بلدان ساحلية منخفضة على خط المواجهة

إنذار شديد للإنسانية والاقتصاد أول متضرر

ف. بودريش

لن ينجو أحد من تداعيات السموم المنبعثة في المناخ والمخربة للبيئة، ولن يقف العالم عند تحذيرات الدول المعرضة لتغير المناخ وتقترب شيئا فشيئا من مصير الانقراض المؤلم لذا صرخات عديدة وقوية تتعالى هنا وهناك ترافع للتعجيل باتخاذ الإجراءات الفعلية في الوقت المناسب، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بيئة وزراعة واقتصاد عالمي يواجه عواقب وخيمة.

عقب نشر تقرير تاريخي للأمم المتحدة حول حقيقة مرّة تتمثل في كون الاحتباس الحراري مرشح أن يحول أجزاء من العالم غير صالحة للسكن، وصف زعماء العالم بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني الوضغ بالكارثي، وبات ينظر إلى هذه الدراسة العميقة على أنها جرس إنذار شديد اللهجة، لما لا يقل عن 50 دولة ستكون الأولى في قائمة ضحايا تأثيرات تغير المناخ.
صار الجميع مدركا أن التغير المناخي الذي بدأ العالم يقترب منه شيئا فشيئا سيضر الجميع سواء كليا أو جزئيا، لأن جميع الاقتصادات ستتأثر وبسبب ذلك سيتراجع النمو خاصة الفلاحي الذي سيقل مردوده وتتلاشى جودته، وكل ذلك من دون شك سيؤثر كثيرا على صحة الإنسان بعد عبثه ببيئته ومحيطه الذي يعيش فيه ويعد جزءا لا يتجزأ من حاضره ومستقبله. فماذا سيقال للأجيال المقبلة لأن الأجيال الحالية والسابقة تتحمل مسؤولية تدمير الكوكب بالسموم، لأنه على ضوء آخر تقرير أصدرته اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، ستصبح موجات الحرارة والأمطار الغزيرة والجفاف أكثر شيوعا وتطرفا، حيث وصفها الأمين العام للأمم المتحدة بأنها إنذار أحمر «شديد» للإنسانية لتستعد نحو ما ينتظرها.
ويفيد هذا التقرير بحقيقة وجود أدلة قاطعة على أن البشر هم المسؤولون عن زيادة درجات الحرارة.. ويتوقع أنه خلال العقدين المقبلين، من المرجح أن ترتفع درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر، ولكن لا يمكن استبعاد ارتفاعه مترين بحلول نهاية القرن.
ما يضع دولا بعينها دون الأخرى تقف حاملة لثقل العبء الأكبر لتغير المناخ.. فهل يتحرك الجميع لتأمين مستقبل الكوكب وإنقاذه من الغرق والدمار؟.
لعل من الحلول الأولية المتاحة والتي يجب المسارعة لتبنيها، القفز إلى حتمية التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة لاحتواء والحد من الاحتباس الحراري وكذا توفير الدعم المالي اللازم للدول الموجودة على خط المواجهة، علما أنه بموجب اتفاقية باريس لعام 2015، اتفقت أكثر من 190 حكومة على أن العالم يجب أن يحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى درجتين مئويتين أو 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي. لكن التقرير الجديد يقول إنه في ظل جميع السيناريوهات، لن يتحقق كلا الهدفين هذا القرن ما لم يتم إجراء تخفيضات كبيرة في الكربون.
واعترف مبعوث المناخ الأمريكي جون كيري بقلق كاشفا إنه للوصول إلى هذه الأهداف، تحتاج الدول إلى تغيير اقتصاداتها بشكل عاجل. وهذا ما يبدو في الوقت الراهن بالنسبة للكثيرين مستحيلا في ظل الخسائر التي تكبدتها الدول بسبب الجائحة، ومازالت لم تتجاوزها بسبب عودة موجة جديدة لا تقل شراسة عن المتحورات السابقة، وعلى سبيل المثال نجد أن ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في الإتحاد الأوروبي عادت إلى إجراءات الغلق مجددا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024