تواصلت مجازر الاحتلال الصهيوني، أمس الأربعاء، في مناطق متفرّقة في قطاع غزة، ضمن حرب الإبادة المستمرة للشهر العشرين على التوالي، تزامنا مع استهداف عدد من الفلسطينيين قرب مراكز المساعدات غرب مدينة رفح جنوب القطاع.
ومع استمرار المجاعة التي تنهش سكان قطاع غزة المحاصر، وتصاعد الغارات والتوغلات البرية، انفجر الوضع الإنساني والأمني في رفح جنوبي القطاع، حيث تحوّلت محاولة توزيع المساعدات الأميركية الصهيونية إلى مشهد من القتل والفوضى والمواجهات والاعتقالات.
استشهد 28 فلسطينيا وأصيب 179 آخرون، جراء غارات وعمليات قصف مروعة شنّها الاحتلال الصهيوني على مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ فجر أمس الأربعاء، وهو اليوم 600 لحرب الإبادة الصهيونية المتواصلة على القطاع المحاصر بالنار والمجاعة. وارتكب الاحتلال الصهيوني فجر أمس الأربعاء مجزرتين جديدتين في وسط وشمالي قطاع غزة، ونفذت بالتزامن عمليات نسف جديدة للمباني السكنية.
قصـف وإعدام للمدنيّـــين
وفي أحدث اعتداء للاحتلال، استشهد 4 فلسطينيين جراء استهدافهم بطائرة مسيرة في محيط مدرسة الفاخورة بمخيم جباليا شمالي القطاع. كما أصيب 4 فلسطينيين، بينهم طفل، جراء إطلاق نار من الاحتلال الصهيوني استهدف مواطنين بمنطقة المواصي غربي مدينة رفح جنوبي القطاع. ووفق مصادر طبية وشهود عيان، استشهد 9 مدنيين فلسطينيين وأصيب 12 آخرون، إثر قصف شنته طائرة حربية للاحتلال على منزل لعائلة العربيد في مدينة غزة شمال القطاع.
وأعدمت قوات الاحتلال الصهيوني، فجر أمس الأربعاء، شاباً على سرير نومه خلال اقتحام منزله في بلدة جيت، شرقي قلقيلية، شمالي الضفة الغربية المحتلة، في حين اعتدت قوة خاصة من جيش الاحتلال بالضرب على شاب أمام زوجته وأبنائه في منزله بمخيم شعفاط، شمال شرقي القدس المحتلة، ما أدى إلى إصابته بجروح ورضوض.
وتزامناً مع اعتداءات جيش الاحتلال، يواصل المستوطنون هجماتهم في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة، إذ هاجم مستوطنون قرية رمون، شرقي رام الله، وسط الضفة، وأحرقوا عدداً من المركبات وخطوا شعارات عنصرية على منازل الفلسطينيين، كما أحرقوا أراضي زراعية في قرية المغير، شمال شرقي رام الله.
وشهد مركز توزيع المساعدات في غرب مدينة رفح حالة من الفوضى العارمة، بعد تدافع آلاف المواطنين المحاصرين بالجوع، واعتقال الاحتلال الصهيوني عدداً من الشباب، وسط إجراءات أمنية مهينة شملت أخذ بصمات العيون. وترافق ذلك مع إطلاق نار أدى إلى سقوط شهداء، وكذا تحليق مروحيات، ما فاقم حالة الاحتقان الشعبي والاتهامات باستخدام الإغاثة غطاءً لتحرك أمني واستخباري. ما يعكس فشل الآلية المفروضة ميدانياً، وسط اتهامات بأن الخطة ذات طابع “أمني” بالأساس، في ظل انسداد في مسار التفاوض وغياب أفق لوقف العدوان.
إصابة 47 شخصاً خلال توزيع المساعدات
قالت مفوّضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أمس الأربعاء، إنّ 47 شخصاً أصيبوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية في مواقع توزيع في قطاع غزة تديرها مؤسسة غزة الإنسانية. وقال أجيث سونغاي مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، “أصيب 47 شخصاً جراء إطلاق نار”، مضيفاً أنّ مطلق النار كان الاحتلال الصهيوني.
كما أكّد “المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا”، فقدان عدد من الفلسطينيين بعد توجههم تسلم المساعدات غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث استشهد 3 فلسطينيين وأصيب العشرات بنيران الاحتلال الصهيوني قرب نقطة لتوزيع المساعدات.
وقال المركز إنّه “يتابع بقلق فقدان عدد من المواطنين بعد توجههم إلى إحدى نقاط توزيع المساعدات الأميركية في رفح، حيث لم يعودوا إلى منازلهم ولا تتوفر حتى الآن معلومات مؤكدة عن مصيرهم”.
وحمّل المركز في بيان له “الاحتلال المسؤولية الكاملة عن اختفائهم”، مطالبًا “بالكشف الفوري عن مصير المفقودين وضمان حماية آمنة وعادلة لعمليات توزيع المساعدات الإنسانية”. كما حذر من “خطورة تكرار مثل هذه الحوادث في ظل الفوضى الأمنية وغياب ضمانات الحماية للمدنيين”.
فشل آلية المساعدات المشبوهة
وقالت حماس إنّ مشاهد اندفاع الآلاف لمركز توزيع المساعدات وما رافقها من إطلاق الرصاص على المواطنين، تؤكّد بما لا يدع مجالا للشك فشل هذه الآلية المشبوهة. وأضافت الحركة، في بيان لها، أن هذه الآلية تحوّلت إلى فخّ يُعرّض حياة المدنيين للخطر، ويُستغل لفرض السيطرة الأمنية على قطاع غزة تحت غطاء المساعدات. وشددت حماس على أن خطة توزيع مساعدات الاحتلال الصهيوني صُمّمت خصيصًا لتهميش دور الأمم المتحدة ووكالاتها، وتهدف إلى تكريس أهداف الاحتلال السياسية والعسكرية، والسيطرة على الأفراد لا إلى مساعدتهم، مما يُعدّ خرقًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي.
وشدّدت على أنّ ما يسمى بمواقع التوزيع الآمن التي تقام في مناطق عازلة، ليست سوى نموذج قسري لممرات إنسانية مفخخة، يجري من خلالها إهانة المتضرّرين عمدًا، وتحويل المعونة إلى أداة ابتزاز ضمن مخطط ممنهج للتجويع والإخضاع، وسط استمرار المنع الشامل لإدخال المساعدات عبر المعابر الرسمية، في انتهاك واضح للشرعية الدولية.
ودعت حماس المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والدول العربية والإسلامية، إلى التحرّك العاجل لوقف هذا المخطط الخطير، والضغط لإلزام الاحتلال بفتح المعابر، وتمكين إدخال المساعدات عبر الأمم المتحدة ومؤسساتها الإنسانية المعتمدة دوليًا.
من جهته، وصف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ما جرى في رفح بالمجزرة الحقيقية وجريمة الحرب المتكاملة الأركان.
واعتبر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن مشروع الاحتلال لتوزيع المساعدات عبر ما يُسمى المناطق العازلة قد فشل فشلا ذريعا، وأضاف أنّ ما يجري هو دليل قاطع على فشل الاحتلال في إدارة الوضع الإنساني الذي تسبب به عمدا. كما طالب المكتب بإرسال لجان تحقيق دولية مستقلة لتوثيق جرائم التجويع والإبادة، وعبر عن رفضه القاطع أي مشروع يعتمد “المناطق العازلة” أو “الممرات الإنسانية” تحت إشراف الاحتلال الصهيوني.
ومن جهة أخرى، أعلنت مصادر طبية، أمس الأربعاء، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 54.084 شهيدا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الصهيوني في السابع أكتوبر 2025. وأضافت نفس المصادر، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 123.308 منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.