته لاحترام الحدود الموروثة غداة الاستعمار وهو حاليا يقود جهودا هامة لصالح الجمهورية الصحراوية، باعتبارها عضوا مؤسسا في الاتحاد، ونحن ننتظر الكثير في الأيام القليلة المقبلة.
- وضع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة مقلق، وكذلك استمرار نهب الثروات الطبيعية؟
 لا يزال وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة مؤسف للغاية، جراء الانتهاكات اليومية بحق المدنيين والنشطاء الحقوقيين، لاسيما منذ عودة الحرب على طول الجدار، والنظام المغربي يلجأ إلى كل الأساليب لترهيب النشطاء والمدنيين الذين يدعمون قضيتهم. والمثال على القمع الرهيب، هو ما تتعرض له الناشطة سلطانة خيا التي تلقت أبشع أنواع التعذيب جراء رفعها العلم الوطني الصحراوي على سطح منزلها، وهو ما جعل منظمات حقوقية دولية تندد بهذه الانتهاكات وتطالب بوقفها.
- لوحظ أن وضع اللاجئين الصحراويين في مخيمات اللجوء ازداد سوءاً مع تراجع مساعدات المانحين، تزامنا وانتشار وباء كورونا. ما تعليقكم؟
 بالفعل الوضع الإنساني في مخيمات الصحراويين في تراجع بفعل طول النزاع من جهة، وملل المانحين من جهة أخرى، وهو ما أدى إلى تفاقم وضع اللاجئين من ناحية تأخر التمويل والمساعدات، لاسيما مع الوضع الصحي الاستثنائي لانتشار وباء كورونا.
لكن دعني أقف هنا لأثمّن دور الجزائر الكبير في الوقوف مع اللاجئين، من خلال رفع مساعداتها الإنسانية وتقديم خدمات خاصة منذ بداية الأزمة الصحية، تمثلت في استحداث مستشفى عسكري ميداني خصص لمتابعة المرضى، ناهيك عن دورها الدائم في تعزيز التعليم والصحة بشكل عام وتوفير كل الأساسيات الضرورية للشعب الصحراوي. كما أن هناك تنسيق دائم بين الهلال الأحمر الصحراوي والهلال الأحمر الجزائري لتقديم المساعدات.
- كلمة أخيرة سعادة السفير؟
 أشكر جريدة “الشعب” على هذا اللقاء، وأؤكد أن الشعب الصحراوي يعيش بأمل كبير لمواصلة ثورة التحرير عن طريق النضال، الذي يعتبر الطريق الوحيد لتحقيق الاستقلال والشعب الصحراوي كله إرادة وعزم على تحقيق هذا في أقرب وقت.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024