أكّد الحزب الشعبي المحافظ المتزعم للمعارضة في إسبانيا على ضرورة تأييد مساعي الأمم المتحدة لحل القضية الصحراوية، وجدّد استنكاره لموقف حكومة مدريد المؤيد للطرح الاستعماري المغربي في الصحراء الغربية المدرجة ضمن الأقاليم المعنية بتصفية الاستعمار منذ أزيد من ستة عقود.
أكّد حزب الشعب الاسباني، برئاسة ألبرتو نونيز فيخو، التزامه باحترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالصحراء الغربية، وفق ما تضمنته الورقة السياسية للحزب التي توّجت مؤتمره 21 الذي عرف حضور ممثل جبهة البوليساريو بإسبانيا، عبد الله العرابي، بدعوة من الحزب.
وجاء في الورقة السياسية التي تعد خارطة طريق الحزب خلال الفترة المقبلة: “سندافع دائما عن احترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بشأن الصحراء الغربية”.
وكتب النائب بالحزب، كارميلو باريو، على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي: “لقد استقبلنا اليوم في المؤتمر الوطني 21 لحزب الشعب ضيفا مميزا للغاية، وهو ممثل الشعب الصحراوي في إسبانيا وقد عبرنا عن مشاعرنا الأخوية لهذا الشعب الشقيق”.
وفي مقال له بصحيفة “ال إنديبنديانتي” الإسبانية تحت عنوان “حزب الشعب يتراجع عن خارطة طريق الحزب الاشتراكي الإسباني مع المغرب ويدافع عن القانون الدولي في الصحراء الغربية”، لفت الصحفي فرانسيسكو كاريون إلى أن دعوة حزب الشعب لممثل جبهة البوليساريو لمؤتمره الوطني الأخير تتعارض مع موقف الحزب الاشتراكي الإسباني الحاكم الذي قطع علاقاته مع جبهة البوليساريو على الرغم من توجهه الاشتراكي”.
التزام بالقرارات الأممية
وأبرز الصحفي الإسباني أن حزب الشعب أكّد في ورقته السياسية التزامه باحترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بشأن الصحراء الغربية في مرحلة اتّسمت بتغير موقف مدريد وانحيازها أحادي الجانب ودون دعم من مجلس النواب لأطروحات المغرب التوسعية.
وكان حزب الشعب قد طالب في العديد المرات الحكومة الإسبانية بالرجوع إلى “التوافق والإجماع السياسي” بشأن قضية الصحراء الغربية، وذلك طبقا للقرارات التي اعتمدتها الأغلبية المطلقة للنواب في 30 جوان و13 جويلية 2022.
كما كان زعيمه نونيز فيخو قد أرسل رسالة الى ملك المغرب محمد السادس يشير فيها أنه في حالة وصوله الى رئاسة الحكومة الإسبانية لن يلتزم بموقف سلفه سانشيز بشأن دعم الحكم الذاتي في الصحراء.
علاقات متينة مع البوليساريو
في السياق، أكّد ممثل جبهة البوليساريو في إسبانيا، عبد الله العرابي، أن مشاركة جبهة البوليساريو في مؤتمر الحزب الشعبي الإسباني تأتي في إطار العلاقات الثنائية التي تربط الجبهة بالحزب، و«يعكس عمق التواصل بين الطرفين”.
وأوضح العرابي أنّ “الأحزاب السياسية الإسبانية عموما مواقفها ثابتة في دعم كفاح الشعب الصحراوي من أجل تقرير مصيره واستكمال مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية”، مشددا على أن العمل من أجل تعزيز التضامن مع قضية الشعب الصحراوي في إسبانيا وأوروبا “مستمر بشكل يومي”، رغم حملات التضليل المغربية.
وأضاف: “إنّنا نواصل العمل مع الأحزاب والهيئات السياسية في إسبانيا لدعم الشعب الصحراوي، ونحن نعرف أنّ كل انتصار تحققه القضية الصحراوية سيقابله حتما محاولات تضليل وتشويه من دولة الاحتلال المغربي، لذلك نحن مستمرّون في التأكيد على أنّ الحل الوحيد للقضية الصحراوية هو وجود دولة صحراوية حرة مستقلة على أراضيها”.
صدمة مغربية
هذا وقد تسبّب موقف حزب الشعب الاسباني في صدمة كبيرة للمغرب، حيث أكّدت صحيفة “إل كونفيدونسيال” أنّ صحافة المخزن شنّت هجوما لاذعا على حزب الشعب الاسباني، واصفة إيّاه بأنه “معاد للمغرب”.
وأوضحت الصّحيفة أنّ الحملة المغربية انطوت على تناقضات عدة، حيث حاولت الرباط استثمار نفوذها المالي والسياسي لتشويه صورة الحزب الشعبي، لكنها فشلت في مواجهة الحقائق القانونية والتاريخية التي تدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره واستقلاله. وأضافت الصحيفة أنّ الإعلام المغربي أظهر ضعفا واضحا وهشاشة في استراتيجياته الدعائية، إذ اعتمد بشكل مفرط على الابتزاز السياسي والضغوط الدبلوماسية، ممّا كشف عن عمق الأزمة التي يعانيها المخزن في تبرير احتلاله للصحراء الغربية أمام الرأي العام الدولي، مشيرة إلى أن هذه الحملة لم تستطع تغيير الحقائق الثابتة في القانون الدولي التي تؤكد أن الصحراء الغربية إقليم محتل، وأنّ حل النزاع يكمن في احترام قرارات الأمم المتحدة.
وشدّدت الصّحيفة على أنّ رد الفعل المغربي كشف عن حالة الارتباك والضعف في صفوف المخزن، الذي يسعى لإخفاء استمرارية النضال الصحراوي المشروع والمساندة الدولية المتزايدة لقضيته، مضيفة أن محاولة التشويه والتضليل التي تبنّاها الإعلام المغربي لن تؤثر في إرادة الشعب الصحراوي ولا في دعم المجتمع الدولي، بل ستزيد من انكشاف تناقضات الدعاية المغربية أمام القانون وحق تقرير المصير.