أفادت صحيفة “إكسترا بلاديت” الدنماركية، استنادا إلى مقابلات حصرية مع عمال في ميناء طنجة المتوسط، أن المدير التنفيذي الأعلى لشركة “إيه. بي. مولر ميرسك” الدنماركية، فينسنت كليرك، زار المغرب في ديسمبر الماضي في محاولة لتهدئة حالة الغضب بين العمال بعد أن تم توجيه سفن تابعة للشركة إلى ميناء طنجة محمّلة بمعدات عسكرية متجهة إلى الكيان الصهيوني، وذلك عقب رفض السلطات الإسبانية السماح لهذه السفن بالرسو في ميناء الجزيرة الخضراء بسبب الاشتباه في انتهاك الحظر الإسباني على تصدير الأسلحة للصهاينة.
وفقا لتحقيق استقصائي نشرته الصحيفة، في 18 مارس الماضي، فإن الزيارة جاءت وسط احتجاجات عمالية واسعة في ميناء طنجة، حيث رفض عدد من العمال التعامل مع الحمولة العسكرية، معتبرين أن مشاركتهم في تحميلها تمثل دعما مباشرا للحرب التي يشنّها الجيش الصهيوني على قطاع غزة. وأفاد أحد العمال، أن الموظفين شعروا بالخداع بعدما تأكدوا من طبيعة الشحنة التي تضمنت مركبات مدرعة وأجزاء لطائرات مروحية وناقلات سجناء ومعدات ثقيلة، وأكد أن الحاويات كانت متجهة إلى ميناء حيفا بفلسطين المحتلة.
شعرنا وكأنّنا مجرمي حرب
العمال الذين تحدّثوا للصحيفة، أشاروا إلى أنهم تعرضوا لضغوط شديدة من الإدارة المحلية للشركة في طنجة، حيث هُدّد الموظفون بالفصل أو الإقصاء في حال رفضوا التعامل مع الشحنات العسكرية. وأضافوا أن معظمهم يعارضون تحميل هذه الشحنات، لكنهم يخشون فقدان وظائفهم في ظل ظروف معيشية صعبة وغياب بدائل اقتصادية. وصرّح أحدهم أنه شعر وكأنه مجرم أثناء مشاركته في تحميل شحنات الأسلحة، مضيفا: “ما يحدث في غزة إبادة جماعية، وأنا أساهم في قتل الأبرياء… أنا متأكد أن 99 بالمائة من المغاربة يشعرون مثلي”. وكشف أنه عند تأكيد الوجهة النهائية للشحنات، اندلعت مظاهرات داخل الميناء وفي مدينة طنجة، حضرها محتجون من مختلف المدن المغربية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة المغربية تعلن رسميا دعمها لوقف دولي لتصدير الأسلحة للكيان الصهيوني، لكنها في الواقع تحتفظ بعلاقات وثيقة معه في مجالات متعددة من بينها التعاون العسكري، ما يضع العاملين في الموانئ في موقف حرج بين ضمائرهم والمواقف الرسمية.
فيما نفت شركة ميرسك في ردها للصحيفة الادعاءات المتعلقة بممارسة الضغط على العمال أو نقل أسلحة إلى مناطق نزاع.
لكن العمال الذين تحدثوا للصحيفة أكدوا أن الشحنات تم تحميلها على متن سفن “ميرسك” مثل “ميرسك دنفر” و«ميرسك سيليتار”، وقد تعرفوا على طبيعة المحتوى من خلال الوثائق المتوفرة وكذلك من خلال المعاينة المباشرة، مشيرين إلى أن السلطات الإسبانية منعت دخول هاتين السفينتين إلى أراضيها يومي 9 و14 نوفمبر 2024.
يُذكر أن عدة دول أوروبية مثل بلجيكا وهولندا وإيطاليا تبنت مؤخرا قيودا على تصدير الأسلحة للكيان الصهيوني، تماشيا مع دعوات حقوقية دولية لوقف دعم حرب الإبادة في غزة.
وفي سياق ردود الفعل المحلية، وثقت الصحيفة أن الناشط المغربي إسماعيل غزاوي اعتُقل لمدة شهرين بعد دعوته لمقاطعة العمل في ميناء طنجة وتنظيمه مظاهرات ضد نقل السلاح إلى الكيان الصهيوني، مما يعكس أجواء القمع السياسي الذي يخشى العمال أن يطالهم أيضا.