نشرت صحيفة “بريميوم تايمز” النيجيرية مقالاً نقدياً قوياً للكاتب أحمد أمينو-رماتو يوسف بعنوان “المغرب ونهب الصّحراء الغربية”، بتاريخ 9 جويلية 2025، أكّد فيه أنّ أنشطة المغرب في مجال الطاقة المتجدّدة في الصّحراء الغربية المحتلة لا تمثل تقدّماً، بل تعمّق من جذور الاستعمار والاستغلال.
خلُص المقال، استناداً إلى تقرير سنة 2025 الصادر عن المرصد الصّحراوي للموارد الطبيعية وحماية البيئة، إلى أنّ الطفرة في مشاريع الطاقة المتجدّدة في الصّحراء الغربية قد تحولت إلى كارثة إنسانية، سياسية، اقتصادية وبيئية لسكان الصّحراء الغربية، الذين ما زالوا محرومين من فوائدها ويُسحقون تحت نير الاحتلال.
ويؤكّد الكاتب أنّ المغرب، بدعم من قوى خارجية، يشارك في نهب واسع النطاق لموارد الطاقة المتجدّدة الغنية في الصّحراء الغربية. ويشير يوسف إلى أنّ هذه المشاريع (طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والهيدروجين) مصمّمة لخدمة مصالح المغرب والشركات المتعدّدة الجنسيات والحكومات الأجنبية، وليس الشعب الصّحراوي. ويعكس هذا النموذج من الاستغلال ما كان سائداً خلال الحقبة الاستعمارية، وإنْ تحت غطاء “التنمية المستدامة”. ويبرز يوسف الفرق بين النظام الاستعماري الأوروبي السابق، الذي كان محكوماً بما وصفه بـ«الأخلاقيات المتحضّرة”، والنظام المغربي الملكي السلطوي، الذي وصفه بـ«الوحشي والفاشي” في تعامله مع الأراضي المحتلة. ويؤكّد أنّ المغرب، كدولة تابعة ونيوليبرالية، يستخدم القوة والتهجير والتغيير الديموغرافي لترسيخ احتلاله.
وبحسب تقرير المرصد، تبلغ الطاقة المركّبة لطاقة الرياح في الأراضي المحتلة 792.2 ميغاواط، مع إنتاج سنوي يتجاوز 1.5 مليون ميغاواط/ساعة. أما الطاقة الشمسية فطاقة إنتاجها 455 ميغاواط. وتدر هذه المشاريع على المغرب عائدات سنوية تقارب 1.95 مليار دولار أمريكي، بينما لا يستفيد الصّحراويّون بأيّ شكل من هذه الثروات. بل تُدمج الطاقة المنتجة في الشبكة الوطنية المغربية وتُصدّر إلى الخارج، فيما تجني الشركات الأجنبية – من فرنسا وإسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة وغيرها – أرباحاً طائلة.ويستعرض يوسف في مقاله حجم الإستثمارات الأجنبية في هذه المشاريع، مشيراً إلى التزامات ضخمة من دول أوروبا وأمريكا وآسيا والشرق الأوسط، حيث أنّ فرنسا وحدها خصّصت أكثر من 10 مليارات يورو عام 2024، والإمارات استثمرت ما يزيد عن 25 مليار دولار أمريكي.
شراكـــــة ترسّـــخ الاحتـــــلال
ويؤكّد المقال أنّ هذه الاستثمارات لا تقتصر على تمويل البنية التحتية، بل تساهم أيضاً في تمويل وتعزيز الاحتلال المغربي للصّحراء الغربية. وبالتالي، فإنّ الشركاء الأجانب يصبحون متواطئين في نظام ينتهك القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر التغيير الديموغرافي في الأراضي المحتلة.
ومن النقاط الجوهرية التي سلّط عليها المقال الضوء، التغيير الديموغرافي الذي يدفع به المغرب، عبر نقل مستوطنين مغاربة إلى المنطقة وتوظيفهم في قطاع الطاقة، فيما يُهجَّر الصّحراويّون من أراضيهم ويُجرّدون من حقوقهم ويُعرّضون لانتهاكات منهجية.
ويصف يوسف هذه الممارسات بأنها شكل حديث من أشكال الفصل العنصري، مستشهداً بانتهاكات حقوق الإنسان الواسعة، مثل الاعتقال التعسفي، التعذيب، وقمع حرية التعبير والتنقل. ويختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أنّ مشاريع الطاقة المتجدّدة في الصّحراء الغربية تحوّلت إلى أداة سياسية في يد المغرب، تعزّز هيمنته الاقتصادية وتعرقل حقّ الشعب الصّحراوي في تقرير المصير، وتقوّض الجهود الدولية للتوصل إلى حل عادل للنزاع.