دعت الجمهورية الصحراوية في مداخلتها تعقيبا على تقرير المقرر الخاص بحرية التعبير والإعلامي في اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان، إلى إدانة القمع المستمر لحرية التعبير والوصول إلى المعلومات وحماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، خلال جلسة مناقشة تقارير آليات وميكانزمات اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
أعربت الجمهورية الصحراوية من خلال مداخلة السفير ماء العينين لكحل، نائب الممثل الدائم للجمهورية الصحراوية لدى الاتحاد الأفريقي عن قلقها البالغ إزاء القمع الممنهج لحرية التعبير والوصول إلى المعلومات في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية. فعلى الرغم من التزاماتها القانونية الدولية، تواصل السلطات الاستعمارية المغربية استخدام إجراءات قمعية لإسكات الأصوات الصحراوية الداعية إلى تقرير المصير وحقوق الإنسان.
ولقد أفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن السلطات المغربية صعّدت من مضايقاتها للنشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأخضعتهم لمحاكمات واحتجازات جائرة. كما أنها تُطبّق القوانين التي تُجرّم الخطاب السلمي، ولا سيما الخطاب الذي يرفض المطالب المغربية بالصحراء الغربية، بشكل روتيني ومنهجي لقمع هذا الرفض.
من جهة أخرى، يُجسّد استخدام برامج التجسس ضد النشطاء مدى القمع، حيث وجد مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية أن أمينتو حيدر، المدافعة عن حقوق الإنسان الحائزة على جوائز متعددة في مجال حقوق الإنسان، قد استُهدفت ببرنامج بيغاسوس للتجسس بين عامي 2018 و2021 مثل الكثير من المدافعين الصحراويين.
كما خلص فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي إلى أن الناشط الإعلامي الصحراوي محمد البمباري قد احتُجز تعسفيًا من قبل السلطات المغربية، في انتهاك لحقوقه في الإجراءات القانونية الواجبة. ودعا فريق العمل إلى الإفراج الفوري عنه وتعويضه.
إلى ذلك، أفادت منظمة العفو الدولية أن السلطات الاستعمارية المغربية فرضت قيودًا على المعارضة والحق في التجمع السلمي. ففي ماي 2023، راقبت الشرطة منزل الناشطة محفوظة لفقير في العيون المحتلة، وضربت زوارها وشتمت عائلتها لفظيًا. وفي سبتمبر فرّقت السلطات المغربية بالقوة احتجاجًا سلميًا في العيون، واعتدت على ما لا يقل عن 23 متظاهرًا صحراويًا.
وتُشكل هذه الإجراءات انتهاكًا واضحًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. وعليه فإن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تحث اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب على اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة هذه الانتهاكات وضمان حماية حرية التعبير والوصول إلى المعلومات في الصحراء الغربية، ودعت المفوضية الافريقية إلى إدانة القمع المستمر لحرية التعبير والوصول إلى المعلومات في الصحراء الغربية.
وحثت السلطات المغربية على وقف مضايقة النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان واعتقالهم تعسفيًا. كما دعت إلى إجراء تحقيقات مستقلة في حالات الاعتداء والمراقبة ضد النشطاء الصحراويين. ودعم إنشاء آلية دائمة لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.
تعذيــب وسوء معاملة
هذا، وعبر ممثل الجمهورية الصحراوية، السفير ماء العينين لكحل، عن قلق بلاده “العميق إزاء الاستخدام المستمر والمنهجي للتعذيب وسوء المعاملة من قبل قوات الاحتلال المغربي غير الشرعي ضد المدنيين الصحراويين والسجناء والمتظاهرين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان في مناطق الصحراء الغربية، الخاضعة للاحتلال الاستعماري المغربي.”
ووثّقت تقارير آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة هذا الواقع المقلق باستمرار، حيث أعربت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، في ملاحظاتها الختامية بشأن المغرب، عن قلقها البالغ إزاء حالات تعذيب وسوء معاملة، لا سيما فيما يتعلق بالمعتقلين الصحراويين والمدافعين عن حقوق الإنسان. كما أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة آراءً عديدة تؤكد الاحتجاز التعسفي للنشطاء الصحراويين، والذي غالبًا ما يستند إلى اعترافات منتزعة تحت التعذيب.
وتُعدّ قضية مجموعة أكديم إزيك مثالًا واضحًا على ذلك، حيث حُكم على هؤلاء المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان المعتقلين بناءً على اعترافات انتُزعت منهم بالإكراه تحت وطأة التعذيب الشديد - وهي اعترافات وثّقها مراقبون دوليون ومنظمات غير حكومية دولية معنية بحقوق الإنسان، وأدانتها الآليات الخاصة للأمم المتحدة. ورغم الدعوات المتكررة لإجراء تحقيقات نزيهة ومحاكمات عادلة، يواصل المغرب تجاهل التزاماته الدولية في ظل إفلات تام من العقاب.